مبيعات الأسلحة أم السلام العالمي؟ تجارة الأسلحة تضع أوروبا في موقف صعب‎

الاتحاد الأوروبي
كتب : وكالات

غالبا ما يعمل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه على التأكد من توصيل أرائهم بصوت عال وواضح عندما يندلع صراع في مناطق قريبة أو بعيدة، حيث يتم حث الأطراف المتحاربة على التحلي بالاعتدال وضبط النفس والامتناع عن اتخاذ تدابير من شأنها تصعيد الصراع.

ومع ذلك، فإن الاتحاد هو أيضا موطن مصنعين ومصدرين رئيسيين للأسلحة، بدءا من الطائرات إلى السفن البحرية وحتى أنظمة الرادار والصواريخ. وتشمل الشركات الكبرى "بي ايه اي سيستمز" البريطانية ومجموعة "سافران" الفرنسية و"تيسن كروب" الألمانية و"فينميكانيكا" الإيطالية.

ويقول الباحثون في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) إن التلاعب بهذا الأمر يكون في بعض الأحيان غير ملائم.

وتعتبر صادرات الأسلحة ضرورية للحفاظ على استمرار صناعة الدفاع الأوروبية، خاصة بالنظر إلى تدابير التقشف والمصالح الاستراتيجية.

وهناك سبب أساسي لهذا الوضع وهو الحجم، ففي حين أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا من بين الدول الـ10 الأكثر انفاقا في المجال العسكري على مستوى العالم، فإن أسواقها المحلية ليست كبيرة بما فيه الكفاية للحفاظ على استمرار صناعة الدفاع. وهذا ينطبق على الأعضاء الأصغر بالاتحاد الأوروبي بدرجة أكبر.

وقال بيتر ويزمان، الباحث البارز بمعهد (سيبري) إن هذه الصناعات بتلك الدول "لن تصل إلى الحجم المجدي اقتصاديا إذا اعتمدت على أسواقها".

وأوضح "يمكن فقط للولايات المتحدة وروسيا والصين القيام بذلك"، وتعتمد على أسواقها الداخلية.

وتابع ويزمان أن صادرات الأسلحة تعتبر أيضا جزءا من السياسة الخارجية، وتحديدا في حالة الولايات المتحدة، التي تقدم مساعدات عسكرية "بأعداد وأحجام كبيرة".

وقال إنه في حين أن هذا أيضا عامل مهم للدول الأوروبية الكبرى، فإن الاعتبارات الاقتصادية وتوفير فرص العمل تعد عوامل أو محركات رئيسية.

واستطرد قائلا إن بعض البلدان تقول إن صناعة الأسلحة هي "عنصر مهم في قدرتهم الدفاعية".

وتختلف دول الاتحاد الاوروبي في الطريقة التي تنظر بها إلى مبيعات أسلحتها.

وقال "في فرنسا هناك نقاش محدود للغاية في المجتمع المدني، هناك ضغط محدود في السياسة"، على عكس ألمانيا المجاورة.

ولكن النقاش لا يكفي.

وأوضح أن "الدعوة إلى تحقيق السلام لا تتطور إلى أمن شامل وسياسة سلام إزاء المناطق والبلدان التي يتم تزويدها بالأسلحة"، مشيرا إلى أن الصراع في اليمن يشمل المملكة العربية السعودية، وهي أحد أكبر مستوردي الأسلحة الأوروبية.

وقال إن السويد وألمانيا وبريطانيا، باعت أسلحة إلى المملكة العربية السعودية، و"لم يفكروا بشكل جيد" في كيفية تصور نهاية للصراع وما الدور الذي تلعبه صادرات الأسلحة الخاصة بهم.

وهناك مثال آخر: سئلت وزيرة الخارجية السويدية مارجوت فالستروم- التي انضمت بلادها إلى مجلس الأمن الدولي اعتبارا من شهر كانون ثانيناير الجاري- في البرلمان مؤخرا عما إذا ستكهولم ستفرض حظر أسلحة على السعودية بسبب دورها في صراع اليمن.

وأشار هانز ليندي من حزب اليسار المعارض إلى أن البرلمان الأوروبي قد دعا لهذا بالفعل، كما أن البرلمان الهولندي وافق أيضا على مشروع قانون في هذا الصدد.

ولكن فالستروم قالت إن حكومتها "فضلت أن يتم إقرار العقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة"، مشيرة إلى أن السويد قررت في العام الماضي عدم تجديد اتفاق للتعاون العسكري مع المملكة العربية السعودية.

وكانت العلاقات قد توترت بين السعودية والسويد بشدة في مطلع عام 2015 عندما ردت المملكة بغضب على انتقادات فالستروم لسجلها في مجال حقوق الإنسان، ولذلك فإن السويد لا تبحث عن معركة أخرى مع المملكة.

وفي محاولة لتعزيز القواعد المشتركة لتصدير الأسلحة، اتخذ الاتحاد الأوروبي في عام 2008 موقفا موحدا اعتمادا على مدونة سلوك سابقة وضعت في عام 1998، تلتزم بموجبها الدول بعدم السماح بتصدير أسلحة من شأنها "إثارة أو إطالة أمد النزاعات المسلحة".

ولكن مع ذلك، من حق الدول الأعضاء في الاتحاد "الحفاظ على صناعة الدفاع لديها."

وقالت دكتور اودي فليورانت، التي ترأس برنامج نقل الأسلحة بمعهد سيبري، إن المصالح الوطنية غالبا ما تحتل الأولوية.

ومن الأمثلة على ذلك، خطط فرنسا لبيع سفينتين هجوميتين من طراز ميسترال لروسيا، وهو الأمر الذي أثار حالة من الجدل والنقاش. وقد تمت عرقلة الصفقة في نهاية المطاف في عام 2015 بسبب دور روسيا في أوكرانيا. وتم تسليم السفينتين إلى مصر في عام.2016

وتابعت فليورانت "كان يجب أن يتم وقف بيع (سفينتي) ميسترال (لروسيا) دون ضغط من الولايات المتحدة أو دول أوروبية أخرى".

من جانبه، أشار مارك بروملي، المدير المشارك لبرنامج مراقبة الاستخدام المزدوج وتجارة الأسلحة في المعهد، إلى أنه من حيث تنسيق السياسات، فإنه من المرجح أن تظل قرارات الترخيص "في أيدي الدول الأعضاء" لأنها "لا تريد أن تسلم عملية صنع القرار في هذا المجال إلى بروكسل ".

وأضاف أنه في حين أن أعضاء الاتحاد الأوروبي "قد زادوا من المعلومات" التي يتقاسمونها مع بعضهم البعض، فإنهم لم يقوموا بتغييرات "جوهرية" فيما تتم إتاحته للجمهور مثل أسباب عدم منح تراخيص.

يذكر أنه تم تأسيس معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) عام 1966 كمؤسسة مستقلة تركز على متابعة مبيعات الأسلحة وغيرها من التطورات، وتشمل موارد المعهد قواعد بيانات خاصة بصناعة الأسلحة والإنفاق العسكري ونقل الأسلحة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً