في واقع أغرب من خيال الأبالسة، ومن واقع ملفات قضايا جنايات حقيقية (بإحدى محافظات الوجه البحري) ..في قرية كبيرة تقترب من طور المدينة، يشرق الأب المسكين بعد الفجر، على مبتدأ الطريق ليقطع سفراً، غامضا طويلا، إلى أقصى الشمال الغربي .
لم تكن رحلة سفره هذا سوى تعبيرا رمزيا لرحلة عمره، من الشرق ومع الشروق ينطلق للغرب ليصله معه الغروب، رحلة تبدأ مع الإشراق من أجل زوجة نمرودة، ولكنه كان يحبها ويُحسن ظنه بها، ومن أجل فتاة كالقمر، النظرة في وجهها القمري ينسيه التعب والسفر والغُربة،..
من قرية بمحافظة كفر الشيخ يصلي الزوج الفجر، يرتدي ملابس ثقيلة تقيه البرد، يحمل حقيبته، لا يوقظ الزوجة النائمة حرصا على راحتها، يتوجه في شوق ووجد لغرفة ابنته ذات الإثنى عشر ربيعا، يقبل جبينها برفق.
الطفلة، رغم حرص الأب على طبع القُبلة بمنتهى الرفق، تستيقظ، تتعلق بعنق الأب، تغرقه بالقبلات، وهي في شبه حُلم، نائمة يقظة مبتسمة تودع الروح الحنون الحارسة.
الأب ينتظر لحظات بكل قلق الكائنات الحية، يرقب حبيبته حتى تعود للنوم وتهدأ تماما، يغلق باب الغرفة بكل هدوء، يغلق باب المنزل خلفه، ينطلق بكل قوة، طاويا في دقائق كيلوات من الأمتار، ليدرك أول سيارة منطلقة في الصباح الباكر من مدينة دسوق، إلى الأسكندرية، إلى مرسى مطروح، يصل مع المغيب.
يواصل العمل ثلاثة شهور متصلة، محروما من رؤية الابنة الحبيبة الحنونة، والزوجة المخلصة فقط في عقله، محروما من كل متع و أسباب السعادة.
الطفلة عائدة من المدرسة مكتئبة حزينة، يتكاثف الظلام في عينيها العسليتين، كلما اقتربت من البيت، حسب تعليمات الشريرة، تدخل في هدوء تغلق باب المنزل، ترمي نظرة غضب على باب حجرة الأم الخبيثة، تتنازعها مشاعر حب الأم، وكره لا تعلم سببه، والاشفاق على الأب المسكين.
تغلق عليها باب حجرتها، تأتيها من حجرة الأم همسات وضحكات وآهات وصيحات تصيبها بمزيد من الظلام في القلب والعقل.
صدمة قوية، انكسر باب البيت، رجال ونساء يدخلون، مجموعة منهم تقتحم غرفة الفتاة، يجدونها تبكي في زاوية الحجرة، المجموعة الأخرى اقتحمت غرفة الأم، ألقي القبض على العشيق في أحضان الخائنة.
الفتاة ترسل إلى بيت عمها القريب، لا تدري ما يدور حولها في شبه غياب عن الوعي، تلغراف أرسل للأب الغائب ..المسكين يأتي على عجل، قلق على ابنته وزوجته، يخبروه الحقيقة، يطلق الزوجة، تنطلق التي تنطلق في العار إلى أهلها في قرية أخرى.
مضى عامان على اليوم المريع، الأب في وسط الدار الريفية، كله ألم من مشهد ابنته الحزينة "الدبلانة" يريد السفر، قلق على يمامته المسكينة.
يدق باب الدار..زوار يقترحون الصفح والعفو، دموع الفتاة الحبيسة في مقلتيها ترغم الأب على الصفح.
ستة شهور فقط مرت، الفتاة تقرر اتخاذ موقف، تدفع باب غرفة الأم، وهي في أحضان العشيق، تنفجر فيها، كفاكي يا أمي، أبي المسكين لا يستحق.
بكل شر أم، تنظر للفتاة من أمام الوجه الملاصق، تطلق ضحكة شيطانية ،تدفعه عنها، وتنهض في ثوب الفجر، تمسك الفتاة من شعرهاـ تطرحها على الفراش المدنس، توجه ضحكة لشيطانها الذي أربكه فعل الأم .
يستجمع قواه الشهوانية بإغراءات الأم الفاجرة، يغتصب البراءة.... الأم ...الشريرة تضحك..هكذا أصبحت شريكة معي ..حذاري و إلا ..
شهور تمر..الفتاة تتحول لصنم من الحزن والحيرة والخوف، الأم تمتنع عن استقبال العشيق أسابيع..الريبة تصيب الفتاة.
الأم في تحول مريب، تخبر الفتاة بأنها تابت، وتريد الصلح مع الأب، وتخبرها بأنها لتنال ثقة الأب وتتغلب على كرهه لها، ذهبت لشيخ طيب عمل لها "حاجة" لتُحبب الأب فيها، وعلى الفتاة أن تضع لها هذا الشيء في كوب الشاي.
الفتاة تبدي تمنع وقلق، الأم تلمح لها أنها ستفضحها وستخبر الأب بأن ابنته فعلت الفحشاء وليست عذراء..تخضع الفتاة تضع المسحوق الأسود في كوب الشاي تقدمه لأبيها، ولكنها تصاب بشعور غامض.
تنطلق الفتاة لبيت عمها، باكية تنهار بين يديه ، تحكي له، لكنهم يدركون الأب ميتاً.
في ساعة مبكرة من يوم صيفي مشرق، يفتح باب الزنزانة ..فريق الإعدام .....ينفذ الحكم.