لم يمر سوى أقل من شهر على موجة العصيان المدني التي تعرضت لها السودان في نهاية نوفمبر الماضي، والتي أربكت حسابات النظام السوداني، وكذلك الرئيس عمر البشير، لتعلن المعارضة السودانية بالتنسيق مع أغلب قوى المعارضة، والجماعات المسلحة أيضا، عن موجة جديدة من العصيان المدني والتي تنطلق الاثنين المقبل تزامنا مع ذكرى إعلان الاستقلال.
في هذا السياق يرصد "أهل مصر" ما ألت اليه موجة العصيان المدني الأولى، وتحرك المعارضة لموجة العصيان الجديدة.
القرارات الاقتصادية
الموجة الأولى من العصيان كانت فى نهاية نوفمبر الماضى بسبب مجموعة من القرارات الاقتصادية التى أطلقتها الحكومة وأدت إلى ارتفاع أسعار السلع والوقود، وقدرت الأوساط السياسية نجاح العصيان المدنى الأول بنسبة تتراوح من 30 إلى 40%، مما شجع السياسيين على تكرار التجربة ولكن بتنظيم أكثر من سابقتها، ولذلك عمد ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعى إلى الترويج لدعوات العصيان المدنى مبكرا.
بوادر بداية ثورة
تحرك المعارضة لحشد الدعم والتأييد الشعبى للمشاركة فى العصيان المدنى الذى وصفه النشطاء السودانيون ببداية الثورة تم على أكثر من مستوى، حيث سارعت قوى المعارضة المسلحة والسلمية إلى تنظيم صفوفها الداخلية عقب إعلانها تأييد العصيان ودعت قواعدها للانخراط فيه وتنظيم نفسها.
الأحزاب المشاركة في العصيان
اجتمعت قوى نداء السودان المشكلة من عدد من الأحزاب السودانية فى مقدمتها "حركة تحرير السودان" و" العدل والمساواة" و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" و"حزب الأمة"، وقررت دعم العصيان بكافة مكوناتها بالخرطوم والقيام باتصالات مباشرة مع مكوناتها فى الخارج، لبحث توسيع قاعدة العمل الجماهيرى المتصاعد ضد النظام.
وحاول التحالف استمالة قوات الجيش والشرطة تحسبا لعمليات عنف، وأكد التحالف أنه ليس بينه وبين القوات السودانية بكافة أشكالها عداء مبدئى وأنهم جميعا من صلب هذا الشعب، ويتوجه إليهم بالدعوة لاحترام خيارات الشعب السودانى والانحياز إلى جانبه للعمل سوياً ضد أعداء الانتفاضة.
أكبر حليف للحكومة
لم تقتصر الأحزاب المؤيدة للعصيان فقط على المعارضة بل إن حتى حلفاء الحكومة انقلبوا عليها، حيث دفعت قيادات فى "الحزب الاتحادى الأصل" (أكبر حليف للحكومة) ببيان يدعو جماهيره الواسعة للالتفاف حول العصيان، والعمل على إنجاحه عبر المشاركة فيه بفعالية.
كتاب ومحللين ينضمون للعصيان
بدأ كتّابٌ سودانيين ومحللين، في دعم العصيان عن طريق استغلال المنابر الإعلامية المتاحة لهم للترويج لفكرة العصيان المدنى وتشجيع الجميع على المشاركة، وتعديد مساوئ النظام وتطمين الشعب بأن أى تحركات ستكون سلمية وأن الجميع لجأ لفكرة العصيان المدنى لتجنب التظاهر، وما سيقابله من عنف نظامى، كما حدث فى أحداث 2013 المشابهة وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
الولايات تشارك
كما كونت المعارضة لجان للعصيان فى مختلف الولايات السودانية، وتكثيف الدعوة له، ومن أبرز الولايات التى اعلنت مشاركتها فى العصيان المدنى كما أكد "راديو دبنقا" ولاية سنار وكردفان والبحر الأحمر التى أعلن نشطاؤها السياسيون أن أنشطة مكثفة هذه الأيام تصب فى دعم وتأييد العصيان، وفى شرق السودان أكدت الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة دعمها وتأييدها للعصيان المدنى، وطالبت المواطنين بالعمل الجاد من أجل نجاح العصيان المدنى، موضحة أن خلاص البلاد فى ذهاب النظام الحالى.
خوف النظام
استشعر الحزب الحاكم خطورة العصيان المعلن، ولجأ إلى تكثيف توزيع منشورات حملت صورة الرئيس البشير، مع كلمات تعظم من أهمية الاحتفال بأعياد الاستقلال، والعمل على استقرار البلاد، وأخرى تحذر من الانجرار خلف العصيان، باعتبار أن البديل سيكون الحركات المسلحة، وبدأت فى نشر عبارات على شاكلة "أنا سودانى ضد حركات التمرد وضد العصيان المدنى".
البشير يهدد
كذلك ظهر الرئيس السودانى أكثر توجّسًا عن ذى قبل، وبدا ذلك جليًا فى خطابه الذى ألقاه منذ أيام ونقلته التليفزيونات السودانية أمام حشد من مدينة كسلا شرق السودان، حيث قال "سمعنا خلال الأيام الماضية من أناس يتخفون خلف الكيبورد، دعوة إلى إسقاط هذا النظام"، "إذا أردتم إسقاط النظام واجهونا مباشرة فى الشارع، ولكنى اتحداكم أن تأتوا إلى الشارع، نعلم أنكم لن تأتوا لأنكم تعلمون ما حدث فى السابق"، مؤكدا أن "هذا النظام لا يمكن إسقاطه بواسطة الكيبوردات".