أكد عدد من العمال الأجانب أنهم لا يتوقعون تحسن أوضاعهم في التغييرات بعد إعلان إصلاحات قانون العمل أمس، وأكد كثيرون أنهم يجهلون مصيرهم في ظل عدم الحصول على الوعود التي تلقوها قبل قدومهم.
يحبس العمال الأجانب في قطر أنفاسهم بانتظار آثار التغييرات الجديدة في قانون العمل، التي وضعت أمس نهاية لنظام الكفالة المعتمد في معظم دول الخليج، والذي يتعرض لانتقادات شديدة، لأنه يمكن أن يضع الموظف تحت رحمة صاحب العمل.
وينتظر جيريجاش، الذي يحمل الجنسية الهندية ويعمل كهربائيا في قطر مع آلاف العمال الآخرين، تداعيات التعديلات الجديدة، التي استبدلت نظام الكفالة بنظام عمالة أقل إثارة للجدل.
ويقول جيريجاش خلال فترة استراحة الغداء، لـ"العرب اللندنية": "سمعت عن تغيير في القانون لكنني لا أعرف ماهية هذا التغيير"، في إشارة إلى أكبر تغيير في قانون العمالة توشك قطر على تطبيقه، اليوم الثلاثاء.
ومنذ أن اختيرت قطر لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، تتعرض قوانين العمل فيها إلى انتقادات على مستوى العالم، وخصوصا ما يتعلق بنظام الكفالة الذي يقول منتقدوه، إنه يمنح العمال حماية أقل مما يتوجب.
العامل النيبالي أمير يؤكد وقوع الكثير من حالات الانتحار شهريا بسبب عدم الحصول على الرواتب.
ويحتاج العمال الأجانب في قطر إلى كفيل محلي للعمل في الإمارة الخليجية الغنية بالنفط والغاز، ويمكن لهذا الكفيل أن يكون مواطنا قطريا أو شركة، كما أنهم يحتاجون إلى موافقة الكفيل لتغيير مكان عملهم أو لمغادرة البلاد.
ورفضت الدوحة في أكثر من مناسبة الانتقادات التي وجهت إليها، مؤكدة أن النظام الجديد سوف يسهل على العمال مغادرة البلاد أو تغيير أماكن عملهم، كما أنهم سـوف يتمكنـون مـن التعـامل مباشرة مع أصحاب العمل.
ويأتي إعلان اليوم في إطار الاصلاحات السابقة، التي يقول مسؤولون قطريون إنها تظهـر التزام قطر بالتعامل بشكـل عملي مع الانتقـادات التي تـوجـه إليهـا.
لكن أكثر المعنيين بهذا التغيير هم العمال الذين يقومون منذ سنوات بالعمل في إنشاء البنية التحتية للحدث الرياضي الأهم في العالم بعد نحو ست سنوات.
جيريجاش هو واحد من المئات من العمال، الذين يرتدون البزات الزرقاء والصفراء، وقد تجمعوا لقضاء ساعة استراحة بعد ساعات العمل الصباحية في منطقة مشيرب، حيث يقام مشروع بقيمة 5.5 مليارات دولار في إطار خطة لتحويل الدوحة إلى مركز مالي وسياحي.
في هذا الموقع، حيث يجلس العمال على أدراج مركز تجاري قديم يضم محال لبيع أجهزة الكمبيوتر والألبسة، تأمل قطر في أن تبني منطقتها المالية الخاصة على غرار “وول ستريت”.
وأكدت الحكومة القطرية أكدت أن النظام الجديد سوف يسهل على العمال مغادرة البلاد أو تغيير أماكن عملهم.
وبينما يتحدث جيريجاش، يتقدم عمال آخرون معربين الواحد تلو الآخر عن قلقهم من ظروف العمل، التي من بينها عدم الحصول على المستحقات الشهرية أو القول إن الرواتب التي وعدوا بها قبل المجيء إلى قطر، اتضح أنها غير صحيحة وأقل بكثير مما كانوا يتوقعون.
ويقول النيبالي ناظم الدين إن "العمل الذي أقوم به شاق جدا، وخطير جدا أيضا، ولا أحصل في المقابل سوى على 600 ريال قطري (حوالي 165 دولارا) في نهاية الشهر".
ويوضح ناظم الدين أنه وعد قبل مغادرة بلاده بالحصول على ضعف ذلك المبلغ، مشيرًا إلى أنه دفع نحو 1100 دولار للحصول على التأشيرة اللازمة للعمل في قطر، مضيفا بحرقة "لا أريد البقاء هنا".
ومثل ناظم الدين، يؤكد إبراهيم، الكهربائي القادم من بنجلاديش، أنه يتسلم في نهاية الشهر راتبا قدره 220 دولارا، رغم أنه وعد بالحصول على 330 دولارا شهريا، مشيرًا إلى أنه في الوقت ذاته لم يتلق راتبه منذ أشهر.
ويقول إبراهيم، إنه يتوجب عليه دفع 30 ألف ريال قطري (8242 دولارا) إلى الوسيط الذي وفر له فرصة العمل في قطر، مؤكدا أن “كل العمال في قطر لديهم مشكلات”.
لكن مع التغيير المرتقب في قوانين العمل، يتطلع إبراهيم إلى أن تتحسن أحواله وأحوال العمال الآخرين، قائلا “إذا تم إقرار القانون الجديد، نأمل في أن يأتي لنا ما هو خير”.
وأضاف أن “الأمر الأهم هو عقد العمل. الذي هو مصدر الحماية بالنسبة إلي، وأنا أريد أن أكون محميا”.
ويحذر عامل آخر من أن العمال يتعرضون للاستغلال من قبل الوسطاء أيضا، مشيرا إلى أن العديد من هؤلاء العمال لا يستطيعون القراءة، ولذا فإنهم لا يدركون ما الذي يوقعون عليه وما هي المدة التي سيمضونها في قطر؟ ويوضح “لا نعرف المدة التي سنقضيها ونحن نعمل هنا”.
وبالنسبة إلى أمير، القادم من النيبال- وهو أب لأربعة أطفال-، فإن ثمن عدم الحصول على الرواتب قد يدفع بعض العمال إلى الإقدام على خطوات مميتة. وأوضح أن “العديد من الناس يقدمون على الانتحار”.
وقال أمير إنه، عندما لا نتلقى رواتبنا، تبلغ عائلاتنا مرحلة الجوع، وكذلك أطفالنا، ولا يعود هناك أي غذاء في المنزل، ولذلك فإن بعض العمال يقدمون على الانتحار"، وأكد وقوع العديد من حالات الانتحار شهريا.