في اطار الدور المنوط بجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الإحتكارية، ومسئوليته في دعم وحماية المنافسة بالاقتصاد المصري، واستنادا لما ينص عليه قانون حماية المنافسة، ومنع الممارسات الإحتكارية رقم 3 لسنة 2005 "ممارسة النشاط الاقتصادي علي النحو الذي لا يؤدي إلي منع حرية المنافسة، ومنع الممارسات الإحتكارية أو تقييدها أو الإضرار بها"، وكذلك في ضوء ما أكده الدستور المصري لعام 2014 من مبادئ بشأن حماية المنافسة.
خاطب الجهاز وزارة الصحة بشأن القرار رقم 425 لسنة 2015، والذي أصدره وزير الصحة بإعادة تنظيم إجراءات تسجيل الأدوية وتسعيرها بالشكل الذي أدي إلي وضع قيود ينتج عنها خلق عوائق امام المستثمرين الجدد لدخول سوق تصنيع الدواء من ناحية، وكذلك التمييز بين الشركات العاملة بذات السوق من ناحية أخري، ومن ثم يحرم السوق من أي استثمارات جديدة في قطاع الدواء، الأمر الذي يؤدي إلي تعزيز هيمنة كيانات كبري وشركات تستحوذ على سوق الأدوية، حيث اعتمد الإجراء على نظام الصندوق "البوكس"، والذي يعتمد علي انشاء صندوق لكل مستحضر دوائي بحيث يتم تحديد عدد المنتجين لكل مادة دوائية بعدد 12 منتج فقط، من ضمنهم مستحضر دوائي اصلي واحد، ومستحضر مستورد واحد بالإضافة إلي 10 مستحضرات محلية وبحد أقصي شركتين من الشركات المصنعة لدي الغير.
الأمر الذي أدي عدم قدرة الشركات الراغبة في الدخول لسوق الدواء، فكثيرا ما تتقدم هذه الشركات وتتفاجئ بعدم وجود أماكن خالية بالصناديق وذلك بسبب هذا النظام المتبع،الأمر الذي يثير التساؤل والدهشة، فكيف لدولة مثل مصر تنادي بتشجيع الإستثمار بصفة عامة والأدوية بصفة خاصة أن تضع مثل هذه القيود!
كما تطرق الخطاب أيضا إلى القرار رقم 499 لسنة 2012والذي تضمن آلية تسعير الأدوية المتماثلة المصنعة محليًا والمستوردة والذي يتم على أساس أسبقية تاريخ تقديم طلب التسعير، حيث يتم حساب 65% من سعر الدواء الأصلي الأعلى سعرًا لأول خمسة أدوية متماثلة، و60% لباقي الأدوية المتماثلة مما يعكس التفرقة بين الشركات المنتجة في التسعير دون النظر لأي عوامل أخرى، الأمر الذي يعد إخلالًا بمبدأ تكافؤ الفرص والمنافسة الحرة بين العاملين في ذات السوق.
ويجدر الإشارة إلى أن التعاون بين جهاز حماية المنافسة ووزارة الصحة لم يكن الأول ولن يكون الأخير، حيث بادر الجهاز من قبل بمخاطبة وزارة الصحة بعد تلقيه عددًا من الإخطارات الخاصة بصفقات استحواذ في قطاع الرعاية الصحية، وذلك بالرغم من عدم وجود مراقبة مسبقة للجهاز علي التركزات الاقتصادية من إندماجات واستحواذات بقانون حماية المنافسة، الإ انه إدراكا من الجهاز بأن هذه التركزات قد ينشأ عنها أثر خطير علي المنافسة بالأسواق، من حيث تكوين كيانات كبري تهيمن علي الأسواق، وخلق وضع مسيطر مستقبلًا وهو ما قد يؤثر سلبًا على المنافسة في هذا القطاع الهام، وما يتبعه من رفع أسعار الخدمات المقدمة للمرضي، الأمر الذي دفع الجهاز بالمبادرة بالتواصل مع الوزارة بهذا الشأن.
ومن الجدير بالذكر أنه في ضوء ما للجهاز من دور رقابي نص عليه القانون، فقد قام الجهاز من قبل بإحالة أكبر أربع شركات لتوزيع الأدوية(المتحدة للصيادلة، وشركة ابن سينا فارما، وشركة رامكو فارما، وشركة مالتي فارما) للنيابة العامة والتي أحالتها بعد ذلك للمحكمة الاقتصادية، ولم يمنح الفرصة للتصالح مع هذه الشركات حيث اتفقت على توحيد السياسات التسويقية والبيعية المتمثلة في تقليص فترات الائتمان وتخفيض نسب الخصم النقدي الممنوحة للصيدليات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يخالف نص المادة 6 فقرتين (أ) و(د) من قانون حماية المنافسة، الأمر الذي أضر بالصيدليات الصغيرة والمتوسطة من ناحية، حيث تسبب في تقليص هامش ربح تلك الصيدليات وقيد قدرتها على توفير جميع الأدوية بالكميات والأصناف التي تحتاجها ومن ثم فقدان بعض عملائها. ومن ناحية أخرى، أضرت المخالفة بالمواطن، عن طريق خلق عوائق أمام إتاحة الأدوية في المناطق النائية وأثرت على قدرته على الوصول إلى الدواء.
واكدت الدكتورة مني الجرف رئيس مجلس إدارة الجهاز أن هذا الخطاب جاء حرصا علي حماية المنافسة في قطاع الأدوية وحماية الاستثمارات الخاصة،و من أجل جذب إستثمارات أكثر في ظل فترة نحتاج فيها إلي تكاتف الجهد بين كافة الجهات ذات الصلة بالإقتصاد.
وأضافت الجرف أن لدور الجهاز في التواصل مع الجهات الحكومية أثره علي تعزيز سياسة المنافسة والكشف عن المخالفات ومراقبة الأسواق تلافيا لما تسببه من أضرار علي المنافسة الحرة، وتشجيع الإستثمار والتوعوية الإقتصادية، وإبداء الرأي في التشريعات وبخاصة في ظل التحديات الكثيرة التي يواجهها المواطن وبقطاع هام مثل قطاع الصحة، كما أن الجهاز يسعي الفترة القادمة لتطبيق هذا التعاون والتكامل بينه وبين كل القطاعات التي تمس المواطن.