"الزار" ظاهرة يصفها البعض بالجهل والبعض الآخر يميل للمشاركة فيها ولكن يلجأ البعض الآخر ما بين سيدات ورجال لـ"الزار" كنوع من الحل والخروج من الأزمات التي لا يجدون لها مخرجا، ولا يقتصر اللجوء للزار على السيدات فقط بل يلجأ إليه الرجال أيضا للعلاج من أمراض والخروج من أزمات نفسية ومالية وزوجية أيضا.
الزار هو لمن لا يعلم، مجموعة من أشباه الطقوس الشعبية، لها رقصات وحركات وعبارات خاصة تصاحبها دقات موسيقية على آلة الدف، أقل وصف لها أنها صاخبة للغاية، ويصاحب هذه الأمور إطلاق البخور، وأصل كلمة زار تعود للعرب حيث أنها كلمة عربية مستعارة على الأرجح من اللغة الأمهرية ويميل المفسرون إلى أنها تنبع من كلمة زائر نحس، والطقوس الصاخبة الغرض منها طرد الأرواح الشريرة والعفاريت التي تتسبب في المشاكل والأزمات وتحل المشكلات.والزار انتقل إلى مصر في القرن التاسع عشر من الحبشة اعتقادا بطرد الأرواح الشريرة والجن التي هربت أو طردت من الجنة بسبب أفعال شريرة وتتسبب في تعقيدات حياة البشر، لأنها لا تجد مكانا لها لتعيش، وتقوم بطقوس الزار سيدة تلقب بالشيخة أو العريفة كما يسميها أهل المغرب ويطلق عليها المصريون "الكدية" التي تفرق بين العفاريت والبشر وبين عفاريت وأرواح مصر والسودان.والفئات التي تلجأ لإقامة الزار لا علاقة لها بالمستوى التعليمي أو الاجتماعي، بل تلجأ لها كل الطبقات ما بين سيدات وفتيات ورجال أيضا، وتقام طقوس الزار في ليلة الخميس بحيث يكون نشاط الجن أعلى وأكثر قوة، بينما يشارك في طقوس الزار رجال لهم صفات خاصة ويتميزون بالشعر الطويل والجسد الرفيع ويجيدون العزف على الدفوف والغناء بصرف النظر عن جودة الصوت.يستخدم في الزار أغنيات ومقطوعات لها نغمة شديدة الضجيج ومنفرة المفترض أنها مفهومة من الجن وأصحابهم ويردون عليها ويستجيبون لها.يرجح علماء النفس أن الأشخاص الذين يميلون للزار هم مرضى وصلوا لطريق مسدود في حل مشكلاتهم، وهي المشكلات التي يفكرون بها بأفق محدود لا موضوعية فيه، أو يكون اليأس من حلها مقصودا من شريك الحياة أو الشريك في العمل، وهذا النوع من الاكتئاب يؤدي للموافقة على أي مخرج حتى لو كان لا يناسب أفكار الشخص نفسه واتجاهاته ومعتقداته أملا في التخلص من المشكلات التي يعاني منها.وعلى قائمة المشكلات التي تجعل الشخص يلجأ للزار المشكلات الزوجية المرتبطة بالعلاقة الحميمية بين الزوجين حيث تفسر السيدات الضعف الجنسي لأزواجهن بالعمل السفلي أو السحر ومن الصعب أن تلجأ أو تطالب زوجها بالعلاج الطبي، وكذلك فإن رفض الزوجة للزوج بسبب فظاظته أو لأسباب أخرى يفسرها الأزواج بأنها سحر ويجب العلاج منه ولا يفكر أي منهم أنه ربما كان سبب نفور الزوجة رائحة جسده أو رائحة الفم أو فظاظته في اللقاء الزوجي.والتأخر في الزواج هو السبب الثاني في نفس القائمة، حيث يظن الأهل أن تأخر زواج الفتيات أو الفتيان بسبب أعمال سحر من أشخاص يكرهون لهم الخير وبالتالي يلجأون للزار وغيره، والأزمات المادية هي السبب الثالث، حيث يلجأ أصحاب الشركات والأعمال لإقامة الزار أو أعمال من هذا القبيل لفك أزمات وعثرات أعمالهم.فهل تلجأ عزيزي القارئ يوما للزار لحل أزمة ما، بدلا من أن تلجأ للطبيب النفسي أو طبيب متخصص أو شخص يمكنه المساعدة.