"الصفقات المتكافئة"، نظام تجاري يقوم بالأساس على تبادل السلع، وهو ما يساعد فى توفير العملة الصعبة بشكل كبير.
وأجمع عدد من الخبراء على أن هذه الفكرة تعد "حل سحري" لمشكلة الدولار خلال الفترة الحالية، إذا تفرغ البنك المركزي لدراستها، باعتباره المنفذ الأساسي لها في حالة التطبيق، وإن كانوا أجمعوا أن الحكومة الحالية ليس لديها وقت لدراسة المقترحات، ودائمًا ما تأتي خطواتها التنفيذية متأخرة وبطيئة "بعد خراب مالطة"، وفقًا للمثل الشعبي الدارج.
ويعد نظام "الصفقات المتكافئة"، أحد الأنظمة التجارية التى تستخدم لمبادلة الدول مع بعضها سلعًا مقابل سلع من خلال اتفاقات الدفع والسداد بالعملة الحسابية، وكانت مصر تستخدم تلك الآلية قديمًا، وبخاصة مع السوق الروسية فى مبادلة صفقات السلاح مقابل صفقات الأقطان.
ووفقًا للإحصاءات، بلغت نسبة استخدام الصفقات المتكافئة فى التجارة الدولية قرابة 60 % من حجمها، ويطلق عليها فى النظام التجاري الحديث مصطلح "الترتيبات التجارية"، ويتم تطبيقه بترتيبات بنكية تدخل فيها البنوك "ضمانات بنوك غير حكومية"، بعد إلغاء العمل بالنظام القديم فى عام 1989 مع اتساع نطاق التطورات الاقتصادية العالمية.
وتعانى مصر من أزمة نقص فى العملة الأجنبية "الدولار"، بعد تراجع موارد النقد الأجنبي سواء فى السياحة أو قناة السويس أو تحويلات العاملين بالخارج أو الصادرات المصرية، مما أدى إلى تراجع الاحتياطى النقدى الأجنبى لمصر.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده، إن نظام الصفقات المتكافئة أنقذ مصر خلال فترات طويلة أيام حكم الرئيس جمال عبد الناصر، وتم تطبيقه مع الاتحاد السوفيتي والعراق وكان يتم تبادل السلع بالسلع حيث كنا نحصل على السلاح من السوفيت مقابل القطن والأحذية الجلدية التى كانت تصنعها الورش الصغيرة في مصر للجيش الروسي، وساعد ذلك فى تنشيط عدد من الصناعات وخلق فرص عمل فى حينه.
وأوضح عبده، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن نظام الصفقات المتكافئة يساهم في توفير العملة الصعبة، وينشط العديد من القطاعات الإقتصادية ويخلق فرص عمل، ويعتمد على ما يميز كل بلد من سلع وخدمات يمكن تصديرها مقابل سلع أخرى تحتاجها.
وتابع عبده، لكن اليوم من سيقوم بالتعاقد معك، خصوصًا أن هذا يحتاج مفاوض شاطر ولا يوجد هذا النوع داخل الحكومة المصرية الحالية، فوزير الصناعة المصري كل مؤهلاته أنه كان مدير عام شركة "بيبسي كولا"، وقد رأينا الغرقة التى ورطونا فيها بمفاوضاتهم مع صندوق النقد الدولي والغلاء الذى اجتاح البلاد.
وأضاف، أنه كان هناك إمكانية لذلك مع روسيا قبل سقوط الطائرة الروسية، حيث إن الصفقات المتكافئة مجدية جدًا ولكن تعتمد على ما يميز كل بلد.
واتفق معه رئيس جمعيات مستثمرى المشروعات الصغيرة، علاء السقطي، مؤكدًا أن نظام الصفقات المتبادلة يتم وفقًا لنظام حسابى معين يتم من خلاله تحويل قيمة السلعة المصدرة لنقود يتم من خلال لها استيراد السلعة من الدولة الأجنبية بما يوازي قيمة ما تم تصديره.
وأوضح السقطى أن هذا يتم وفقًا لتعاقدات دولية ولكى ينجح يجب أن تكون الحكومة طرفًا فيها، وتقوم بتوجيه القطاعات مؤكدًا أن الورش الصغيرة في مصر لا يمكنها المشاركة في ذلك خصوصًا أن جميعها ضمن الاقتصاد غير الرسمي، مطالبًا بدعم الحكومة للصناعات الصغيرة على ان يوجه انتاجها للسوق المحلى في البداية وهو ما سيساعد في تقليل الاستيراد وتوفير العملة في نفس الوقت.
وأكد السقطى أن الصناعات الصغيرة تحتاج إلى رعاية من الدولة حتى ترفع جودة المنتج ليصلح للتصدير، مؤكدًا أن نظام الصفقات المتكافئة يجب ان يبدء من خلال المصانع الكبيرة وبرعاية حكومية، لكى ينجح.
من جهته أكد الدكتور ابراهيم مصطفى، رئيس مجلس الأعمال المصري الأسترالي، أن المشكلة فى أن القونين الموجودة فى مصر اليوم لا تتيح العمل بنظام الصفقات المتكافئة، موضحًا أنها كانت موجودة قديمًا مع روسيا والصين فكنت تصدر بمليون جنية وتأخد امامها بضاعة بنفس القيمة.وأكد مصطفى أنها فكرة جيدة، ويجب على الدولة أن تستمع للمستثمرين وتضع حلو لها، سواء من ناحية تعديل القوانين أو تسهيل الإجراءات.
وأضاف أنه على البنك المركزي دراسة الفكرة وسرعة تنفيذها حيث أنه سيكون المنظم لها، قائلًا: "واضح أن المركزي مش فاضي حتى عملية تبادل العملة مع الصين رغم أننا اقترحناها منذ عام إلا أن المركزي بدء تنفيذها أخيرًا".
وأشار إلى أن الفكرة فيها منطقية في الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية، ويعاد النظر فيها بشكل جدى وليس مجرد كلام، لازم يقعد البنك المركزى ووزارة التجارة، ويضعوا حلول، قائلًا: "يعنى مثلًا في نموذج 4 الذى لا يتم الإفراج الجمركي عن البضاعة بدونه وهو يفيد تحويل النقود من المستورد للمورد وبالتالى لو مفيش نموذج 4 هنعمل ايه".
وشدد على أن نظام الصفقات المتكافئة المفروض يطرح بشدة لأنها تحل مشكلتين "عملة وتصدير" ويجب درستها جيدًا من حيث امكانية التطبيق لأنها يمكن تطبيقها مع عدد من الدول في بعض الصناعات، ويمكن أن تصدر سياحة مقابل بضائع، وهو ما سيساعد الاقتصاد المصري بشكل كبير.