أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن الهدف المنشود هو قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على أساس خطوط 4 يونيو 67 لتعيش جنبًا إلى جنب في سلام وأمن مع الدولة الإسرائيلية.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها الأمين العام للجامعة العربية أمام المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط اليوم الأحد بباريس بمشاركة 70 دولة ومنظمة من بينها مصر.
وقال الأمين العام "فما نسعى إليه هو إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 67 (أي منذ 50 عامًا) والذي يُعد استمراره وصمة تاريخية بغيضة لا يجب ولا يصح أن تنتمي إلى زمننا الحالي....وما ننشده هو قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على أساس خطوط 4 يونيو 67 لتعيش جنبًا إلى جنب في سلام وأمن مع الدولة الإسرائيلية".
واستطرد قائلا "وما نتمناه هو أن يتمكن الجيل القادم، من أبناء الفلسطينيين والإسرائيليين، من كسر الدائرة الجُهنمية للكراهية والانتقام والعنف".
ولفت أبوالغيط إلى أن توالي الأزمات الكبرى على المنطقة العربية أعطى للبعض انطباعًا مغلوطًا بأن القضية الفلسطينية تراجعت إلى مرتبة ثانية وإلى أن ليس هناك ما هو أكثر خطأ من هذه الرؤية.
وأوضح "أن كل من يعرف أوضاع هذه المنطقة يُدرك عُمق تأثير القضية الفلسطينية في مُجريات أحداثها منذ نشأتها، وإلى يومنا هذا.. ويُدرك كذلك أن إيجاد تسوية عادلة ودائمة لهذه القضية يظل الطريق الأقصر لتحقيق استقرار حقيقي...والطريق إلى هذه التسوية معروف للجميع، ومحطة الوصول النهائية معروفة كذلك".
ونبه إلى أن العرب، والفلسطينيين لم يعدوا بشكل خاص، يتقبلون أو يتفهمون مساعي إعادة اختراع العجلة من جديد، مشيرا إلى أن المنهج القائم على إحياء العملية التفاوضية من دون إطار زمني واضح أو مُرجعية راسخة يستند إليها أصبح أمرًا لا يمكن القبول به.
وأكد أبو الغيط أن ربع قرن من المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بكل ما استقر خلاله من مبادئ وقرارات دولية (يضيق المجال عن ذكر كل منها) ومُبادرات حازت إجماعًا عالميًا، يكفي ويزيد لكي نصل إلى نهاية المطاف أو ما أطلق عليه بالإنجليزية "الEnd game".
وتابع: "أصبحت الأمور واضحة.. ولم يعد في الإمكان الاستمرار في ربع قرن جديد من عملية سياسية بلا أفق زمني واضح ومحدد..".
وأشار الأمين العام الى إن هذا المؤتمر هو نداء من أجل السلام.. وهو ليس موجهًا سوى ضد كل من ينادي بإسقاط حل الدولتين واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية.. أعداء السلام الذين يتغذون على الكراهية والاستحواذ على أراضي الغير بالقوة والعنف.
وأضاف "أن غايتنا الحقيقية مع الشركاء الدوليين تتمثل في إنقاذ حل الدولتين باعتباره يمُثل المسار الوحيد لاستقرار المنطقة. تلك هي الرؤية التي تبنتها المبادرة العربية للسلام. وهي التي لا تزال حتى الآن تمثل ركيزة أساسية في الموقف العربي من القضية الفلسطينية والعلاقات مع إسرائيل.. ولديَ اقتناع راسخ أن الفُرصة مازالت قائمة لتحقيق الرؤية التي بشرت بها المُبادرة، هذا في حالة وجود قيادة إسرائيلية راغبة حقًا في التسوية السلمية ولديها من الجرأة والحكمة ما يؤهلها لاستشراف الفُرص التي سيوفرها السلام لشعوب المنطقة جميعًا، بما فيها الشعب الإسرائيلي".
وأعرب عن أمله أن يُمثل هذا المؤتمر نقطة انطلاق لجهد جاد ومتواصل من أجل إعادة إحياء العملية التفاوضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس صحيح، وبدعم سياسي واقتصادي وفني من الأطراف الفاعلة في المُجتمع الدولي.. ونتمنى مخلصين أن تكون الإدارة الأمريكية الجديدة على مستوى الجدية المطلوبة من حيث دفع العملية السياسية وإدراك عمق مغزى التوافق الدولي بشأن حل الدولتين ومُحدداته ومرجعياته.
وشدد على أن أية سياسات أو إجراءات يقوم بها أي طرف بشكل أحادي لابد وأن تنسجم مع حل الدولتين وألا يكون من شأنها إجهاض هذا الحل من خلال استباق نتيجة العملية التفاوضية أو التسبب في مزيد من تعقيد الموقف وإثارة المشاعر الغاضبة لدى الفلسطينيين والعرب جميعًا.
وأضاف "آمل ألا نفوت الفرصة هذه المرة، وأن نقرن العزم الصادق بالعمل الجاد من أجل إنهاء هذا النزاع الذي طال أمده".
وكان الأمين العام استهل كلمته في البداية بتوجيه شكر عميق للحكومة الفرنسية التي أصرت على انعقاد هذا المؤتمر برغم كل الضغوط والعقبات التي اعترضت سبيله.
وأكد أنه لا شك أن في ذلك الإصرار الاقتناع الصادق لدى حكومة فرنسا بأنه يتعين على المُجتمع الدولي أن يتحمل نصيبه من المسئولية إزاء استمرار النزاع الأخطر والأطول في الشرق الأوسط من دون حلٍ أو حتى أفق يُبشر بتسوية في المُستقبل.