أسرار انبهار العرب بالسينما الهندية.. ناقد: إعلاء القيم الإنسانية في محتوى الأفلام.. وآخر: العادات والتقاليد متقاربة مع المجتمع المصري

اميتاب باتشان وابنه
اميتاب باتشان وابنه

لا يستطيع أحد أن ينكر أن السينما الهندية تحتل مكانة مميزة علي خارطة السينما العالمية، بل أن المتخصصين في مجال صناعة السينما أدرجوها في المرتبة الثانية بعد السينما الأمريكية.

السينما الهندية اكتسبت شهرة كبيرة في مصر منذ نهاية الخمسينات، حيث لا يزال الكثيرون من الجيل القديم يتذكرون فيلم (أمي الهند) أو (من أجل أبنائي) للمخرج الهندي محبوب خان عام 1957، وكذلك فيلم (سنجام) بطولة راج كابور، وبعد ذلك نالت أفلام أميتاب باتشان شهرة كبيرة جدا لدرجة أن أسم أميتاب باتشان كان يعنى السينما الهندية، وبعد فترة انقطاع استمرت ثمانية عشر عاما عادت الأفلام الهندية إلى قاعات السينما المصرية مع ظهور فيلم (أسمى خان) وذلك في شهر فبراير عام 2010 وقد حقق الفيلم إيرادات ضخمة بالإضافة إلى ظهور العديد من المقالات التي تناولت الفيلم وهكذا إن عودة الأفلام الهندية إلى مصر تعكس تزايد شعبية السينما الهندية على مستوى العالم.

في البداية يقول الدكتور خالد عبد الجليل رئيس قطاع الإنتاج الثقافي بوزارة لثقافة: السينما الهندية تعد أكثر السينما العالمية إنتاجا سواء في الأفلام السينمائية أو الأفلام التسجيلية وتتخطي السينما الأمريكية في الإنتاج، والعلاقة بين السينما الهندية والمواطن المصري علاقة قديمة بدأت من أوائل القرن الماضي، وتتميز الأفلام التجارية بالسينما الهندية بتوليفة محببة لدي المشاهد العربي من قصة درامية تجعل المتفرج في أحيان كثيرة يصل لحد البكاء، واستعراضات وغناء وموسيقي جميلة، ليس ذلك فقط بل أن السينما الهندية استطاعت أن تجذب قاعدة عريضة من المشاهدين العرب بسبب احترامها للمشاهد فغالبية السينما الهندية لا تحتوي أحداثها علي مشاهد خادشة للحياء تجعل رب الأسرة أن يحجم علي مشاهدتها مع أفراد أسرته، والسينما الهندية في عصرنا الحالي تميزت باستخدامها التكنولوجيا الحديثة التي تصل لحد الإبهار، لكن الغريب أن بالرغم من أن الهند تعد من أولى الدول في الإنتاج السينمائي وعلى الرغم من ذلك فإن العائد السنوي لا يتجاوز الواحد في المائة بينما في الولايات المتحدة الأمريكية يصل عائدها إلى 60% وهذا غريب جدا.

النجم الهندي أميتاب باتشان من أكثر النجوم في الهند الذين اكتسبوا شهرة واسعة علي مستوي العالم كله، بل كان حضوره إلي القاهرة في أواخر القرن الماضي في احدي دورات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي تم تكريمه فيها كان حدثًا جللا في مصر بل في العالم العربي كله، وكان الاستقبال الأسطوري الذي حظي به في القاهرة مثار دهشة وانتقاد كثيرين، لكن هذا الاستقبال الأسطوري الذي حظي به باتشان في مصر لم يأتي من فراغ، بل جاء بعد رصيد هائل من الأفلام التي صنعت نجوميته في مصر مثل أفلام ( مارد، كولي، لقاء الجبابرة، شاهنشاه، الشعلة، وغيرها من الأفلام التي لاقت إعجاب المصريين) لدرجة أنه بعد عرض فيلم( كولي) تداولت أقاويل تؤكد أن أميتاب أشهر إسلامه بعد قيامه ببطولة هذا الفيلم الذي جسد من خلاله شخصية حمال حقائب مسلم في محطة دلهي للسكك الحديدية ونطق الشهادتان في نهاية الفيلم، لكن خرجت السفارة الهندية ببيان نفت فيه هذه الشائعة مؤكدة أن أميتاب باتشان يحترم الديانة الإسلامية لكنه ما زال هندوسي ولم يتركها ليعتنق الإسلام.

الناقدة ماجدة موريس تقول: أميتاب باتشان كان ظاهرة سينمائية هندية لاشك فيها وأثرت في كثير من شبابنا الذين تابعوا أفلامه في دور العرض المصرية، وحققت أفلامه إيرادات فاقت كبار النجوم المصريين في مجدهم وقمة تألقهم، نظرًا لظهوره كبطل مثالي من وجهة نظر الكثير من الشباب فهو ذو جسد رياضي ووسيم وغير ذلك من مقومات الرجولة، بعكس نجومنا في ذلك العصر فتجد البطل الذي يقوم بأدوار الأكشن ذو كرش وأصلع وعنده أمراض كثيرة فكيف تقنع المشاهد بأن هذا بطل يستطيع أن يتعارك مع العشرات من الرجال وهزمهم، لذلك وجد المشاهد في باتشان نموذج للبطل الحقيقي فعشقوه، بل إن تأثيره في الهند إلي أن بعض الناس أوصلوه لمرتبة العبودية.

وتضيف ماجدة قائلة: الهند تعتبر الدولة الأولى في إنتاج الأفلام وليس أمريكا وتشترك هذه الأفلام في العديد من المهرجانات العالمية كما أن السينما الهندية أنجبت نخبة من الفنانين المتميزين الذين تركوا بصمة واضحة في صناعة السينما ومن ناحية أخرى فقد تميزت السينما الهندية بعدة ملامح منها العواطف الجارفة التي تندرج فيها من حزن وفرح ورومانسية وهكذا إلى جانب الملامح الهندية القديمة التي لا يخلو أي فيلم منها لدرجة أنها أصبحت العنصر الأساسي في أي فيلم هندي والأغاني والموسيقى وهناك فيلما عالميا في هوليوود يقلد الأغاني والموسيقى التي توجد بالأفلام الهندية كما أنه يوجد أسلوب جديد تتبعه السينما الهندية حاليا أسمه mtv الذي يقدم الأغنية أسرع مما كانت عليه من قبل ويبدو أن السينما الهندية في مفترق طرق من المستوى الثقافي والاقتصادي والتجاري فهي تحاول أن تجارى السينما العالمية وكثيرا ما نرى فيلما هنديا لا نستطيع تصنيفه إذا كان أكشن أم رومانسي أم اجتماعي، أما بالنسبة لتواجدها في مهرجان مثل مهرجان دبي فهذا أمر طبيعي لأنها بالفعل سينما عالمية ذات حضور قوي في جميع المهرجانات العالمية.

جاءت الأفلام الهندية من قلب مجتمع يتمتع بعادات وتقاليد هي قريبة جدا بل يمكن أن نقول أنها متطابقة مع عاداتنا الشرقية، وأعلت هذه الأفلام من قيمة الأب والأم والأخت لدرجة أننا اكتشفنا من خلال الأفلام الهندية أنه يوجد في الهند عيد مثل عيد الأم عندنا في مصر وهو عيد الأخت يقدم فيه الأخ لأخته هدايا قيمة في هذا العيد، كما نجد في هذه الأفلام إعلاء قيمة الأسرة ككل واحترام الكبير بدرجة كبيرة مبالغ فيها بالمقارنة بأفلامنا المصرية، ومثل هذه العادات والتقاليد التي نراها من خلال السينما الهندية أكسبتها احتراما كبيرا في الشارع العربي.

الناقد فتحي العشري يقول: السينما الهندية أعلت الكثير من القيم الإنسانية في العديد من أفلامها مثل قيم الصداقة والأخوة وأعلت من صفات الشهامة والتضحية والرجولة الحقيقية، وهو الأمر الذي مس مشاعر وأحاسيس المشاهد العربي الذي وجد أن هذه القيم هي التي نشأ عليها لكنه لا يجدها في أفلامه التي أصبحت غارقة في الابتذال والإسفاف وهو ما صرف المشاهدين عنها واتجه للأفلام الهندية التي تميزت بروعة في الصورة وتكنولوجيا عالية في العديد من العمليات الفنية التي تجعل الفيلم يظهر بصورة أكثر من رائعة بالمقارنة بالفيلم العربي أو المصري البعيد كل البعد عن هذه التكنولوجيا.

مثلما حدث في مصر أن أبناء بعض الفنانين اتجهوا للفن مثل أبناء عادل إمام وأشرف عبد الغفور ومحمود ياسين وغيرهم من نجوم الفن في مصر اتجه عدد من أبناء نجوم السينما الهندية للتمثيل مثل ابهشيك باتشان ابن النجم أميتاب باتشان، عائلة ديوول الأب النجم الشهير دارامندار الذي شارك باتشان بطولة فيلم الشعلة فزوجته هي النجمة الهندية الشهيرة هيما مالايني، وأبنائه هم النجوم سوني ديوول وبوبي ديول وايشا ديوول، ومن العائلات الشهيرة أيضًا في السينما الهندية عائلة كابور الذي يرأسها النجم الهندي الكبير راج كابور، وأبنائه من نجوم السينما الهندية مثل ريشي كابور، رنبير كابور، راندير كابور، كارينا كابور.

المنتج كامل أبو علي يري أن السينما الهندية بالرغم من إبهارها وتقدمها إلا أنها لن تستطيع أن تنافس الفيلم العربي نظرًا لأن السينما الهندية ما زالت تتميز بأن فيلمها يتخطي حاجز الساعتان وأكثر وهو ما يصيب المشاهد بالملل في ظل الإيقاع السريع الذي يعيشه العالم الآن، والفيلم الهندي لن يستطيع أن يعود لسابق عهده في تاريخ دور العرض المصرية نظرا لآليات التعامل مع الفيلم الأجنبي الذي تتعامل معه دور العرض المصرية وأقرتها غرفة صناعة السينما، وأفضل مكان للفيلم الهندي الآن هو شاشات الفضائيات التي تلتف حولها الأسر للتسلية، ويشير رمزي أن عمل عائلات بأكملها في السينما الهندية ظاهرة ليست خاصة بهم، بل هي ظاهرة عالمية وتوجد في كل دول العالم مثل مصر وغيرها من البلدان العربية، فهي ليست حكرًا علي السينما الهندية، وهي تدل أن الفن من الممكن أن يكون جين وراثي ينتقل عير التزاوج من جيل لآخر من نفس العائلة.

النجم الهندي شاروخان تولي راية نجومية السينما الهندية بعد الفنان أميتاب باتشان حتى أطلق عليه العديد من الألقاب مثل الإمبراطور والكينج وغيرها من الألقاب التي جلبها له العديد من الأفلام التي شارك في بطولتها ولاقت صدي واسع وكبير في الشارع العربي والعالمي أيضًا وتحدث عن موهبته العديد من النجوم العالميين.

عبر النجم ويل سميث عن إعجابه الشديد بشروخان وطريقته الخاصة في التمثيل وقال لقد أبكاني حين شاهدت فيلمه ديفداس وقال في هذا الصدد لا اعرف كيف اعبر لكن انه ممثل بارع.

عبرت النجمة انجلينا جولي عن إعجابها الكبير بشاه روخان وقالت انه نجم من الطراز العالي وموهبة فذة انه ممثل غير عادي أنني اعتبره من أحسن الممثلين المفضلين لي.

قالت النجمة كيت وينسليت لقد شاهدت في فيلم ديفداس في مهرجان كان قالت ولقد ابهرني أداءه المميز وتلقائيته في الأداء انه بالحق نجم بمواصفات خاصة ومن الصعب أن تجد ممثل من هدا العيار.

أبدت النجمة سلمى حايك بأنها جدا معجبة بأدائه التمثيلي وأصبحت مدمنة على أفلامه بطريقة غير عادية، وتمنت أن يجمعهما مشروع فيلم ما.

المنتج أحمد السبكي يشير إلي أن إبهار المشاهد العربي بالسينما الهندية إبهار زمني فقط، لكن لا يمكن أن تمس السينما الهندية مشاكلنا وآلامنا وأحلامنا مهما زاد إبهارها وتقدمها، والمشاهد العربي الآن أصبح أكثر وعيا وثقافة مما قبل، ويؤكد السبكي علي أن المشاهد العربي بعد ثورات الربيع العربي لن يجد راحته في سينما بعيدة عن أوجاعه وأحلامه، ولنفس هذا المنطق فإن السينما الهندية مهما زادت تقدما وإبهارًا فلن تتربع علي عرش دور العرض العربية.

ويلمح أحمد السبكي أن السينما الهندية سينما رائدة في العالم كله وتقدمت عن السينما المصرية والعربية بمراحل ولكي نواجه قوة السينما الهندية لابد من التعامل مع التكنولوجيا الحديثة سواء في التصوير أو المونتاج أو الإخراج واختيار موضوعات تتميز بحساسية وعمق عن الموضوعات التي استهلكت من قبل.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
مصطفى بكري مُطالبًا بإصدار قانون يعاقب من يسئ للجيش: مش هنسيب الرئيس يحارب لوحده