عكس الدول المتقدمة.. هكذا حولت الحكومات الزيادة السكانية لـ "نقمة"

صورة ارشيفية

90 مليون شخص يعيشون في مصر، تعتبرهم الحكومة عبئًا ويعتبرهم خبراء التنمية "ثروة" أتقنت الحكومات المصرية إهدارها، بالإضافة إلى عدد من الثروات التي ضاعت هباءً في مصر، خلال السنوات الماضية، إلا ان الحكومة لا تعترف فقط بأنها أهدرتها لكنها تعتبر زيادة عدد الشباب "سلبيًا" وسبب رئيسي للأزمات الاقتصادية في مصر.

أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، قال في تصريح له إن عدد المواليد في مصر يزداد بكثرة، وأن مصر تزداد سكانيًا بمعدل 5900 عدد المواليد يوميًا، كما علق المستشار محمد عبد الجليل مستشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، على ارتفاع عدد السكان بمعدل 178 ألفا و293 نسمة في شهر واحد بأن عدد سكان مصر يزيد بمعدل مليون نسمة كل 6 أشهر.

ارتفاع عدد السكان الذي اعتبرته الحكومات المصرية عبئًا هو بمثابة نقطة انطلاق رئيسية في عدد من الدول التي استطاعت استغلال قوتها البشرية في تحقيق تنمية على المستوى الطويل، وذلك مثلًا في الفلبين التي بلغ عدد سكانها أكثر من 102 مليون نسمة أصبحت من الدول المصدرة للعمالة الماهرة المدربة، أما الصين فبلغ عدد سكانها عام 2014 نحو 1.4 مليار نسمة، إلا أنها حققت معدل نمو اقتصادي غير مسبوق، جعلها بين مصاف الدول الصناعية الكبرى في العالم وإن لم تكن الأولى منافسةً مع الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث وصل معدل نموها الاقتصادي بلغ 10% خلال آخر عشرة أعوام.

تجارب ناجحةأحد أهم الخطوات التي اتبعتها الصين للاستفادة من تعداداها السكاني الكبير، أنها تبنت مصطلح الطموح، مما حفز الصينيين على التعلم والعمل، فالجامعات الصينية تخرج سنويًا نحو 7 ملايين طالب جامعي، 40% منهم في تخصصات هندسية وعلمية، والصين حاليًا أكثر دولة تبتعث طلابها للخارج، ففي الجامعات الأمريكية وحدها يوجد أكثر من 300 ألف طالب صيني في مختلف التخصصات.

وبخلاف الهند والبرازيل، التي تحتل المرتبة الخامسة على مستوى العالم من حيث عدد السكان، وإندونيسيا التي يقترب عدد سكانها من 300 مليون نسمة، إلا أنها استطاعت الاستفادة من عدد السكان في خلق سوق محلية ضخمة؛ لزيادة دوران حركة رأس المال، وحماية المنتجات الاندونيسية من تبعات الأزمة الاقتصادية، بالإضافة إلى الاستفادة من الكثافة السكانية كقوة بشرية فاعلة في الاقتصاد الاندونيسي.

وعلى الرغم من ان مصر تعتبر الزيادة السكانية "كارثة" يجب محاربتها، بشتى الوسائل، تسعى عدد من الدول إلى زيادة أعداد سكانها منها استراليا وكندا والتي تستخدم التجنيس وتسهله للقادرين بدنيا أو ماديا أو علميا، كما أن عددًا من الدول العربية اتجهت نحو زيادة اعداد مواطنيها ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك إسرائيل.

ثروة مهدرةمن جانبه رفض النائب رائف تمراز عضو مجلس النواب، النقد الموجه للزيادة السكانية، مشيرًا إلى أنها ليست مشكلة إذا ما تم حسن استغلالها مثل الصين التى استثمرتها فى زيادة الإنتاج وتشجيع الصناعة، متابعًا: "على كل فرد فى الأسرة أن يعمل ويزيد إنتاج دولته، وكل دول العالم تستغل الزيادة السكانية فى التنمية والنهوض بالبلاد، وخاصة فى المشروعات الصغيرة.

 وأضاف النائب البرلماني، أن لديه 8 أولاد، لافتًا إلى أن المشكلة السكانية ليست العائق إذا ما تم استغلالها، متابعا: "حل المشكلة ليس من خلال تحديد النسل، فأنا ضد تلك الفكرة، وإنما الأفضل لنا أن يتم تأهيل المواطنين على العمل وزيادة الإنتاج، والاقتداء بالصين التى تحوى عدد من السكان يزيد عن المليار نسمة"، مشيرًا إلى أن بعض المحبوسين فى دول مختلفة يقضون مدة حبسهم فى الإنتاج والصناعة، كما تقوم الصين بإرسالهم إلى دول أخرى للعمل بالتجارة والترويج للمنتجات.

وفي دراسة عن استخدام الزيادة السكانية في التنمية، قالت غادة سيد عبدالله سيد شعبان أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة - جامعة عين شمس في رسالتها للدكتوراه عام 2008 جاءت تحت عنوان "تقييم تجربة التنمية الاقتصادية في الصين ومصر"، إن الكثافة السكانية الهائلة لم تكن عبئًا على الحكومة الصينية في تحقيق التنمية الاقتصادية، بل تميزت الحكومات الصينية في فن إدارة الموارد البشرية وحسن استغلالها لزيادة الإنتاج، فجعلت من الكثافة السكانية ميزة تتمتع بها وليست عائقا أمام التنمية.

وعلى عكس الحالة في مصر، التي لعبت الحكومات المصرية في السنوات الأخيرة على هروب رؤوس الأموال وقلة الاستثمارات المباشرة وبالتالي ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، تقول "غادة" في رسالتها إن نجاح التجربة الصينية يعود إلى نشاط الشعب الصيني، وتشجيع الاستثمار الأجنبي في البلاد، إضافة إلى أن الصين لم تشجع هجرة اليد العاملة إلى المدن الكبيرة.

وفيما يتعلق بالعاملين، تولي الصين أهمية خاصة للموظفين والعاملين، فهناك قانون اجتماعي يحمي حقوق العمال، ويجبر هذا القانون الشركات على تعويض العامل الذي تفصله تعسفيًا، ويكون تعويضها له بالضعف إلزاميًا في حال الإصابة أو في حال المرأة الحامل، كما أن القانون يجبر الشركات التي لا تمنح العامل عقد عمل بعد عام من بدء عمله أن تدفع له ضعف الأجر على ذلك العام، كما أنها ملزمة بدفع التأمين الاجتماعي والصحي للعامل، فالصين التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.4 مليار نسمة تعاني مصانعها في الجنوب من نقص الأيدي العاملة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً