احتفل وزراء "الري والزراعة والتموين والبحث العلمي ووالتنمية المحلية"، اليوم الخميس، بحصاد تجربة خبراء معهد بحوث إدارة الموارد المائية التابع للمركز القومى لبحوث المياه بوزارة الرى، في زراعة القمح مرتين سنويًا، عن طريق التبريد، بمدينة التل الكبير بالإسماعيلية.
وقال مصدر مسؤول بوزارة الزراعة، إن تجربة خبراء معهد بحوث إدارة الموارد المائية التابعين لوزارة الرى، قامت على عملية تبريد القمح من خلال وضع بذور القمح فى ثلاجات بمواصفات معينة، مع أجهزة للتحكم فى كمية الرطوبة المطلوبة، حتى يتم ملاحظة أثار التبريد على البذور، والتي نتج عنها زيادة في سرعة النمو وقصر عمر النبات فى الأرض.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ«أهل مصر»، أن التجربة مرت بالعديد من المراحل، حيث إنها جُربت لمدة 4 سنوات بأكثر من محافظة وهم الشرقية والإسماعيلية والبحيرة والوادى الجديد، مضيفا أن الزراعة الأولى في التجربة ستبدأ في 15 سبتمبر وحصاده بداية يناير، أما الزراعة الثانية فستبدأ في أول فبراير والحصاد أخر مايو.
وأشار إلى أن التجربة احتاجت إلى نوعية بذور معينة لتتماشى مع الأراضي المحددة للتجربة، حيث تم توفير جيزة 11، وسدس 12، ومصر 1، كأفضل بذور للأراضي الرملية والطينية المحددة للمشروع، مضيفا أن فترة الزراعة ثلاثة شهور فقط بدلًا من ستة شهور مدة الزراعة التقليدية، ومن هنا جاءت فكرة توفير 50% من المياه المطلوبة لري المساحات القديمة، حيث أن التجرية أكدت توفير ما يقرب من 1000 متر مكعب مياه للفدان.
ونوه بأن إنتاج الفدان من تلك التجربة اختلف من الأراضي الرملية عن الطينية، مشيرا إلى أن إنتاج الفدان في الأراضي الرميلة بلغ 10 أردبات، بينما زاد في الأراضي الطينية إلى 14 أردب، مؤكدًا أن التجارب التي أجرتها أبحاث وزارة الري أثبتت كافة تلك المعلومات عن تجربة دامت لسنوات طويلة، لتحقيق نجاح ظاهر في التجربة.
وانتقد خبراء الزراعة عدم دقة التجربة، وإعلان وزارة الري نجاح لتجربة غير ملموسة، كما أنه لم يتم تطبيق أي شئ منها على أرض الواقع.
وفي ذات السياق، قال الدكتور علي إبراهيم، الخبير الزراعي، إن بعض تفاصيل التجربة الجديدة غير واضحة حتى الآن، حيث إن المشكلة الواضحة الآن تكمن في كيفية تدبير 6 ملايين فدان، ثلاثة منها في شهر سبتمبر لزراعة القمح المبرد ثم ثلاثة آخرى في شهر فبراير لزراعة النصف الثاني من القمح المبرد، وهي مساحة تختلف عن المساحة الأولى، حيث لا يصح زراعة القمح مرتين متتاليين في نفس المكان ولا بد من تدبير أرض جديدة.
وأضاف إبراهيم، لـ«أهل مصر»، أن المشكلة الثانية تكمن في المحاصيل والخضروات القائمة في شهر سبتمبر والذي سيحل محلها القمح المبرد، وهي البطاطس وبنجر السكر والقطن والذرة والطماطم والسبانخ والبسلة وبدايات زراعات البرسيم، متسائلا: هل سنضحي بهذه الحاصلات الإستراتيجية والمهمة من أجل تدبير عروة جديدة لزراعة القمح؟.
بينما أكد أستاذ الزراعة والمياه بجامعة القاهرة، الدكتور نادر نور الدين، أن البيانات الصادرة من وزارة الري تقول إن المحوصل المتوقع عن القمح المبرد يبلغ 10 أردب للفدان!، وهذا يعتبر نصف المحصول المعتاد من زراعات القمح التقليدية في نهايات نوفمبر وبدايات ديسمبر والتي تعطي من 18 إلى 20 أردب للفدان، لافتا إلى أن محصول زراعة القمح لمرتين في السنة ستعطي نفس المحصول من زراعته لمرة واحدة فقط.
وأوضح نور الدين، لـ«أهل مصر»، أن محصول القمح المبرد الناتج من زراعته في 6 مليون فدان ثلاثة صيفي وثلاثة شتوي ستعطي نفس المحصول الناتج من زراعته في ثلاثة مليون فدان فقط في زراعاته التقليدية في نهاية نوفمبر، متسائلا: ما هي الفائدة التي يتقدمها التجربة؟، وهل التجربة إقتصادية أم مقصود منها مردود إعلامي فقط؟، مضيفا أن وزارة الري ليست مختصة بتجارب الزراعة.
وأضاف أستاذ الزراعة والمياه بجامعة القاهرة، أن تلك التجربة ستكون مقبولة في حالة قيام وزارة الزراعة بها وليست الري، حيث إن هيكل وزارة الري يتكون من 90% من المهندسين من خريجي كليات الهندسة، وبالتالي فهي منوط بها أبحاث المياه والسدود والقناطر والسحارات والبدالات، بينما أبحاث المحاصيل الحقلية هي من إختصاص وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية، ونحو 18 كلية زراعة في مصر وليست مسئولية كليات الهندسة ووزارة الري.
وأضاف أستاذ الاقتصاد الزراعي، الدكتور يحى متولي، أنه في البلدان الباردة مثل كندا وروسيا والولايات الشمالية في أمريكا وأيضا في شمال أوروبا نجحت في زراعة القمح ثلاث مرات في العام وليس مرتين فقط، حيث إن الجو البارد هناك يساعد على ذلك، وهي القمح الخريفي الذي يزرع في سبتمبر ثم يسقط عليه الثلوج في نوفمبر فتدفئه وتحتفظ به حيا حتى الربيع، ومع ارتفاع الحرارة يذوب الثلج ويستكمل القمح نموه حتى يونيه، وأيضًا القمح الشتوي الذي يزرع في ديسمبر ويناير وتظل الحبوب مدفونه في الثليج حتىِ الربيع فتنبت وتستمر في النمو حتى يوليه، ثم القمح الربيعي الذي يزرع في مارس بعد ذوبان الثليج ويستمر في النمو حتى يوليه وأغسطس لأن المناخ البارد هناك يساعد على ذلك.
وأشار متولي، لـ«أهل مصر»، إلى أن زراعات القمح وتأثرها بالثلوج كانت السبب الرئيسي في إكتشاف القمح المحور وراثيا للتخلص من موت البادرات الصغيرة للقمح بسبب سقوط الثلج عليها أثناء النمو وذلك بأن تم نقل جين تحمل البرودة من أسماك محيطات القطب الشمالي ونقلها إلى القمح حتى يتحمل تساقط الثلوج والجليد عليه أثناء الموسم الشتوي البارد، وبالتالي فمصر ليس بها ثلوج ولا جليد ولا يمكننا زراعة القمح المحور وراثيا.
ومن جانبه، قال رئيس اتحاد الفلاحين، محمد فرج، إن فكرة محصول القمح كمحصول شتوي يتطلب إستكمال عدد ساعات معينة ومحددة من البرودة حتى يعطي محصولا كاملا، بينما تعتمد وزارة الري على تبريد الحبوب لمدة أربعين يوما قبل الزراعة لإستكمال جزء كبير من هذه الساعات، ويتبقى لها ساعات أخرى تستكملها أثناء النمو، وبالتالي تختصر فترة نمو المحصول إلى ثلاثة أشهر فقط بدلا من خمسة أشهر في الزراعة التقليدية المعتادة.
وأضاف فرج، أن التجربة اتعمدت أيضًا على الزراعة في سبتمبر والحصاد في فبراير وبحسابها يتبين أنها خمسة أشهر وليست ثلاثة أشهر، فهي بذلك لم توفر أية أشهر، مضيفًا أن القمح محصولا شتويا يتطلب إنباته درجة حرارة منخفضة في الشتاء لاتزيد عن 20 درجة مئوية، بينما درجات الحرارة في سبتمبر لا تقل عن 33 إلى 35 درجة مئوية وهذا لا يساعد على الإنبات المعتاد كما أن النمو في سبتمبر وأكتوبر الحارين يقلل من كمية المحصول المتوقع، مشيرا إلى أن تفاصيل كثيرة بالتجربة مازالت غير واضحة ومفهومة.