منذ تولى زعامة الكنيسة الكاثوليكية في عام 2013، شكل بابا الفاتيكان فرنسيس الأول لجنة للتحقيق في البلاغات حول تحرش القساوسة جنسيا بالأطفال، ودعا إلى معاقبة الأساقفة الذين يتسترون على هذه الجرائم، والتقى أشخاصا تعرضوا عندما كانوا أطفالا للتحرش الجنسي من قبل قساوسة، وطلب العفو عما اقترفته الكنيسة.
ولكن إميليانو فيتيبالدي، الصحفي الاستقصائي في مجلة "ليسبريسو" الإيطالية، يقول في كتاب له ينشر غدا الخميس إن البابا فرنسيس لم ينفذ ما قاله بشأن القضاء على التحرش الجنسي بالأطفال في الكنيسة.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب. أ) قال فيتيبالدي إنه لم يتغير سوى القليل منذ أيام تفجير ما يعرف بفضيحة "سبوت لايت" في عام 2002، عندما كشفت صحيفة "بوسطن جلوب" الأمريكية عن تعرض أطفال لانتهاكات جنسية من جانب قساوسة كاثوليك في بوسطن بشكل واسع النطاق وممنهج.
وردا على سؤال حول عدد الحالات الجديدة من تحرش القساوسة بالأطفال التي ظهرت بعد فضيحة سبوت لايت، قال فيتيبالدي إنه من عام 2013 إلى 2015، قدمت الأبرشيات الكاثوليكية على مستوى العالم 1200 بلاغ جدير بالاعتبار حول تحرش قساوسة جنسيا بأطفال. ويعني البلاغ الجدير بالاعتبار أن أسقف الأبرشية التي تلقت البلاغ قد أجرى بالفعل تحقيقا أوليا قبل أن يرسل الأوراق إلى روما.
وأشار فيتيبالدي إلى أن هذا يعني أنه تم تسجيل 400 بلاغ سنويا في المتوسط منذ تولى البابا فرنسيس زعامة الكنيسة الكاثوليكية، مقابل 200 بلاغ في المتوسط في الفترة من عام 2005 إلى 2009، و600 بلاغ في المتوسط سنويا خلال عامي 2003 و2004 في أوج فضيحة سبوت لايت في أمريكا.
وحول مصدر هذه الإحصائيات قال فيتيبالدي إن لديه مصدرا في "مجمع عقيدة الإيمان"، ولكن حتى هذا المصدر لا يعرف حتى هويات المتهمين ولا الروايات وراء هذه الجرائم ولا أماكن حدوثها. وأضاف أن المشكلة هي أن كل شيء لا يزال طي الكتمان، وأي شخص يتحدث عن هذه الجرائم يواجه عقوبات شديدة من بينها الحرمان الكنسي.
وعند سؤاله حول ما إذا كان البابا فرنسيس قد تدخل بأي شكل، قال فيتيبالدي إنه منذ عام واحد، قال البابا فرنسيس إنه سوف يشكل محكمة لمحاسبة الأساقفة الذين يحمون من يتحرشون بالأطفال، وليس لهذه المحكمة وجود حتى الآن.
وأضاف فيتيبالدي أن البابا يملك سلطة عزل الأساقفة. كان دائما يملك هذه السلطة واستخدمها في حالات قليلة. ولكن عندئذ نواجه مشكلة الترقيات. فقد تمت ترقية الكاردينال (الأسترالي جورج) بيل ليصبح الرجل الثالث في الفاتيكان، (رغم) الاتهامات المباشرة ضده من جانب رجال قالوا إن بيل قد تحرش بهم عندما كانوا أطفالا".
وقال فيتيبالدي "لا أعلم ما إذا كان هؤلاء على صواب أم على خطأ، لأنني مدني تحرري. ولكنني قد قرأت الـ10 آلاف صفحة التي أعدتها اللجنة الملكية الاسترالية (بشأن التحقيق في الجرائم الجنسية التي يقترفها قساوسة كاثوليك)، ونشرت الرسائل التي تروي كيفية حماية بيل لخزائن اقتصادية.
وأضاف: "من المعلومات الحصرية في الكتاب على سبيل المثل، أن البابا فرنسيس قد قدم (إجمالي) 10 ملايين دولار لآباء الأطفال الذين تعرضوا للاغتصاب من جانب قساوسة استراليين. يبدو المبلغ كبيرا، ولكنه في الحقيقة يقدم ما يصل إلى 20 ألف دولار في المتوسط للفرد الواحد.إنه ثمن سيارة فيات 500 بجميع الملحقات. إن أبرشيته في ملبورن تمتلك أصولا تقدر بـ1.3 مليار دولار".
وبشأن ما إذا كان الهرم الإداري في الكنيسة الكاثوليكية قد شارك في التعتيم خوفا من الإدانة في المحكمة والاضطرار لدفع تعويضات أخرى كثيرة، قال فيتيبالدي إن هذا هو واحد من أهم العناصر. وأضاف أن ما حدث في أمريكا بعد "سبوت لايت" ينبغي ألا يتكرر في أوروبا وأمريكا اللاتينية.
وأوضح فيتيبالدي أنه: "على سبيل المثال، يعد معهد الصم والبكم في فيرونا (إيطاليا) من الحالات الخطيرة للغاية. لقد اعتدى القساوسة الذين يديرون المعهد جنسيا على أطفال صم وبكم بين خمسينيات وتسعينيات القرن الماضي. وهناك 67 شخصا من هؤلاء الضحايا كتبوا خطابا سردوا فيه ما حدث لهم عندما كانوا أطفالا.
وقال إنه في حين أنه في أمريكا على سبيل المثال قدمت أبرشية لوس أنجليس أكثر من 500 مليون دولار كإجمالي تعويضات لنحو 100 شخص، من بينهم حالات قديمة للغاية. فإن هؤلاء الأشخاص صغار السن في إيطاليا لم يتلقوا سنتا واحدا. وحتى يومنا هذا يطالبون البابا فرنسيس بالعدالة دون جدوى.
وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك عناصر في الكنيسة الكاثوليكية ترغب في وقف هذه الجرائم والتعتيم عليها قال فيتيبالدي: "بالطبع نعم، مصادري بالكامل تقريبا من الكنيسة. في الحقيقة قد جاءوا إلي عندما كنت أخضع للمحاكمة في الفاتيكان العام الماضي بتهمة سرقة معلومات سرية لكتابي الأول أفارايس".
وحول سبب اللجوء إليه وليس للسلطات، قال: "لا أعلم. ما أعرفه هو أنهم تحدثوا إلي بشأن النظام الذي يحمي المتحرشين بالأطفال. لأنني لا يمكنني أن أقول أن شخصا بعينه متحرش بالأطفال دون أن أملك الدليل".