"القتل والعنف والفساد والظلم"، ربما ارتبطت في الأذهان تلك الكلمات بحدوتة "المهدي المنتظر" التي ترددت كثيرا على الاذهان في الفترة الماضية دون وعي بحقيقتها، على غرار ذلك وقعت العديد من الجرائم على خلفية تبني فكرة ظهور المهدي المنتظر.
اعتقاد الشيعة
وفي هذا يعتقد الشيعة الإمامية أن إمامهم الثاني عشر، محمد بن الحسن العسكري، المولود سنة 255 هجرية، دخل في غيبتين، يسمون الأولى منهما "الغيبة الصغرى"، والتي بدأت بعد وفاة والده الإمام الحسن العسكري سنة 260هـ، حين كان عمره خمس سنوات، واستمرت إلى سنة 329هـ، فتكون مدتها 69 عاما.
أما الغيبة الثانية – وفق عقائد الإمامية – فقد ابتدأت في سنة 329 هـ ولا تزال مستمرة حتى الآن.
ويعتقد الشيعة أن ظهور المهدي يمثل آخر حلقة من حلقات الصراع الدائم بين أهل الحقّ وأهل الباطل، ولذلك فلم يعد الشيعة يطيقون غيابه؛ ولم يعودوا يكتفون بالدعاء له بالقول "عجل الله فرجه"؛ بل إن الأمر تحول لديهم إلى هاجس دائم يستوجب منهم العمل على "إطلاق سراحه".
وعلى خلفية تلك الاعتقادات وقعت العديد من الجرائم، ففي ابريل 2012 قام مختل عقليًا بالدخول إلى مقر قسم شرطة وطلب من الضباط تحرير محضر ضد رئيس الجمهورية، وعندما أبلغه أحد الضباط بعدم وجود رئيس حالي للبلاد انتابته حالة من الهياج وقام بإخراج سكين من بين طيات ملابسه وطعن الضابط في رقبته، وتم نقل الضابط في حالة خطيرة إلى المستشفى وضبط المتهم الذي أخذ يردد أنه «المهدي المنتظر».
أما في القليوبية شهدت "قليوب" جريمة قتل بشعة حيث قام مختل عقليًا بقتل جاره بـ 10 طعنات بالسكين، وعندما تدخل الأهالي لإنقاذه أصاب 3 آخرين منهم بعدة طعنات بينهم شقيقه، وبمناقشة المتهم في التحقيقات أخذ يهذي بكلمات غير مفهومة منها: "أنا قاتل الشيطان.. أنا المهدي المنتظر".
تعود تفاصيل الجريمة، بوصول بلاغ للمقدم حازم سعد، رئيس مباحث مركز قليوب يفيد مقتل "روماني.ن، 26 سنة، عامل".
بانتقال رجال المباحث تبين أن الجثة ملقاة بالشارع وبها 10 طعنات وأن المتهم "عمرو. ع، 33 سنة، كهربائي"، جار المجني عليه بنفس العقار وأنه مصاب باضطراب نفسي منذ فترة، وأنه كان يدعى أنه "المهدي المنتظر"، وأحيانا يخرج في الشارع عاريا تماما من ملابسه ويوم الواقعة شاهد المجني عليه بصحبة زوجته فقام بمحاولة قتلها وعندما هربت منه قام بالإمساك بزوجها وسدد له 10 طعنات في البطن والظهر بالسكين فسقط قتيلا وسط بركة من الدماء وأثناء محاولة الجيران الإمساك بالمتهم قام بإصابة 3 منهم بينهم شقيقه ويدعي " أحمد. ع".
وفي الجيزة كشفت تحقيقات نيابة حوادث جنوب الجيزة، برئاسة المستشار أسامة حنفي، في واقعة قتل طالب لـ"دجال" داخل شقتة بمنطقة بولاق الدكرور، إن المتهم يدعي أمير. م. أ 20 سنة، طالب، وتعرف على المجني عليه جمال. م. ح 63 سنة موظف بالمعاش منذ 3 سنوات عندما شاهد صفحته على موقع "فيس بوك"، واعتقد أنه شيخ، وكان المتهم آنذاك بدأ في التدين وإطلاق لحيته فأراد أن يتعرف شخصيا على صاحب الصفحة ويصبح من مريديه، وبالفعل تواصل معه وتوجه إليه والتقى به أكثر من مرة، وفي كل لقاء كان يفاجأ به يخبره بأقاويل غريبة منها إنه "المهدي المنتظر".
وأضاف المتهم خلال التحقيقات التي باشرها معه أحمد حلمي مدير نيابة حوادث جنوب الجيزة، أنه لم يلتق لفترة طويلة بالمجني عليه حتى جاء يوم الجريمة، وخطط لقتله بسبب ما سمعه منه من كلام غريب، وقرر إقامة حد القتل عليه فأعد سكينا كبيرا طوله قرابة 40 سم وتوجه إلى منزله وفور دخوله غرفته أخرج السكين وشق بطنه من أعلى لأسفل ثم ذبحه من رقبته حتى كاد يفصلها عن جسده ثم مزق قدميه وكاد يقطعها ولم يكتف بذلك بل قام بتشويه وجهه وذقنه بالسكين ثم ترك "الشبشب" الذي كان يرتديه لكي يتمكن من الهرب ونزل إلى الشارع، وعندما استغاثت اسرة القتيل حاول المارة الإمساك به إلا إنه خشي من تجمعهم حوله وأخبرهم أنه سيقوم بتسليم نفسه إلى قسم الشرطة فاصطحبوه إلى قسم بولاق الدكرور.
لم تكن تلك الجرائم هي الاولي او الأخيرة التي يتسبب فيها اكذوبة المهدي المنتظر حيث وقعت الحادثة الكبرى في عام 1979 بالتحديد 20 نوفمبر عندما دخل جهيمان بن محمد بن سيف العتيبي الذي كان يعمل موظفا في الحرس الوطني السعودي وجماعته بالمسجد الحرام لأداء صلاة الفجر يحملون نعوشًا وأوهموا حراس المسجد الحرام انها نعوشا لموتى وسيصلون عليها بعد صلاة الفجر والحقيقة ان هذه النعوش لم تكن إلا مخازن للأسلحة النارية والذخائر.
وعقب الانتهاء من الصلاة قام جهيمان وصهره أمام المصلين في المسجد الحرام ليعلنوا للناس نبأ المهدي المنتظر وفراره من "اعداء الله" واعتصامه في المسجد الحرام، وان عبدالله القحطاني هو المهدي المنتظر، ومجدد هذا الدين".
قام جهيمان وأتباعه بمبايعة "المهدي المنتظر"، وطلب من جموع المصلين مبايعته، وأوصد أبواب المسجد الحرام، ووجد المصلّون أنفسهم محاصرين داخل المسجد الحرام، في نفس الوقت كانت هناك مجموعات اخرى من جماعة جهيمان تقوم بتوزيع منشورات ورسائل وكتيبات كان جهيمان قد كتبها في السعودية وبعض دول الخليج.
احتجز جهيمان وجماعته كل من كان داخل الحرم، بما فيهم النساء والاطفال 3 ايام وبعدها أخلى جهيمان سبيل النساء والأطفال، وبقى كمّ لا بأس به من المحتجزين في داخل المسجد.
حاولت الحكومة السعودية منذ اللحظات الاولى حل الامر وديا مع جهيمان بالاستسلام والخروج من الحرم واطلاق سراح الرهائن المحتجزين الا انه رفض، عطلت الصلاة والمناسك في البيت الحرام وتبادل الطرفان اطلاق النيران الكثيفة وأصاب المسجد الحرام ضرر بالغ جرّاء هذه الاحداث، وعندما فشلت كافة سبل الحوار اضطرت الحكومة السعودية ان تدفع بقوات الكوماندوز في هجوم شامل استخدمت فيه تقنيات عسكرية جديدة لم يعهدها جهيمان واتباعه فسقط منهم الكثير، وكان ممن سقط قتيلا محمد بن عبدالله وبسقوطه قتيلا، صدم اتباعه صدمة كبيرة، فهم كانوا يعتقدون انه لا يموت، فبدأوا بالانهيار والاستسلام تباعا، واستسلم جهيمان وبعد فترة وجيزة، صدر حكم المحكمة بإعدام 61 شخصا من أفراد الجماعة، وكان جهيمان من ضمن قائمة المحكومين عليهم بالإعدام.