لم تفلت حبات العقد من الموساد، ولم تنته قائمة الاغتيالات التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قلب البلاد العربية، ولعلماء عرب، فرغم وفاة مؤسس وحدة "كيدون" المكلّفة بعمليات التصفية في جهاز الاستخبارات الخارجية، ضابط "الموساد" السابق الشهير مايكل (مايك) هراري، مازالت الوحدة تعمل بكفاءتها، وربما يساعدها تواطؤ عربي.
حركة نشاط وحدة "كيدون" عادت مرة أخرى مع اغتيال مهندس الطيران محمد الزواري في ولاية صفاقس التونسية، بـ 6 طلقات نارية مباشرة في جمجمته أثناء جلوسه في سيارته، يوم الخميس 15 ديسمبر، أمام منزله، ليعلن المدير العام للأمن الوطني استقالتها بعد ساعات من الجريمة مثيرًا عدة تساؤلات.
وأكدت “كتائب القسام” الجهاز العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس″، أن المهندس التونسي محمد الزواري، هو أحد قادتها محملة إسرائيل مسؤولية اغتياله، وقالت انه شهيد فلسطين، وشهيد تونس.
الشهيد كان يعمل في الوحدة الجوية لجناح القسام، ومتخصص في الإشراف على قطاع هندسة إنتاج “طائرات بدون طيار”، أو ما يطلق عليه "الدرونز"، وبالفعل نجح هذا القطاع في إطلاق العديد من هذا النوع من الطائرات من قطاع غزة، نجحت في اختراق الاجواء الفلسطينية المحتلة، وارباك الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية.
وقالت حماس، إن العدو الاسرائيلي يواصل اصطياد قادتها الميدانيين، ولا يتردد في تنفيذ اغتيالاته في قلب المدن العربية، مستغلة توابع الربيع العربي، على مدار ست سنوات، كمحاولة اغتيال الشهيد زعيم الجناح العسكري في حركة “فتح” خليل الوزير “ابو جهاد”، ورفاقه صلاح خلف (ابو اياد)، و(ابو الهول) عام 1991، اغتيال الشهيد محمود المبحوح، القيادي في حركة “حماس″ (في دبي) عام 2010، وقبله الشهيد فتحي الشقاقي، زعيم حركة الجهاد الاسلامي في مالطا، والمحاولة الفاشلة لاغتيال السيد خالد مشعل، زعيم المكتب السياسي لحركة “حماس″ في الأردن عام 1995.
ووحدة "كيدون" الموجودة في الموساد، وتعني الخنجر الذي يغمد في البندقية أو (الحربة) وهي وحدة ضمن قسم العمليات الخاصة فى الموساد، والمسؤولة عن الإغتيالات في جهاز الموساد، وهي الوحدة الوحيدة في العالم المجازة رسمياً من حيث تنفيذ الاغتيالات، تتكون من فرق كل فرقة تضم اثني عشر شخصا، وتسمى أيضاً "قيساريا".
وأشهر اغتيالاتها:1/ الدكتور جمال حمدان أحد أعلام الجغرافيا المصريين، من أشهر المفكرين في قائمة اغتيالات الموساد الإسرائيلي حيث فجر رئيس المخابرات الأسبق أمين هويدي مفاجأة من العيار الثقيل، حول الكيفية التي مات بها جمال حمدان، وأكد «هويدي» أن لديه ما يثبت أن الموساد الإسرائيلي هو الذي قتل «حمدان»، في17 أبريل 1993م
2/ الدكتور على مصطفي مشرفة عالم فيزياء مصري، وأول عميد مصري لكلية العلوم، وفي 15 يناير 1950، مات إثر أزمة قلبية، وهناك شك في كيفية وفاته فيعتقد أنه مات مسموماً، أو أن أحد مندوبي الملك فاروق كان خلف وفاته، ويعتقد أيضا أنها أحدى عمليات جهاز الموساد الإسرائيلي.
3/ يحيى المشد عالم ذرة مصري وأستاذ جامعي، في يوم الجمعة 13 يونيه عام 1980 م وفى حجرته رقم 941 بفندق الميريديان بباريس عُثر على الدكتور يحيى المشد جثة هامدة مهشمة الرأس ودماؤه تغطي سجادة الحجرة عن طريق الموساد الإسرائيلي.. وقد أغلق التحقيق الذي قامت به الشرطة الفرنسية على أن الفاعل مجهول.
اعترفت إسرائيل والولايات المتحدة رسميًا باغتيال العالم المصري يحيى المشد، من خلال فيلم تسجيلي مدته 45 دقيقة، عرضته قناة «ديسكفري» الوثائقية الأمريكية تحت عنوان «غارة على المفاعل»، وتم تصويره بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي>
وكشف مايك هرارى، رئيس قسم العمليات الخاصة "قيسارية" ووحدة الاغتيالات "كيدون" فى جهاز "الموساد" الإسرائيلى والمعروفة باسم "قيسارية" عدد من الأسرار حول طبيعة عمل تلك الوحدة والعمليات التى قامت بها ضد شخصيات ورموز عربية داخل الدول العربية، وبعض الدول الأوروبية، وذلك خلال حوار مطول أجراه مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
مؤكدًا أن ياسر عرفات وأبو جهاد وأبو إياد كانوا أهدافا مركزية لوحدة "قيسارية" طوال الوقت، مضيفا: "أحضرنا معلومات دقيقة حول أماكن تواجدهم، لكن سلاح الجو كان يصل متأخرا لبضع دقائق".، بالإضافة على غسان كنفاني ووديع حداد.
وقال الدكتور محمد أبو غدير، الباحث في الشأن الإسرائيلي، إن استهداف محمد الزراوي، لا يرتبط بقيمته الشخصية، وإنما هدفه إيصال رسالة من الموساد إلى الدول العربية، وحماس وحزب الله.
وأضاف "أبو غدير" في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" إن الموساد الإسرائيلي، اختار تونس لتنفيذ العملية من باب استعراض القوة، بأنه قادر على اجتياز حدود الدول العربية، والتي تعد من الدول الأكثر استقرارًا منذ الربيع العربي، وبأنه لا يوجد جهاز مخابراتي يستطيع التصدي للموساد – بخلاف مصر – مستبعدًا أن يكون هناك تحالف بين الموساد وأجهزة مخابرات دول عربية من التي يتم تنفيذ العمليات على أراضيها.وقال تامر الشهاوي، ضابط مخابرات سابق، إن الاعقل الأمني للموساد الإسرائيلي يتحرك في الامن القومي والمباشر والإقليمي، واختياره في هذه العملية، لتونس، له بعد يتعلق بعمق أمن اسرائيل لقربها من ليبيا.
وأضاف "الشهاوي" إن التعاملات الاستخباراتية بين الدول شيئ قائم، لكن ذلك لا يعني أن تسمح استخبارات دولة باختراق نظامها وتنفيذ عملية اغتيال على ارضها، ومن ثم الإعلان عن تلك العملية، مؤكدًا ان حادث تونس يمكن توصيفه "اختراقًا" للمخابرات التونسية.