"المال السايب يعلم السرقة" مثل مصري بسيط بنطبق على الحكومة، المنوط بها مراعاة شؤون البلاد والمواطنين، ففي علم الإدارة فإنه كلما اختصرت وظيفة إدراية واستشارية يمكنك الحصول على نتائج أفضل إذا استغللت ذلك الراتب الذي يتقاضونه في تحفيز العاملين والموظفين، لكن الحكومة المصرية لا تعلم عن ذلك شيئًا ولا تريد.
الدكتور مدحت نجيب، رئيس حزب الأحرار، فتح ملف إهدار المال العام في مصر، والذي يطلق عليه شرفًا منصب "مستشار"، حيث انتقد "نجيب" الأعداد الكثيرة من المستشارين الذين يتم الإستعانة بهم داخل الوزارات ودواوين المحافظات والهيئات الحكومية، وحتى مؤسسة الرئاسة.
وطالب رئيس حزب الأحرار، حكومة المهندس شريف إسماعيل وكافة الأجهزة الحكومية بضرورة تخفيض أعداد المستشارين التي استعانت بهم من الخارج، مؤكدا أن الكادر الحكومي به من الكفاءات ما يغنيهم من الاستعانة بمستشارين أو خبرات من خارج مؤسساتهم.
كما اتهم نجيب بعض الوزراء والمحافظين بتعيين أقاربهم ومعارفهم كمستشارين لهم بالمجاملة، مؤكدا أن ذلك يحمل الميزانية العامة للدولة أعباء هي في غني عنها، متسائلا: لماذا نستعين بمستشارين أو خبراء من الخارج علي الرغم من وجود الكفاءات من الموظفين داخل الدواوين الحكومية والوزارات؟.
وأكد رئيس الحزب في بيان له اليوم، أن الاستعانة بالمستشارين داخل المؤسسات الحكومية يكلف الدولة ما يقارب من مليار والربع مليار جنيه سنويا، نظير ما يتقاضوه من رواتب شهرية مبالغ فيها، مطالبًا بالتصدي لتلك الظاهرة حفاظا علي المال العام، خاصة وأن مصر تمر بأزمة إقتصادية طاحنة.
المتابعون للشأن العام، يرون "المستشارين" بوابة خلفية لنهب ثروات الشعب، وأنه يجب استبعاد جميع المستشارين سواء بالوزارات أو المؤسسات أو الهيئات الحكومية، مؤكدين أن المستشارين الذين يمثلون عبئا كبيرا على الدولة، ورغم المطالب الدائمة بالتخلص من هذا الجيش الذى لا فائدة منه.
ووسط تلك المطالبات بالتخلص من تلك الوظيفة "غير المجدية" احتالت المؤسسات بتغيير مسمى الوزيفة من مستشار إلى مساعد وزير للهروب من القانون، إلا أن ما يتقاضونه يمكن أن يساهم بشكل كبير فى القضاء على الفقر وإقامة مشروعات لتشغيل ملايين العاطلين، كما طالب الرئيس عبد الفتاح السيسى فى معظم خطاباته.
ووفقا للإحصاءات الرسمية يبلغ عدد المستشارين فى الوزارات المختلفة بالدولة حوالى 20 ألف مستشار يتقاضون مكافآت تقدر بـ18 مليار جنيه سنويا، وهذا الرقم يعادل حوالى 9% من إجمالي المبالغ المخصصة لرواتب العاملين في الدولة، أي أن الـ20 ألف مستشار يحصلون على ما يقرب من عشر ما يحصل عليه 5.6 مليون موظف يعملون في الجهاز الإداري بالدولة، وإذا نظرنا لحجم العمل الذى يقوم به هؤلاء المستشارون نجده لا شيء، خاصة أن معظمهم من أهل الثقة فمنهم ضباط سابقون وسفراء وصحفيون، وتعد وزارات المالية والتنمية الإدارية والتخطيط من أشهر الوزارات التي تستعين بمستشارين.
وبحسب فيلم وثائقي، سجلته الجزيرة الوثائقية، عن التجارب الناجحة في الإدارة، والتي طبقت في عدد من الشركات الكبرى حول العالم، بعنوان "موظفون لكن سعداء" دارت هذه التجارب بشكل أساسي حول تقليص عدد المدراء والمشرفين والمناصب القيادية، وأعطت مساحة أكبر للاهتمام بالصفوف الوسطى من العاملين والأكثر انتاجًا للأعمال وليس مجرد مشرفين يتقاضون رواتبًا خيالية دون إنتاج حقيقي، إلا أن الحكومة لا تعطي بالًا لذلك، فإن كان هناك قصورًا في أداء جهة ما يكون الحل تعيين مستشارين قد يكونوا أكفاء لكنهم يدخلون حيز الرتابة والبيروقراطية وروتين الوظيفة.