أثار خطاب جون كيري وزير الخارجية الأمريكي الأخير العديد من التساؤلات حول موقف أمريكا تجاه العديد من القضايا، خاصة موقفها من عملية الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين، وكذلك موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأخير ومنعه التصويت على قرار الاستيطان الإسرائيلي، كما أثارت تصريحاته العديد من التساؤلات حول موعد الخطاب الذي يتزامن مع قرب موعد تولي دونالد ترامب مهام الرئاسة الأمريكية في 20 يناير المقبل.
الأمر الذي دفعنا إلى استطلاع رأي محللين وسياسيين وخبراء في الخطاب الأخير لجون كيري.
خطاب غير هام
في البداية أكد الدكتور محمد حسام الدين عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية ومستشار عمدة نيويورك سابقا ان خطاب جون كيرى وزير الخارجية الامريكية ليس له أهمية وغير نافذ، خاصة انه يتبقى 20 يوما على نهايه حكم الرئيس باراك اوباما.
وقال فى تصريح خاص إن توقيت طرح رؤية كيرى لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيلين لحل الدولتين وانهاء القضية الفلسطينية دليل على عدم قدرة اوباما على حل القضية الفلسطينية، ولكنة اراد ان يجعلها عقبة امام ترامب خاصة انه يريد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والدفاع عن سياسة إسرائيل الاستيطانية.
وتوقع "حسام الدين" ان تشهد العلاقات الامريكية الاسرائيلية أزهى عصورها فى عهد ترامب الذى سيعمل على ارضاء اسرائيل لضمان حمايتها وليس هذا فحسب بل سيعمل على الغاء كافة الاجراءات التى تعيق اسرائيل فى استكمال المشاريع الاستيطانية، مؤكدا ان خطاب كيري سيدفع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى التدهور الشامل.
ويرى انه على الرغم من الترحيب الدولى برؤية كيرى فى احياء عملية السلام فى القضية الفلسطينية الا انه يثير انتقادا ايضا لفشل الادارة الامريكية فى السياسة الخارجية تجاه ازمات الشرق الاوسط لكنه اراد تحسين ماء الوجه من خلال عدم استخدام الفيتو الأمريكى تجاه التصويت فى مجلس الامن على قرار ضد الاستيطان الاسرائيلى فى الاراضى الفلسطينية.
واعتبر حسام الدين ان طرح أحد أعضاء الكونجرس الأمريكي مشروع قانون حول ترميم الكنائس القبطية يعد انتهاكا لحقوق السيادة الوطنية، فضلا عن ان مشروع القانون يتضمن مغالطات تتنافي مع الواقع جملة وتفصيلا خاصة أن مصر لم تشهد عنفا طائفيا وإنما شهدت أحداثا إرهابية ارتكبتها جماعة خارجة عن القانون.
فشل أمريكا فى عهد أوباما
بينما قال السفير هانى خلاف، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون العربية، إنه على الرغم من الترحيب الدولى بالخطاب الأخير لجون كيرى وزير الخارجية الامريكى، الا أنه اثار انتقادات واسعة، خاصة أن فترة باراك اوباما من الفترات السياسة الخارجية الامريكية الفاشلة على مر العصور فى تناول القضايا الهامة فى المنطقة، وأهمها الملف السورى والليبي والعراقى وحتى الملف الفلسطيني، بالرغم من السماح بالتصويت فى مجلس الأمن على قرار ضد الاستيطان الاسرائيلى فى الاراضى الفلسطينية، وهو كان يهدف تحسين ماء الوجه أمام العالم قبل نهاية فترة عملة كرئيس للولايات المتحدة الامريكية.
وأضاف "خلاف" فى تصريح خاص أن أوباما فشل فى تحقيق أى من الوعود التى وعد بها فى خطابه أول عقب تنصيبه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، مضيفا أن أوباما أراد أن ينهى مشوار عمله السياسى فى البيت الابيض مثلما بدأه فضلا عن انه اراد فتح عدد من الملفات المشتعلة امام دونالد ترامب الرئيس الامريكى الجديد.
خطاب الوداع
أطلق مجدى الدقائق – رئيس تحرير مجله اكتوبر سابقا – على خطاب جون كيري وزير الخارجية الامريكية المتعلق بالعلاقات الامريكية الإسرائيلية وعملية السلام والقضية الفلسطينية، بخطاب الوداع، أو خطاب الوقت الضائع، حيث سيغادر أوباما وإدارته البيت الابيض 20 يناير المقبل.
وأضاف عبر حسابه الخاص على "فيس بوك" ان الهدف من الخطاب محاولة لتبرئة عهد اوباما من فشلها في إحياء عملية السلام، وعدم إلتزامها بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية علي اساس حل الدولتين، لافتا إلى ان كيري لأول مرة يتحول ناصحا لإسرائيل ومؤكدا إستمرار ضمان واشنطن لأمنها.
واكد ان كيرى اراد ان يسلم ادارة الرئيس الامريكى الجديد دونالد ترامب قنبلة موقوتة، وذلك بالاشارة فى الخطاب الى الأزمة بين اسرائيل وبين إدارة اوباما علي خلفية الاتفاق الامريكي مع ايران، مضيفا ان باراك اوباما لن يغفر دور بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلى في إقناع اللوبي اليهودي بالوقوف مع ترامب، ونتنياهو لم ينس تجاهل أوباما لرأي تل أبيب ومخاوفها الإيرانية.
كما رأى ان الخلاف "المؤقت" بين واشنطن وتل أبيب سينتهي بانتقال السلطة لترامب الذي سيجد نفسة مضطرا للاسراع بنزع فتيل قنبلة الإستيطان التي زرعتها في نهاية ولايتها إدارة اوباما، مع تلافي شظايا خطاب كيري المفاجئ، والغير مسبوق.
الموقف المصرى
أكد المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أن المبادئ التى طرحها وزير الخارجية الأمريكي "جون كيرى" لإحياء عملية السلام تنسجم في معظم جوانبها مع التوافق الدولي والرؤية المصرية، ولكن تظل العبرة دائما في إرادة التنفيذ، جاء ذلك في تعليق المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية عقب إلقاء " كيرى" لبيانه مساء الخميس.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية، بأن الرؤية التي طرحها وزير خارجية الولايات المتحدة سوف تحتاج بطبيعة الحال الي دراسة وتقييم شامل، كاشفا ان الوزير كيرى قد تحدث بشأن جوانب متعددة من تلك الرؤية مع وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال الأشهر الأخيرة في إطار تواصله مع الأطراف الدولية والإقليمية الرئيسية.
وشدد المتحدث علي ان إعادة إطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين يحتاج لجهد كبير خلال المرحلة القادمة، وان مصر تقف علي استعداد دائم للمشاركة في هذا الجهد ورعايته مع شركائها الإقليميين والدوليين، وفي مقدمتهم الإدارة الأمريكية الجديدة، وبالتواصل المباشر مع طرفي النزاع، استنادا الي ما لديها من خبرة وتجربة تاريخية تتسم بالشمولية والواقعية علي النحو الذي ورد في الرؤية التي طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسى في مايو ٢٠١٦.