أفراد الأسرة والأصدقاء يتحملون عبء مريض الاكتئاب

مريض الاكتئاب
كتب : وكالات

يبدو عنبر مرضى الاكتئاب بمستشفى أليكسيانر سانت جوزيف في برلين من الخارج محاطا بالبهجة، فالجو يسوده الهدوء والردهات زاهية، كما يشع الود من جنبات الغرف المخصصة لنحو 28 مريضا وتتسع الواحدة منها لمريض أو ثلاثة.

ولا يمكن أن ترى هنا محاليل معلقة تقطر محتواها في شرايين المرضى، ولن تجد أيضا أيا منهم ملفوفا بأربطة لتضميد جروحه، ولن تكتشف علامات المرض أو الإصابة بشكل واضح على أي منهم، غير أنهم يعانون جميعا من مرض خطير، كما يمكن أن يصبح العبء الذي يحمله أفراد الأسرة والأصدقاء من أجل رعايتهم ثقيلا.

وتجلس واحدة من المرضى- وسنطلق عليها اسم يوهانا- على مقعد وهي منكمشة إلى حد ما.

وتقول يوهانا التي تبلغ من العمر 50 عاما "لقد فقدت اتجاهي في الحياة".

وتوضح ما اعتراها من متاعب قائلة إنها كانت منغمسة في العمل، ثم أصبح الأمر مجهدا بالنسبة لها، بل إنها انسحبت من دائرة الأصدقاء والمعارف.

وتضيف "إن كل شيء كان يمثل أهمية بالنسبة لي، ويستحق الكفاح من أجله انفجر كالبالون وتلاشى".

وتساءلت قائلة "ما العمل مع ابنتي التي لا تفهم أن أمها تريد التخلص من حياتها ؟"

ويرى كثير من الخبراء أن الدعم والمشورة المقدمين للأشخاص القريبين من المرضى بالاكتئاب خاصة أفراد أسرهم ليسا كافيين، وحتى في المرحلة المبكرة للغاية من المرض غالبا ما يصاب هؤلاء الأشخاص بالحيرة إزاء ما ينبغي عليهم عمله.

وتشير إيريس هاوث مديرة مستشفى أليكسيانر سانت جوزيف المتخصصة في رعاية مرضى الاضطرابات العصبية والنفسية إلى أن "هذه الحيرة تؤدي كثيرا إلى نتائج عكسية"، وتحذر على سبيل المثال من أن مخاطبة المريض بنية حسنة بالقول" عليك الخروج من هذه الحالة النفسية، وستتحسن كل الأمور"، يمكن أن تؤدي إلى دخول المريض إلى حالة أسوأ من الاكتئاب".

وتقول هاوث إن أفراد الأسرة بحاجة إلى تعريفهم بطبيعة مرض الاكتئاب الإكلينيكي وهو نوع من الاضطراب العقلي يجعل المريض يشعر بالحزن وفقدان الأمل والاهتمام بأنشطته المعتادة، وكذلك كيفية التعامل مع هذا المريض، غير أن هذا التعريف يتطلب وقتا بينما لا يوجد تمويل كاف له.

وهناك حالة مرضية أخرى وهي بيترا-وهذا ليس هو اسمها الحقيقي- التي تبلغ من العمر 44 عاما.

وتقول بيترا "إنني أعاني من شعور قوي بالذنب لا أعرف مصدره".

ومن بين أسباب هذا الشعور أنها تلوم نفسها بسبب زيادة وزن ابنتها، حيث تقول إنها لم تكن تحرص على إعداد وجبات صحية لها، ولم تعد تستطيع إصلاح نتيجة ما فعلته.

وتكاد تشعر بالاضطراب حتى على الرغم من أنها تقول إن ابنتها تمكنت من إنقاص وزنها وتسير الأمور معها جيدا.

وتضيف "إنني لا أستطيع ببساطة التطلع نحو المستقبل، فأنا منغرزه في الماضي، وأحاول وقف الأفكار السلبية من التزاحم في عقلي، وهي تأتي إليه بصورة آلية".

وتتابع "إن اسوأ شيء يمكن ان يحدث لي هو انقطاع نظام الدعم الاجتماعي لي لأواجه المرض وحدي، وسيمثل ذلك كارثة لي في حالة حدوثه".

وحصلت بيترا على إجازه مرضية منذ فبراير الماضي، وتشير إلى أن استعادة عافيتها ستستغرق وقتا طويلا.

وتزداد حالات تشخيص الاكتئاب الإكلينيكي (السريري) في ألمانيا منذ سنوات، ويحصل المرضى على أجازات مرضية لمدة ثلاثة أشهر في المتوسط، مما يمثل مشكلة بالنسبة للأعمال الصغيرة والمتوسطة.

وتعد ضغوط العمل عاملا رئيسيا للإصابة بالاكتئاب، وفي المكاتب الصغيرة يكون من المستحيل فعليا تجنب زميل يثير الأعصاب.

وسيحاول صاحب العمل بشكل عام التخلص من الموظف الذي يقوم بأجازة مرضية طويلة، وحيث أن قوانين العمل غالبا ما تحول دون فصل العامل المريض، يتم استخدام وسائل أخرى لإبعاده، ومن بين هذه الوسائل استفزازه ومضايقته، وهنا تبدأ الدائرة الخبيثة لمرضى الاكتئاب.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
محمد صلاح: أشعر بخيبة أمل كبيرة ورحيلي عن ليفربول أقرب من بقائي