الوضع مختلف ظاهريًا فهنا روسيا وهناك التحالف الدولي، لكن في الواقع الأمر متشابه تمامًا حد التطابق في المسببات، ما يختلف فقط النتائج، هكذا هي طبيعة الموقف في حربي الموصل "في العراق" وحلب "في سوريا".
المعارضة السورية وتنظيم داعش، في حلب والموصل هي جماعات مسلحة، تمثل عقائديًا التيار السني في الحرب الدائرة في العراق وسوريا –أو هكذا يتم الترويج لها- وفي الحالتين فإن الجماعات المسلحة في الجانبين تتلقى دعمًا عسكريًا ومسلحا من أطراف داعمة، وفي الحالتين تعد الولايات المتحدة الأمريكية أحد الداعمين، إلا أن التنظيم استطاع أن يصمد في الموصل أمام ضربات التحالف الدولي والجيش العراقي، فيما لم تستطع جماعات المعارضة السورية المسلحة الصمود كثيرًا أمام هجمات روسيا.
المعارضة السورية، التي تحارب في جلب السورية، والتي تشن عليها القوات الروسية حربًا شرسة، تكبدت خسائر فادحة، على مستوى الأرض والبشر رغم أنها مسلحة، فخسرت قوات المعارضة، كامل القسم الشمالي من الأحياء الشرقية بعد سيطرة قوات النظام المدعومة من روسيا، على أحياء "الحيدرية" و"الصاخور" و"الشيخ خضر" وسيطرة المقاتلين الأكراد على حيي "الشيخ فارس" و"بستان الباشا"، حيث تقدر خسائر المعارضة في حلب الشرقية بما لا يقل عن 30% من المساحات التي كانت تسيطر عليها قبل هزائمها المتتالية الأخيرة.
وفي تصريح له عن الوضع في حلب، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، إن "نحو 30 ألف شخص فروا من المعارك في شرق حلب خلال الأيام الماضية، وبهذا يصل عدد النازحين في المدينة إلى 400 ألف شخص".وعلى المستوى الميداني وتواجه حلب، تهديدات أوسع في القضاء على المعارضة، لأنها لا يوجد بها متشددين باستثناء عدد ضئيل جدًا من جبهة النصرة لا يزيدون عن المئات، ولكنها ملجأ لعدد ضخم من السوريين والثوار.
وبحسب ما يرى مراقبون أن تراجع قوات المعارضة التي تضم فصائل إسلامية مثل حركة "أحرار الشام" وحركة "نور الدين زنكي" و"جبهة فتح الشام" - النصرة سابقا - أمام تقدم قوات الحكومة يعد أكبر هزيمة تمنى بها منذ خروج الجزء الشرقي من حلب عن سيطرة النظام عام 2012.
وفي تحرك من المعارضة السورية المسلحة، ضد العمليات التي تتوجه لها من روسيا – التي تستخدم القصف المباشر ضد المعارضة- وردًا على مطالبات واشنطن بمغادرة المعارضة لحلب، قال زكريا ملاحفجي المسؤول الكبير بالمعارضة السورية، إن جماعات المعارضة أبلغت الولايات المتحدة أنها لن تترك حلب ردا على دعوة موسكو لإجراء محادثات مع واشنطن بشأن انسحاب كامل لمقاتلي المعارضة من الأحياء الشرقية المحاصرة في المدينة.
وبحسب رويترز، قال ملاحفجي، إن الرسالة وُجهت إلى المسؤولين الأمريكيين الذين جرى الاتصال بهم مساء أمس السبت بعد تصريح روسيا حليفة الرئيس السوري بشار الأسد.
وبحسب بي بي سي، يُقدّر عدد الجماعات المسلحة المعارضة في سوريا بأكثر من 1000 جماعة، يقاتل في صفوفها 100 ألف مقاتل على الأقل وتتفاوت في الحجم والتأثير والتحالفات المعقودة فيما بينها.
وفي الموصل، لم يستطع التحالف الدولي ومعه الجيش العراقي وهو جيش نظامي، السيطرة على مسلحي تنظيم داعش وحسم معركة الموصل، وهي معركة تم الاعلان عنها لتحرير الموصل من قبضة التنظيم بعدما سيطر عليها كأحد أهم مراكز التجمع للتنظيم.
وبرغم الإعلان عن تقدم الجيش العراقي في الموصل، إلا أن الأنباء عن تكبد القوات العراقية خسائر في الأرواح والعتاد وصل إلى حد أن صحيفة فرنسية، قالت إن القوات العراقية خسرت 1/3 عددها ما بين قتلى وجرحى في معركة الموصل.
الخبير العسكري صفوت الزيات، قال في تصريحات صحفية، إن إدارة الهجمات المضادة، التي يشنها التنظيم بكفاءة في الموصل تنظيم الجيش العراقي، هي السبب في تعطل عملية "تحرير الموصل".
وأوضح الزيات، أن تنظيم داعش، يلجأ إلى حد كبير إلى استخدام تكتيكات حرب العصابات والمدن على شكل واسع، وهو ما يظهر في نتائج العملية، فمن وسط 65 حي في الموصل سيطر الجيش العراقي على 18 حي فقط، مضيفًا أنه برغم أن الجيش العراقي جيش تقليدي نظامي كنظام عسكري به 100 ألف مقاتل، يتضمن قوات من الحشد الشعبي، وحرس نينوة، إلا أنه في الاتجاه الشرقي توجد أفضل فرق الجيش العراقي، وفي الجنوب والشمال توجد قوات على مستوى متواضع من التسليح، فهناك خلل في التوازن العسكري يجعل إنجاز مهمة تحرير الموصل قد يحتاج لمزيد من الوقت.