ليس أمرًا جديدًا أن ينفذ أحد الفلسطينيين، عملية دهس في حق جنود الاحتلال الإسرائيلي، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعطى بعدًا آخر للعملية التي تم تنفيذها اليوم الأحد، عندما ربط العملية بتنظيم داعش.
وقال نتنياهو، في تصريحات له اليوم، إن منفذ هجوم القدس الذي اقتحم تجمعًا لعسكريين اسرائيليين في القدس من مؤيدي تنظيم الدولة الإسلامية، فيما تظاهر الالاف من أنصار حركة حماس في مختلف محافظات قطاع غزة ابتهاجًا بعملية الدهس في جبل المكبر، التي أدت لمقتل 4 جنود وإصابة 15 آخرين.
وقتل أربعة جنود، بينهم ثلاثة نساء، على الأقل في العملية التي استهدفت تجمعا لعسكريين في أحد المتنزهات، بحسب مصادر أمنية وطبية إسرائيلية.
وخلال 15 شهرا الماضيين، نفذ فلسطينيون عمليات ضد إسرائيليين طعنًا وباستخدام أسلحة نارية، فيما أظهرت صور كاميرات المراقبة بالمتنزه شاحنة اقتحمت تجمعا من الجنود ثم عادت إلى الوراء لتدهس الضحايا من جديد، ويأتي الهجوم بعد أسابيع من حادث مماثل في العاصمة الألمانية برلين أسفر عن مقتل 12 شخصًا، تبناه تنظيم داعش.
وصفت حركة حماس "عملية" القدس اليوم بأنها "بطولية" وتأتي كرد فعل طبيعي على "جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين "، وقال حازم قاسم الناطق باسم حماس "العمليات الفدائية المتواصلة في الضفة الغربية والقدس تثبت أن انتفاضة القدس ليست حدثا عابرا، وإنما هي قرار الشعب الفلسطيني بالثورة حتى النهاية للحصول على حريته والانعتاق من الاحتلال".
وأضاف قاسم: "وبقدر ما تأتي العملية في سياق الرد الفعل الطبيعي على جرائم الاحتلال، فانها تأتي في سياق ثورة شعبنا المستمرة على الاحتلال".
وأضاف الناطق "تثبت هذه العمليات أن كل محاولات الالتفاف على هذه الانتفاضة، أو اجهاضها ستفشل في كل مرة وأن جرائم الاحتلال من الاعتقالات والقتل على الحواجز وهدم البيوت لن تكسر إرادة الشعب، بل ستزيد إصراره على مقاومة الاحتلال حتى الحصول على حريته"، على حد تعبيره.
وتعتبر العمليات النوعية للمقاومة الفلسطينية، في استهداف قوات الاحتلال والمستوطنين، هي الشرارة الأولى للانفجار، والمواجهة القادمة مع جيش الاحتلال الصهيوني.
عمليات الدهس، هي إحدى وسائل "الذئاب المنفردة" التي تنفذها المقاومة الفلسطينية، حيث المنفذ هو شخص واحد، والتي تعتبر تهديدا حقيقيا للاحتلال في الضفة الغربية، ويعيد أساليب المقاومة إلى سابق العهد قبل انتفاضة الأقصى، وهي قيام أفراد وعناصر من الفصائل الفلسطينية، وتحديداً حماس والجهاد الإسلامي، بعمليات ضد الاحتلال دون الإعلان عنها صراحة، مما يترك مجالاً لتضليل الاحتلال واستخباراته، في مواجهة التنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة هناك.
فالعمليات الجهادية المعروفة، عادة ما تتطلب المرور عبر ثلاث مراحل، هي (اختيار الهدف وتجميع المعلومات بشأنه، ثم الإعداد للعملية، ثم تنفيذ العملية)، بينما العمليات الفردية التي يقوم بها فرد واحد، تكون فرص كشفه من قبل العدو ضعيفة جداً، فمن يمتلك ويسيطر على كامل المعلومات، المتعلقة بهذه العملية هو شخصاً واحداً فقط.
صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، ذكرت أن عملية الأمس تعتبر استمراراً لذات الأسلوب في العمليات، والذي راج خلال العام المنصرم، وهو أسلوب العمليات الفردية، حيث يستيقظ الفلسطيني صباحاً، وقد قرر تلك العملية بينه وبين نفسه، دون وجود خلية أو تنظيم مطلع على نوايا ذلك الفلسطيني، ما يجعل من عملية إحباطها قبل وقوعها مستحيلة.
الجنرال يسرائيل حسون، الذي شغل منصب نائب رئيس جهاز "الشاباك"، حتى عام 2000، يرى أن العمليات الفردية مثلت دوماً "وجع رأس" لجهازه، بسبب التجهيزات البسيطة التي يحتاجها منفذ العملية لإنجاز مهمته.
وقال حسون إنه ببساطة، بإمكان منفذ العملية أن يصل إلى أي مدينة داخل الكيان الصهيوني، ويشتري سكيناً من أي محل تجاري، ثم يتجه إلى محطة لنقل الركاب ويقوم بالطعن.
وأعرب حسون عن يأسه من إمكان حسم الحرب في مواجهة المقاومة الفلسطينية، قائلاً: "من يعتقد أنه بالإمكان إنهاء هذا الواقع، فهو يبيع الوهم، بالإمكان تقليص العمليات، أو وقفها لفترة محددة، لكنها سرعان ما ستنفجر من جديد".
وتقول اسرائيل إن التحريض هو سبب هذه الهجمات، بينما حملت القيادة الفلسطينية الاحتلال الاسرائيلي المتواصل منذ عقود والغضب الذي يسببه مسؤوليتها، إلا ان تصريح نتنياهو حول علاقة داعش بعملية اليوم، سببه اتجاه التنظيم الإرهابي لتبني عمليات دهس خلال الفترة الأخيرة، فيما ظهر في حادث دهس نفذه أحد عناصر التنظيم في العاصمة البريطانية برلين.
وفي عمليات الذئاب المنفردة، يستيقظ الفلسطيني صباحًا، وقد قرر تلك العملية بينه وبين نفسه، دون وجود خلية أو تنظيم مطلع على نوايا ذلك الفلسطيني، ما يجعل من عملية إحباطها قبل وقوعها مستحيلة، وهي الطريقة التي يعتمد عليها داعش، داعش، الذي بدأ يستحث عناصره على العمليات المنفردة "الذئب المنفرد" حيث أصدر مؤخرًا نسخة بالإنجليزية لكتيب الأمن والسلامة الذي وضعه أحد عناصر تنظيم القاعدة باللغة العربية سابقا، وفيه يقدم نصائح للخلايا النائمة والذئاب المنفردة في الدول الغربية بما يجب فعلة وتجنبه حتى لا يتم اكتشافهم.