من اللحظة الأولى لطرح قانون الجمعيات الأهلية للحوار المجتمعى اندلع الخلاف حول نصوص القانون مابين مؤيد ومعارض من فقهاء القانون، فالمؤيدون يرونه حاجة ضرورية للحفاظ على الأمن القومى للبلاد مستدلين فى ذلك على قضية التمويل الأحنبى الشهيرة التى ظهرت وقائعها بعد ثورة ٢٥ يناير عام ٢٠١١ والتى استندت إلى معلومات مفادها أن تمويلات أجنبية يتم استخدامها فى أعمال تضر بأمن البلاد تحت ستار الجمعيات الأهلية وتلقى الأموال من الخارج، وهى وجهة نظر تدعمها الحكومة، بينما يرى معارضو القانون أنه يغل يد الجمعيات الأهلية عن أنشطتها بما يتعارض مع ما كفلته مواد الدستور من ضمان الحريات والعمل الأهلى.
بدوره قال المستشار شوقى السيد الفقيه الدستورى، إن تصحيح مثار ما حدث قبل ثورة ٢٥ يناير وحصول جمعيات أهلية على أموال من الخارج لارتكاب أعمال تخريبية، ونشر الفوضى بالبلاد، لتحقيق أغراض لصالح دول بعينها.
وأضاف أن القانون يجب مراجعته جيدا لسد الفجوات والثغرات التى كانت موجودة بالسابق وفجرتها قضية التمويل الأجنبى الشهيرة إبان تولى المستشار أبو المعز رئاسة محكمة الاستئناف.
وتابع السيد أنه لابد من التروى فى مراجعة قانون الجمعيات لأن السرعة لا تفيد فى إقرار القوانين حتى لا نصبح أمام قانون لا يؤدى الغرض الذى أنشئ من أجله أن تؤدى الجمعيات الاهلية دورها المهم فى تنمية المجتمع.
ومن جانبه فند الدكتور أيمن الغندور أستاذ القانون الجنائى والمتخصص فى جرائم غسيل الأموال حيثيات الهجوم على نصوص قانون الجمعيات الأهلية مؤكدا أن هدفه الحفاظ على الأمن القومى للبلاد خاصة بعد أن نجح مشروع القانون فى سد ثغرة التمويل الأجنبى بأن تضمن نصا صريحا على إنشاء جهاز بشأن إنشاء الجمعيات الأهلية يختص بالموافقة على طلبات إنشاء تلك الجمعيات والموافقة أيضا على طلبات التمويل الأجنبى وأوجه إنفاق هذا التمويل بما لا يسمح باستخدامه فيما يتعارض مع الأمن القومى.
وأضاف الغندور أن قانون الجمعيات الأهلية جعل الأصل فى العمل الأهلى الإباحة وليس المنع لأنه جعل تأسيس الجمعيات الأهلية بالإخطار ونص على استثناء وحيد للجهة الإدارية فأعطاها الحق فى الوقف المؤقت لإنشاء الجمعيات وعملها، وجعل للقضاء الكلمة الفصل فى حسم طلبات إنشاء الجمعيات.
وأشار إلى أننا الآن أمام تشريع وازن بين مقتضيات العمل الأهلى والحفاظ على الأمن القومى للبلاد بما يضمن ضبط عمليات التمويل تحديدا بحيث لا يكون هناك ثغرات تعمل بها بعض الجمعيات بأنشطة مغايرة لتوجه الدولة فى الحفاظ على شعبها تحت ستار العمل الأهلى.
ويرى الدكتور أحمد مهران أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية أن قانون الجمعيات الأهلية يعتبر بمثابة انتكاسة لما قبل ثورة يناير وثورة يونيو إذ أن القانون يشكل تقييد واضح للحق فى تكوين الجمعيات الأهلية وتقييد للدور القومي والأهلي لمنظمات المجتمع المدني ويخل بنصوص الدستور وبما تبناه الدستور المصري من الحق فى حرية تكوين الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني وبما يخالف العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذى صدقت عليه مصر سنة 1982.
كما أن القانون يزيد من قبضة الجهات الإدارية على العمل الأهلى فى مصر لما يحويه القانون من إجراءات أو أدوات من شأنها أن تمنح لجهة الإدارة التدخل فى عمل منظمات المجتمع المدني بشكل سافر يقيد حريتها.
وتابع مهران أن القانون به عيوب ويحتاج لإعادة مناقشة على أن يكون لمنظمات المجتمع المدني دور في تعديل نصوص القانون، بما يحكى مقدرات الجمعيات الأهلية وبما يوسع من مساحة الحرية فى تشكيلها وطبيعة نشاطها وحماية أعضائها من الخضوع لأحكام القانون بالصورة التى تهدم دور منظمات المجتمع المدني.
وأوضح مهران القانون يلزم الحكومة بأن تساهم بشكل حقيقي فى تطوير وتحسين أوضاع منظمات المجتمع المدني وذلك بدعمها مادية أو برفع الأعباء المالية عنها من جهة وبتطبيق خبراتها ونتائج عملها على أرض الواقع بما يؤكد على أهمية منظمات المجتمع المدني ودورها الحقيقي فى خدمة المجتمع.