جميلتان تبحثان عن "جنسية" وسط محاولات من البعض لتغيير ما اعتادتا عليه طول فترة تواجدهما بين المسطحات، وفريق يحاول إعادة اكتشاف تلك الهوية والتأكيد على أن "الساحرتين" لهما كينونة معروفة وراسخة، نزاع داخلي يدور في شخصية الجزيرتين، ينتابهما معه أفكار معقدة عن طبيعة العلاقة بين المؤسسات المصرية التي لم تستطع التوصل إلى قرار بشأن موقف "تيران وصنافير" من التبعية.
حوار مستمر يسهل تخيله بين الجزيرتين حول مصير جنسيتهما.. "هل ينتهي هذا الجدل قريبًا ونحمل جواز سفر أخضر بلون نظام التأشيرة المصري لا بلون السعودية"، وفي ذهنهما تدور تفاصيل الحكاية منذ البداية، منذ أعلنت الحكومة المصرية "تخليها" عن الجزيرتين، لصالح المملكة العربية السعودية.
فقبل 9 أشهر من الآن، بدأت حلقات المتاهة لـ"الجزيرتين" بإعلان الحكومة المصرية في 9 أبريل 2016، أنهما تقعان داخل المياه الإقليمية السعودية للبحر الأحمر، وهو ما أكده مجلس الوزراء، في بيان صدر بعد يوم من توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع السعودية إن جزيرتي تيران وصنافير الموجودتين في البحر الأحمر تقعان في المياه الإقليمية للمملكة "وفقا للرسم الفني لخط الحدود".
ودفاعًا عن الجزيرتين، التي يدافع عنها - جزء كبير من المصريين - تقدم عدد من المحامين أبرزهم المحامي خالد علي ومالك عدلي، بدعوى قضائية أمام القضائي الإداري، ضد قرار الحكومة، بالتنازل عن الجزيرتين المصريتين.
جزيرة تيران التي تبلغ مساحتها 80 كم مربع، وتقع عند مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، يفصلها عن ساحل سيناء الشرقي 6 كم من ساحل سيناء الشرقي، وهي أهم الاماكن السياحية لمحبي الغوص، وشرم الشيخ، أما جزيرة صنافير فتبلغ مساحتها 33 كم مربع، تقع شرق مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر.
بعد حالة من الجدل انتابت الشارع المصري - الذي أعلن جزء منه عن موافقته على الاتفاقية بالتنازل - من بينهم إعلاميين مثل مصطفى بكري وأحمد موسى اللذين أقرا بسعودية الجزيرتين، بل إن مصطفى بكري صرح بأنه سيستقيل من مجلس النواب إذا حكم بمصرية الجزيرتين، يقابلهم عدد من الرافضين للاتفاقية بينهم إبراهيم عيسى، الذي أكد مصرية الجزيرتين.
وفي حكم لمحكمة القضاء الإداري، حكم ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، إلا أن الحكومة أصرت على الاتفاقية وأعلنت توقيعها، ومن ثم إحالتها إلى مجلس النواب لمناقشتها وإقرارها، وهو ما خلق بدوره حالة من الجدل، حول صراع المؤسسات بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهو ما أصبح واضحًا بشكل أكبر بعد أن قضت المحمة الإدارية العليا، اليوم الاثنين، ببطلان الطعن الذي تقدمت به الحكومة، لتعلن المحكمة قولًا واحدًا أن الجزيرتين مصريتيتن، ولا يحوز التنازل عنهما.
في مرحلة مهمة، لجأت الجميلتان إلى الرئيس، الذي أكد أن الجيش والدولة وجميع المؤسسات لن تفرط في ذرة واحدة من تراب مصر، لكن لا يجوز أن يكون لاحد حق لدينا ولا نعطيه له، ففي تصريح للرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه بوفد من ممثلي المجتمع المصري، قال إن مصر لم تفرط في حقها ولن تفرط في ذرة رمل، لكنها أعادت الجزيرتين للسعودية، لأنهما مملوكتان لها وهذا حقها وكان لزاما على مصر أن تعيد حقوق الأشقاء ولم نخرج عن القرار الجمهوري الصادر في عام 1990 أي منذ 26 عاما، والذي تم إيداعه في الأمم المتحدة.
وأضاف السيسي أن كافة الوثائق بوزارتي الخارجية والدفاع إضافة إلى المخابرات العامة تؤكد أن الجزيرتين تتبعان السعودية، رافضا التشكيك في نزاهة ووطنية المسؤولين في هذه الأجهزة والوزارات.
وعلى الجانب الآخر من النزاع بين المؤسسات، مازالت "الجملتان" بانتظار قرار شباك الجوازات، في زيارة قد تكون الأخيرة بقرار مجلس النواب، أو تكون بداية مرحلة أخرى من النزاع حول جنسية الجزيرتين.