على الرغم من أن مصر لها تاريخ في استخراج الذهب يرجع إلى عصر الفراعنة، إلا أن مزايدة التنقيب الجديدة التي أعلنت عنها الحكومة خلال الأيام الماضية في خمس مناطق امتياز في سيناء والصحراء الشرقية، على أن يكون آخر موعد للدخول في المزايدة 20 أبريل المقبل، خاصةً أنها أول مزايدة للتنقيب عن المعدن الثمين منذ عام 2009، لن تكن جاذبة لشركات التنقيب العالمية لأن الشروط التجارية من بين الأقل إغراء في العالم.
وفي هذا السياق يرصد "أهل مصر" أسباب انصراف شركات التعدين العالمية عن الذهب المصري.
طرح مزايدة للتنقيب قال وزير البترول المصري، طارق الملا، إن بلاده تعتزم طرح مزايدة عالمية للتنقيب عن الذهب في ديسمبر المقبل.وأضاف الملا، أن مصر بدأت في اقتسام أرباح منجم "السكري" مع شركة "سنتامين" اعتبارًا من يوليو الماضي، وبلغت قيمة متحصلات الحكومة حتى الآن نحو 120 مليون دولار.وكانت مصر قد وقعت اتفاقية مع الشركة الأسترالية للتنقيب عن الذهب في منجم السكري، الذي تقدر احتياطياته بأكثر من 15 مليون أونصة ذهب، ما يجعله من أكبر عشرة مناجم ذهب في العالم.
شروط تبدد الآمالبددت شروط المزايدة الجديدة للتنقيب عن الذهب، آمال المستثمرين التي أنعشها قانون أكثر مرونة للتعدين صدر في عام 2014، وهدف الحكومة الذي يتمثل في تنمية قطاع التعدين ليساهم بنسبة خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2024 مقارنة مع واحد في المئة فقط حاليًا.وتتضمن شروط مزايدة التنقيب عن الذهب فرض رسوم نسبتها ستة بالمئة، واستعادة جزء من التكلفة قبل البدء في تقاسم الإنتاج، وثلاثة مدفوعات منحة للهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية أحدها بمبلغ لا يقل عن مليون دولار.
تقسيم الأرباحومن القرارات التي أدت أيضًا إلى تهرب شركات التعدين العالمية من الذهب المصري، قرار الحكومة المصرية بتقسيم الأرباح، حيث قررت الحكومة تقاسم 50 في المئة على الأقل من أي عوائد للذهب تحققها الشركات مع الحكومة.
مكلفة للشركات الصغيرةويقول عاملون في قطاع التعدين إن الشروط مكلفة جدا للمستثمرين المبادرين بالاستثمار وهم شركات التنقيب الصغرى ذات رأس المال المخاطر التي تجمع تمويلات للدخول في مشاريع عالية المخاطر أملًا في تحقيق اكتشافات مجدية تجاريًا.وقال عمر الألفي المدير التنفيذي بشركة القلعة القابضة: "كنت متحمسا للتغييرات التي يجرونها حقًا، لكن يبدو أن الشروط لا تتحسن مع الأسف." واستثمرت القلعة القابضة في التنقيب بإثيوبيا لكنها تتجنب سوقها المحلية في مصر حتى الآن.وأضاف الألفي: "في الحقيقة، إطار العمل المعروض حاليا في القاهرة لا يجذب صغار اللاعبين (بالقطاع) للمشاركة ومن ثم لا يوجد سوى منجم واحد للذهب".
مدفوعات المنحةوقال ديفيد هول الرئيس التنفيذي لشركة ثاني ستراتيكس ريسورسيز، إن مدفوعات المنحة الكبيرة وحدها كافية لاستبعاد تقدم شركات التعدين الصغيرة مثل شركته بعروض في المزايدة.وأضاف أن الشركات الصغيرة لا ترغب في دفع أموال في منح توقيع، بل تود ضخ هذا الأموال في التنقيب.وقال هول: "ترى السيولة التي يدرها منجم السكري وإذا حققت اكتشافات مثل هذه كل أربع أو خمس سنوات ستستطيع جني مليارات الدولارات لكن يجب عليك أن تدفع الشركة للإقبال على المخاطرة والقيام بالتنقيب أولًا لترى ما إذا كان هناك إمكانات".
الشركات الرئيسية لن تقدم عروضًاومن جانبها، أعلنت الشركات الأجنبية الثلاث الرئيسية العاملة في البلاد وهي "سنتامين وأتون ريسورسيز وثاني ستراتيكس ريسورسيز" أنها لن تقدم عروضا في ظل الشروط الحالية.وقالت شركة سنتامين - التي تدير منجم الذهب التجاري الوحيد فى مصر - إنها لن تقدم عروضًا في مزايدة عالمية للتنقيب عن المعدن الأصفر في مصر لأن الشروط ليست مجدية تجاريًا.وقالت سنتامين، التي أنتجت العام الماضي 551 ألفا و36 أوقية (أونصة) من منجم السكري، إن الشروط أقل جاذبية مقارنة مع الجولات السابقة.وقال رئيس مجلس إدارة سنتامين جوزيف الراجحي: "بينما تضم مصر الكثير من المناطق التي تنطوي على فرص هائلة لإنتاج (الذهب)، فإن سنتامين لن تتقدم بعرض للحصول على مناطق أخرى في ظل أحدث شروط عرضتها الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية في مزايدة 2017".
توقعات بإقبال كبيروعلى صعيد آخر، أكد عمر طعيمة رئيس الهيئة العامة للثروة المعدنية، أن الحكومة لا تعتزم تطبيق هذا النموذج، وأنها تتوقع إقبالًا كبيرًا جدًا على المشاركة في جولة المزايدة.وقال طعيمة، إن أولئك الذين يرون المزايدة مناسبة لهم بموجب هذه الشروط هم محل ترحيب في مصر، لكن فيما يخص من يرونها غير مناسبة فهو ليس مستعدًا لسماع نصيحة من أحد.وامتنعت وزارة البترول والثروة المعدنية في مصر عن التعليق.