من مذكراته السرية.. هكذا ندم سعد زغلول على إدمانه "القمار" و"الخمر"

سعد زغلول

"ويل لمن يطالعون من بعدي هذه المذكرات"، اختار الزعيم المصري الراحل سعد زغلول هذه الجملة ليبدأ بها مذكراته التي كشفت أسرار عن المجتمع البريطاني أيام الاحتلال وعن حياته الخاصة نفسها ربما يخجل من ذكرها البعض، ولكنه كان من القوة والشجاعة بحيث أثبت كيف افادته أخطاءه الشخصية ليكون خير معين للحياة السياسية في مصر.

وتعتبر مذكرات سعد زغلول من أهم المذكرات السياسية لأنها مذكرات حقيقية، كتبها سعد زغلول بشكل شبه يومي لاستخدامه الشخصي، ولم يتوقع وهو يكتبها أو يخطط لنشرها لتصبح مادة للقراءة وبالتالي لكشف كثير من الاسرار حتى الخاص منها، وبالتالي فهي ليست مجرد ذكريات، ولذلك أصدرت دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة كتاب مذكرات سعد زغلول الجزء الحادي عشر بينما أصدرت الأجزاء السابقة له الهيئة المصرية العامة للكتاب، بالتعاون مع دار الكتب والوثائق.

سعد زغلول، شخصية سياسية هامة ويعرف عنه أنه الزعيم المصري وقائد ثورة 1919، وأحد أبرز الزعماء المصريين على مدار التاريخ، شغل منصب رئاسة الوزراء ومنصب رئيس مجلس الأمة، ولد في قرية إبيانة التابعة لمركز مطوبس محافظة كفر الشيخ حاليا، وجد في سجلات شهادته التي حصل عليها في الحقوق بأنه من مواليد يونيو 1860، وكان والده رئيس مشيخة القرية، وحين توفى كان عمر سعد خمس سنوات فنشأ يتيما هو وشقيقه أحمد زغلول.

تلقى تعليمه في الكتاب ثم التحق بالأزهر عام 1873، وتعلم على يد السيد جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده والتف مثل الكثير من زملائه حول جمال الدين الأفغاني، ثم عمل معه في الوقائع المصرية، ثم انتقل إلى وظيفة معاون بنظارة الداخلية لكنه فصل منها لاشتراكه في ثورة عرابي ثم اشتغل بالمحاماة لكنه قبض عليه عام 1883 بتهمة الاشتراك في التنظيم الوطني المعروف بجمعية الأنتقام، وبعد ثلاثة أشهر خرج من السجن ليعود إلى المحاماة ثم دخل إلى دائرة أصدقاء الإنجليز، عن طريق الأميرة نازلي، وسعى وقتها إلى تعلم اللغة الإنجليزية ثم تزوج من ابنة مصطفي فهمي باشا رئيس وزراء مصر، وتعلم الفرنسية ليزيد من ثقافته.

توظف سعد وكيلا للنيابة وكان زميله في هذا الوقت قاسم أمين، وترقى حتى صار رئيسا للنيابة وحصل على رتبة الباكوية، ثم نائب قاض عام 1892، وحصل على ليسانس الحقوق عام 1897.

ثم انضم سعد زغلول إلى الجناح السياسى لفئة المنار، التي كانت تضم أزهريين وأدباء وسياسيين ومصلحين اجتماعيين ومدافعين عن الدين، واشترك في الحملة العامة لإنشاء الجامعة المصرية وكان من المدافعين عن قاسم أمين وكتابه تحرير المرأة، وفي عام 1906 تم تعيينه ناظرا للمعارف ثم عين في عام 1910 ناظرا للحقانية.

ولكن ذكر سعد زغلول في مذكراته أنه خلال زيارته لأوروبا صيف 1908 كان يتناول الافطار مع الست والباشا، أي مصطفى فهمي وحسين ابن محمود صدقي في الساعة التاسعة، وبعد أن نتمشى مع الباشا قليلا نعود إلى البيت لنلعب البوكر مع الست وحسين إلى الساعة ثمانية، ونتمشى قليلا ثم نعود لنلعب البوكر إلى الساعة 11 مساء، وقد انفعل أثناء اللعب عند الخسارة وصادف أن الزهر كان يعاكس وكان زهر حسين أفضل، ولكن مع ذلك كسبت ولم أخسر غير أن حارق كانت من طريقين: طريقي وطريق الست.

وأظهر في مذكراته رغبته في التوقف عن لعب القمار، حيث كتب يقول: "أوصي كل من يعيش بعدي من لهم شأن في شأني أني إذا مت من غير أن أترك اللعب أن لا يحتفلوا بجنازتي، ولا يحدوا على ولا يجلسوا لقبول تعزية ولا يدفنوني بين أهلي وأقاربي وأصهاري، بل بعيدا عنهم وأن ينشروا على الناس ما كتبته في اللعب حتى يروا حالة من تمكنت في نفسه هذه الرذيلة وبئست العاقبة".

وقال ايضا في مذكراته: "كنت أتردد بعد عودتي من أوروبا على الكلوب، فملت إلى لعب الورق، ويظهر أن هذا الميل كان بداية المرض، فإني لم أقدر بعد ذلك أن أمنع نفسي من التردد على النادي ومن اللعب، وبعد أن كان بقليل أصبح بكثير من النقود وخسرت فيه مبلغا طائلا".

ويتبين أن زغلول ندم على ذلك حين قال: "رأيت نفسى لعبت وتهورت في اللعب وأتى علي زمان لم اشتغل إلا به، ولم أفكر إلا فيه، ولم أعلم إلا له، ولم أعاشر إلا أهله حتى خسرت فيه صحة وقوة ومالا وثروة".

وكان يتعجب من اشتهاءه الدائم والغالب للعب، فقال: "أريد أن أعرف ما أريد حتى أتمكن من معالجة نفسي من هذا الداء، هل أريد بسطة في الرزق؟، أنه يقبضه في الكثير الغالب، هل أريد سعة في الجاه؟، أنه يضيقه بما يحط من القدر في نفوس الناس، هل أريد تناسي آلام تتردد على النفس عند خلوها من الشغل وهو كثير؟، لا أشعر بهذه الآلام".

ولم يبدل سعد زغلول أي شىء من مذكراته، ورغم إنه كان يعلم بأن تلك المذكرات تحمل ما يمكن استخدامه ضده، إلا أنه أوصى بأن تنقل بعد وفاته لحوزة من سيخلفه في زعامة الوفد، وعلى من يتولى أمرها أن ينشرها بالأسلوب، وفي الوقت الذي يراه مناسبا.

وبرغم ذلك كان سعد زغلول، أحد المساهمين في وضع حجر الأساس لانشاء الجامعة المصرية مع كل من: "محمد عبده ومحمد فريد وقاسم أمين وتم انشاء الجامعة في قصر جناكليس، وتم تعيين أحمد لطفي السيد، كأول رئيس لها، ساهم سعد أيضا في تأسيس النادي الاهلي عام 1907 وتولى رئاسته في 18 يوليو 1907، وأصبح سعد نائبا عن دائرتين من دوائر القاهرة، ثم فاز بمنصب الوكيل المنتخب للجمعية وبعد الحرب العالمية الأولى تزعم المعارضة في الجمعية التشريعية التي شكلت نواة جماعة الوفد فيما بعد وطالبت بالاستقلال وإلغاء الحماية".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
وفاة والدة مي عز الدين بعد تدهور حالتها الصحية