شعراء العامية.. مشاكسات ومواهب انتهت مع سيد حجاب

سيد حجاب

برحيل الشاعر سيد حجاب، مساء اليوم الأربعاء، في الذكرى السادسة لثورة 25 يناير، يفقد شعر العامية ركنا أساسيا منه ورحيل آخر مبدعي العامية، خاصة بعدما سبقه ب4 أعوام الشاعر "البندقية" كما لقبه الناقد علي الراعي، أحمد فؤاد نجم، وبعدما رحل الشاعر عبدالرحمن الأبنودي العام قبل الماضي.

في آخر إحصائية قامت بها مؤسسة متخصصة بالأدب والشعر العربي قامت وكالة أنباء الأدب العربي بنشر إحصائية عن أكثر الشعراء تأثيرا في الشعر العامي، وعلى رأس قائمة شعراء العامية المائة فؤاد حداد وصلاح جاهين وعبدالرحمن الأبنودي.

صداقات الشعراء ومشاكساتهم

كان صلاح جاهين، عفوي اللسان، طيب المعشر، ويصادق العديد من الشعراء والفنانين، وقال ذات مرة عن الشاعر فؤاد حداد، إن قلبه يطبل لفؤاد، لأن فؤاد حداد معروف بخجله، ما اضطره لسحبه ودفعه لعمل مقابلة تليفزيونية معه ومع المذيع طارق حبيب، لأن فؤاد كان دوما يهرب من الأضواء.

اجتمع الشاعران جاهين والأبنودي فى عدة مواقف، ومن أهم تلك المواقف التى يعتز بها صلاح جاهين إصرار الأبنودي على ضرورة جمع أشعار جاهين في ديوان كامل، ولكن جاهين كان غير متحمس للفكرة فتطوع الأبنودى بتلك المهمة.

ويتذكر جاهين هذه الواقعة فى تسجيل نادر عندما سأله المذيع: "مش هتجمع أشعارك في ديوان كبير يا أستاذ صلاح، ليجيبه: (والله أنا مكنتش ناوي أجمع حاجة بس عبد الرحمن الأبنودى والست بتاعته (يقصد السيدة عطية الأبنودى)، وسلطوا كمان معاهم الواد بهاء ابني، أخدوا الدواوين القديمة بتاعتى، وراحوا الهيئة المصرية للكتاب وهيطلع ديوان كبير يضم كل اللى اتنشر من أشعارى فى الماضى، بما فيهم الأغانى الوطنية)".

لم يتفق صلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم في أفكارهما أو مبادئهما فى الحياة أبدًا، ولكن المحبة كانت عنوان صداقتهما، وفى أحد المرات كتب نجم قصيدة ساخرة من جاهين بسبب تأليفه "الدنيا ربيع والجو بديع قفلي على كل المواضيع"، في نفس الوقت الذي شنّ فيه طلاب الجامعات حملات الإضراب والمظاهرات العارمة التي شهدتها الجامعات حينها.

وعلقّ نجم على هذه اللحظة في أحد لقاءاته التليفزيونية قائلًا "غاظني.. فقولت: شاعر بيتخن من بوزه، ممكن تخوّف بيه عيالك، وخلّي بالك من زوزو، وخلّي زوزو من بالك"، ولأجل المحبه فقط عاد نجم وكتب قصيدة مدح في جاهين بعد عودته من الخارج عقب إجراءه عملية قلب مفتوح قائلًا: "حمدلله ع السلامة وسلامتك يا جميل. ياريته كان في قلبي، شريانك العليل". "وتحت السواهي أمير الدواهي، الطفل الإلهى العجيب السمين".. كانت هذه الكلمات بمثابة قصيدة المصالحة التى قدّمها أحمد فؤاد نجم لصلاح جاهين بعد وفاته، واختتم كلماته فيها بقوله: "الله يرحمك يا صلاح".

كان الشاعر الشاب، سيد حجاب، في بداية تجربته الشعرية، حينما اصطحبه فؤاد قاعود وقام بتقديمه إلى صلاح جاهين الذي قال له "كده بقينا كتير يا فؤاد".

وفى بيت جاهين، انتظر الشاعر الشاب إلى أن تنتهى الجلسة الموسيقية بين صلاح جاهين وسليمان جميل على البيانو، وما إن فرغ جاهين من الجلسة حتى توجه إلى الشاب المُرتبك وقال له: "سمعنا يا سيدى"، فقرأ سيد حجاب قصيدة وطلب منه جاهين أن يُكمل بقصيدة ثانية ثم ثالثة، وما إن فرغ سيد حجاب من إلقاء القصيدة الأخيرة حتى قفز جاهين فى الهواء واحتضن فؤاد قاعود من شدة السعادة قائلًا: "كده بقينا كتير يا فؤاد"، نظرًا لشعور جاهين بفراغ ساحة الشعر العامى وقتها بسبب اعتقال أصدقاؤه الشعراء، سمير عبد الباقى ومحسن الخياط.

في إحدى ندوات القاهرة التقى حجاب والشاعر عبد الرحمن الأبنودى، ونشأت بينهما صداقة بعد هذا اللقاء، ثم تعرف إلى أستاذه الثالث صلاح جاهين الذي تنبأ له بأنه سيكون صوتًا مؤثرا في الحركة الشعرية.

وفى منتصف الستينات من القرن الماضي احتفى المثقفون بأول ديوان لسيد حجاب "صياد وجنية"، وبعده انتقل إلى الناس عبر الأثير من خلال مجموعة البرامج الإذاعية الشعرية "بعد التحية والسلام" و"عمار يا مصر" و"أوركسترا"، وقد كان الأبنودى يقدم معه البرنامج الأول بالتناوب، كل منهما يقدمه 15 يومًا وبعد فترة انفصلا وبدأ كل منهما يقدم برنامجا منفصلا.

كما شارك سيد حجاب في الندوات والأمسيات الشعرية والأعمال التليفزيونية والسينمائية في محاولة للوصول للجمهور، وقدمه جاهين لكرم مطاوع ليكتب له مسرحية "حدث في أكتوبر".

أبرز شعراء العامية في مصر

صلاح جاهين

صلاح جاهين: اسمه الحقيقي محمد صلاح الدين أحمد حلمي. ولد فى 25 ديسمبر عام 1930. لم يستكمل دراسته فى الفنون الجميلة، ولكنه حصل على ليسانس الحقوق. تزوج الممثلة منى قطان، التي اشتركت في تمثيل الأفلام التي انتجها، وابنه هو الشاعر أيضا بهاء جاهين. وعمل فى عدد من الصحف والمجلات. وهو من أشهر شعراء النبط في مصر، كتب جاهين 36 قصيدة وأشهرهم "الرباعيات" و"على اسم مصر تاريخ يقدر يقول ماشاء" و"أوبريت الليلة الكبيرة" و"يا أهلا بالمعارك".

أحمد فؤاد نجم

أحمد فؤاد نجم: ولد أحمد فؤاد نجم في مايو سنة 1929، عمل نجم في معسكرات الجيش الانجليزي متنقلا بين مهن كثيرة مكوجي، لاعب كرة، بائع، عامل انشاءات وبناء، ترزي.

وفي مدينة فايد بمحافظة الإسماعيلية التي كان يحتلها الانجليز التقى بعمال المطابع وكان في ذلك الحين قد علم نفسه القراءة والكتابة وبدأت معاناته الطويلة تكتسب معنى. واشترك مع الآلاف في المظاهرات التي اجتاحت مصر سنة 1946 وتشكلت أثناءها اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال. يقول نجم: كانت أهم قراءاتي في ذلك التاريخ هي رواية الأم لمكسيم غوركي وهي مرتبطة في ذهني ببداية وعيي الحقيقي والعلمي بحقائق هذا العالم والأسباب الموضوعية لقسوته ومرارته. ولم أكن قد كتبت شعرا حقيقيا حتى ذلك الحين وانما كانت أغان عاطفية تدور في إطار الهجر والبعد ومشكلات الحب الاذاعية التي لم تنته حتى الآن وفي الفترة ما بين 51 إلى 56 اشتغل شاعرنا عاملا في السكك الحديدية. وبعد هذه الفترة بدأ في نشر دواوينه سجن عدة مرات بتهم مختلفة وكانت أطول فترات حياته يقيم بحجرة متواضعة في حارة حوش قدم.

لقبه الناقد علي الراعي "الشاعر البندقية"، لنجم 82 قصيدة آخرهم"في عيد ميلادك الكام وسبعين ليلتنا طين" وأشهر قصائدة "خبطنا تحت باطاتنا" و"هما مين واحنا مين".

نجيب سرور

هو محمد نجيب محمد هجرس، الملقب بنجيب سرور، ولد بقرية إخطاب، مركز أجا، محافظة الدقهلية في 1 يونيو 1932 وتوفي يوم 24 أكتوبر 1978 م. شاعر عامية مصري، لقب ب"شاعر العقل". تزوج من الفنانة المصرية سميرة محسن.

له العديد من المؤلفات الشعرية والمسرحيات النثرية التي أحدثت ضجة كبيرة في مصر إبان الستينات وظلت عددا من قصائده ممنوعة من النشر حتى الوقت الحالي، لا يختلف اثنان على موهبة نجيب في شعر العامية إلا أن الرقابة المصرية لم تترك له أي متنفس لهذه الموهبة ظلت تلاحقه أعواما وتصادر شعر المصنف بشعر "الصدمة" أعواما أخرى.

مأمون الشناوي

ولد في 28 يناير 1914 وتوفي 27 يونيو 1994) أحد أبرز شعراء مصر ويعتبر من جيل الرواد، استطاع أن يرضي كافة الأذواق بقلمه، كما أن له الفضل في إعادة صياغة أغاني الفلاحين والأغنيات الشعبية الفلكورية المصرية. وهو أخ المؤلف كامل الشناوي. ومن أشهر أغنيات مأمون الشناوي التي غنتها أم كلثوم أغنية "أنساك".

وقد كان الشاعر الراحل مأمون الشناوي يتحمس للمطربين والموسيقيين الجدد، ويساعد في تقديمهم إلى الساحة الفنية، ويكتب لهم خصيصًا أبدع الكلمات. وقد كتب لعزيزة جلال: "بتخاصمني حبة وتصالحني حبة".

كما أنه كان يمر على الصحفيين والكُتَّاب والنقاد - في السبعينات من القرن الماضي - لكي يسمعوا صوت المطرب الشاب الصاعد آنذاك هاني شاكر وكان يتولاه بالتشجيع والدعاية له في كل مكان. كما كان مأمون الشناوي - قبل ذلك - يأخذ الموسيقار سيد مكاوي من يده إلى كل الجلسات الصحفية والوزارية حتى صار مكاوي علمًا في مجال التلحين والغناء في مصر والعالم العربي.

مرسي جميل عزيز

ولد في 15 فبراير 1921 بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية. و‏توفي في 9 فبراير 1980 ودفن بمسقط رأسه. كتب أول قصيدة شعرية في سن الثانية عشرة في رثاء أستاذه. وفي عام 1939 أذيعت له أول أغنية في الإذاعة ولم يتجاوز الثامنة عشرة بعنوان "الفراشة" ولحنها الموسيقار رياض السنباطي. وفي نفس العام انطلقت شهرته عندما كتب أغنية "يامزوق يا ورد في عود" وغناها المطرب عبد العزيز محمود.

قام بكتابة الأغنية بألوانها المختلفة العاطفية والوطنية والشعبية والدينية ووصلت لأكثر من ألف أغنية وقصيدة ولذلك لقب بشاعر الألف أغنية. وإلي جانب كتابته للشعر والأغنية كتب الأوبريت الغنائي والقصة القصيرة والسينمائية وسيناريوهات بعض الأفلام وأيضا كانت له المقالات الأدبية في الصحف والمجلات المصرية حتي اعتبره النقاد ظاهرة أدبية وفنية بارزة.

ترك بعد رحيله العديد من الأغنيات التي لم تغن وقد ظهر بعضها تباعا أشهرها "من غير ليه" التي لحنها وغناها الموسيقار محمد عبد الوهاب.

تغنى معظم المطربين بكلماته منهم: وردة الجزائرية، فريد الأطرش، محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، عبد الحليم حافظ، ‏فايزة أحمد، صباح، محرم فؤاد.

من أشهر أغانيه التي كتبها: لولا الملامة ألف ليلة وليلة - سيرة الحب -فات الميعاد- ما نحرمش العمر منك - زمان يا حب - يا حبايبي يا غايبين -في يوم في شهر في سنة - أنا قلبى إليك ميال - يامه القمر على الباب - نار - بأمر الحب - توب الفرح، ‏وكانت آخر أغنياته أغنية "من غير ليه".

عبدالرحمن الأبنودي

ولد عام 1938 في قرية أبنود بمحافظة قنا في صعيد مصر، لأب كان يعمل مأذونًا شرعيًا وهو الشيخ محمود الأبنودي، وانتقل إلى مدينة قنا حيث استمع إلى اغاني السيرة الهلالية التي تأثر بها. تزوج من المذيعة المصرية نهال كمال وله منها ابنتان آية ونور.

للأبنودي 22 ديوان شعر بالعامية، ومن أشهر أعماله "السيرة الهلالية" التي جمعها من شعراء الصعيد ولم يؤلفها. ومن أشهر كتبه كتاب (أيامي الحلوة) والذي نشره في حلقات منفصلة في ملحق أيامنا الحلوة بجريدة الأهرام تم جمعها في هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة، وفيه يحكي الأبنودي قصصًا وأحداثًا مختلفة من حياته في صعيد مصر.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً