تستضيف العاصمة الإمارتية أبوظبي، غدًا السبت، اجتماع الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" في دورته السابعة يومي 14 و15 يناير الجاري، يليه العديد من الفعاليات التي تمتد على مدار الأسبوع.
وتشجع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة الحكومات على تبني سياسات فعالة نحو الاستخدام المستدام لجميع أشكال وأنواع الطاقة المتجددة ويشمل ذلك الطاقة المولدة من مصادر متجددة مثل الطاقة الحيوية والطاقة الحرارية الجوفية من باطن الأرض، وطاقة الرياح والمحيطات والطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية.
وتفيد توقعات وكالة الطاقة الدولية أن يصل حجم الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة في العالم إلى 7 تريليونات دولار في غضون 25 عاما، وأن القطاع سينتج 43% من إجمالي إنتاج الكهرباء بالعالم، مع حلول عام 2040.
وأشار عدنان أمين المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أن نظام الطاقة العالمي القائم حاليا، يتسبب في ما يعادل ثلثي حجم انبعاثات الغازات الدفيئة. مؤكدا أن التحول السريع إلى نظام عالمي جديد يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة هو السبيل الوحيد لخفض البصمة الكربونية للاقتصاد العالمي والحفاظ على معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض عند درجتين مئويتين. في حين توقعت ماري جوزيه نادو رئيسة المجلس العالمي للطاقة، أن يزداد الطلب العالمي على الطاقة خلال العقدين القادمين بما يفوق الثلث، الأمر الذي يفرض العمل الجاد من أجل تنويع مصادر الطاقة واستحداث نماذج عمل أكثر استدامة لتحقيق أمن الطاقة العالمي.
وأضافت نادو، أن الأمم المتحدة وضعت جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة الذي يتضمن 17 هدفا رئيسيا من بينها تأمين الطاقة الجديدة للجميع بأسعار معقولة وطرق أكثر استدامة وموثوقية، وستلعب مصادر الطاقة المتجددة دورا رئيسيا في تحقيق هذا الهدف.
وذكرت وكالة الطاقة الدولية، أنه من المحتمل أن تشهد الأعوام الخمسة المقبلة نموا كبيرا في استهلاك موارد الطاقة المتجددة عن المعدلات المتوقعة مسبقا.
وأوضحت الوكالة، في تقرير أعدته بعنوان (تقرير أداء سوق الموارد المتجددة في المدى المتوسط) أن الطاقة المتجددة سوف تكون مصدرا لإنتاج الكهرباء وسيكون معدل استخدامها الأسرع نموا بنسبة 13% في الفترة بين عامي 2015 و2021، مضيفة أن هذا النمو مازال مقتصرا على طاقة الريحية والشمسية.
وعزت الوكالة هذا التوجه نحو استهلاك المزيد من موارد الطاقة المتجددة إلى وجود سياسات قوية في عدد من البلدان المهمة والتي تدعم هذا المسعى إلى جانب انخفاض أسعار تكلفة تلك الموارد بشكل كبير. مشيرة إلى أن استهلاك موارد الطاقة المتجددة تخطى استهلاك الفحم في عام 2015 لتصبح الموارد الرئيسية بالنسبة لمنشآت تصنيع الطاقة في العالم.
وذكر التقرير أن نحو نصف مليون لوح شمسي تم تركيبها عبر العالم خلال العام الماضي، محذرا في الوقت نفسه، من أن التقدم في استخدام الطاقة المتجددة يظل مرتبطا بالأنظمة المستدامة وبحجم الاستثمارات المخصصة لها، فيما تبقى تكلفة التمويل عائقا في الكثير من البلدان النامية.
بدأت جميع الدول الكبرى والصغرى بالترشيد الحازم في استهلاك الطاقة، واستخدام خليط متنوع في معادلة الطاقة من جميع المصادر المتاحة في التدفئة والطبخ والنقل والانارة والتنمية الصناعية والزراعية، واتجه العلماء والباحثون نحو المصادر الطبيعية المتجددة التي لا تنضب، واستغاثوا برجال الاقتصاد والاجتماع والسياسة لدعم بحوثهم الهادفة لتطوير مصادر جديدة وبديلة للنفط والغاز والفحم، أو مصادر طاقة مؤقتة تساعد في تأخير وقت نضوب آبار النفط وحقول الغاز ومناجم الفحم إلى قرن قادم أو أكثر.
وتشهد ساحة الطاقة العربية اهتماما بتكنولوجيات الإنتاج النظيفة، ويظهر ذلك فى رصد العديد من هذه الدول لأهداف مستقبلية لمشاركة أنظمة الطاقة المتجددة، مثل تطبيقات طاقة الرياح والطاقة الشمسية لأغراض إنتاج الكهرباء، وأيضا التسخين الشمسى للمياه فى القطاع المنزلى.
وتشير تقارير صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا" لعام 2016، بأن تلبية جميع أهداف الطاقة المتجددة المعلن عنها في دول مجلس التعاون الخليجي من شأنه توفير 4 مليارات برميل من النفط، فضلًا عن خفض انبعاثات الكربون بنسبة 1.2 غيغاطن، من الآن وحتى العام 2030.
وتعادل هذه الأرقام استهلاكًا أقل بنسبة 25% سنويًا من الوقود الأحفوري في قطاع الكهرباء والمياه بحلول العام 2030، وخفضًا إجماليًا بمقدار 8 % في البصمة الكربونية للفرد الواحد على مدى السنوات الـ 15المقبلة. وسيتم توليد 74 % من الطاقة المتجددة المنتجة في دول مجلس التعاون الخليجي والمقدرة بـ 69 غيغا وات في المملكة العربية السعودية.
وأضاف التقرير أن الوطن العربى يمتد لآلاف الأميال من طرفه الشرقى فى الخليج العربى إلى المحيط الأطلسى فى طرفه الغربى، ومن جبال سوريا ولبنان حتى الهضبة الاستوائية وسهول الصومال، على مساحة تجاوز 14.2 مليون كيلو متر مربع.
وتمثل هذه الرقعة الفسيحة نظما إيكولوجية مختلفة فى طبيعتها ومتطلبات رعايتها وتعظيم عطائها. ومع إمكانية أن يجمع بعض هذه المناطق هم بيئى مشترك، مثل نقص الموارد المائية أو قصور التعامل مع النفايات أو تلوث المناطق الساحلية، إلا أن الحلول المقترحة تظل مرهونة بأسباب التلوث وبالخصائص المميزة لكل منطقة. أيضا نستطيع أن نلاحظ ارتفاع مستويات تلوث الهواء فى غالبية المدن العربية، وتدهور البيئة الأساسية، وتراكم القمامة المنزلية، وزيادة مستويات النفايات الصناعية والزراعية الخطرة، وهو ما أدى إلى تأثيرات سلبية على صحة الإنسان والكائنات الحية.
وبرزت على المستوى العالمى قضايا سياسات الطاقة نتيجة الربط المباشر بين تلوث الهواء وارتفاع معدلات التلوث من مصادر الطاقة الأحفورية، وأيضا عمليات الإنتاج والتصنيع، مما حدا بالكثير من الدول إلى اتخاذ إجراءات رادعة فى مجالات التقنين والترشيد الخاص بإنتاج واستهلاك الطاقة، وذلك بإدخال أساليب وتكنولوجيات نظيفة للإنتاج، واستخدام الأدوات الاقتصادية المحفزة لترشيد الاستهلاك والحد من التلوث. كما اتخذت العديد من الدول عددا من الإجراءات لخفض أو للحد من الانبعاثات الصادرة عن استخدام الموارد الأحفورية، منها إجراءات اقتصادية (التدخل فى الأسعار)، وأخرى ترشيدية (ترشيد الاستخدام)، وتكنولوجية (التكنولوجيا النظيفة)، وقانونية (استخدام المعايير والقوانين البيئية).
وأسهم ترشيد الطلب على الطاقة فى بعض الدول العربية، فى تأكيد أن وفرة الموارد لا تعنى رخص وسوء استخدامها، وإنما تسعيرها بعقلانية تتناسب مع الاستخدام. ويمكن القول إن لدى معظم الدول العربية استراتيجيات وسياسات وخططا واضحة ومحددة فى مجال إنتاج واستخدام مصادر الطاقة التقليدية، إلا أنها ليست على هذا النحو فى مجال استخدام الطاقة المتجددة، علما بأنه قد صار من المسلم به أن استخدام تكنولوجيا الطاقة المتجددة، واتباع سياسات ترشيد واستهلاك، وتحسين كفاءة إنتاج واستخدام الطاقة، تمكن الدول من زيادة الرقعة التى تخدمها الطاقة، وبخاصة فى المناطق الريفية والفقيرة.