أثار تصريح الرئيس عبدالفتاح السيسي، أثناء الاجتماع الوطني بالشباب في أسوان، أمس الأول، إننا "شعب فقير جدا" عاصفة من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وما بين مؤيد ومتهكم ومعارض للتصريح ومنتقد برزت التعليقات؛ لكن لم يكن الرئيس السيسي الأول الذي يصارح شعبه بحقيقة الفقر في حكمه.
ناصر: الفقراء يدخلون الجنةبعد إسقاط الملكية وتحول مصر إلى الجمهورية على يد الضباط الأحرار، غرقت البلاد في فقر مدقع، خاصة مع سياسات التقشف التي اتبعتها مصر وقته من أجل التسليح وبعد عدة حروب خاضتها وأخرى كانت تعد لها مثل العدوان الثلاثي عام 1956 ونكسة عام 1967 وحروب الاستنزاف وأكتوبر 1973.
قال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في إحدى خطبه الشهيرة احتفالًا بعيد الوحدة بميدان الجمهورية (عابدين حاليا) "طلع راديو مكة علينا ويقول: إيه الكلام الخاص بإذابة الفوارق بين الطبقات؟ دا كلام ضد الدين، الفقراء لهم الجنة، طيب الفقراء لهم الجنة وأنتم يا أصحاب راديو مكة مش عايزين نصيب من الجنة ولو صغير أد كده بأى حال من الأحوال؟ طيب والفقراء دول مالهومش نصيب فى الدنيا؟! نصيبهم بس فى الآخرة، هم أيضًا عايزين نصيب صغير فى الدنيا ويعطيكم قصاده نصيب فى الجنة".
انحاز ناصر للفقراء بإقراره لبعض القوانين التي عادت بالنفع على قطاع عريض من المصريين على رأسها قانون الإصلاح الزراعي، وتبينى قضية العدالة الاجتماعية، وكان منحازا للبسطاء في معظم مواقفه.
السادات وانتفاضة الخبزبعد حرب أكتوبر 1973 وعد الرئيس الراحل السادات المصريين بقرب انفراج الأزمة الاقتصادية التي عانت منها مصر نتيجة الحرب وتحول النظام الاقتصادي في مصر من الاشتراكي إلى الرأسمالي، وحدث مظاهرات في عامي 1975 و1976 إلا أن عدة مدن مصرية رفضت مشروع ميزانية برفع الأسعار للعديد من المواد الأساسية كالخبز والبوتاجاز والدقيق والشاي والسكر و25 سلعة أخرى من السلع الهامة في حياة المواطن البسيط، وكانت الإجراءات تشتمل على تخفيض الدعم للحاجات الأساسية بصورة ترفع سعر الخبز بنسبة 50% والسكر 25% والشاي 35% وكذلك بعض السلع الأخرى ومنها الأرز وزيت الطهي والبنزين والسجائر.
كان للدكتور عبد المنعم القيسوني، نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية آنذاك خطاب أمام مجلس الشعب في 17 يناير 1977 بخصوص مشروع الميزانية لذلك العام، أعلن فيه إجراءات تقشفية لتخفيض العجز، وربط هذا بضرورة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتدبير الموارد المالية الإضافية اللازمة.
كان رد فعل الشارع على الزيادات أن خرجت الناس للشوارع حتى استجابت الحكومة وتراجعت عن زيادة الأسعار. أطلق السادات عليها إسم "ثورة الحرامية" وخرج الإعلام الرسمي يتحدث عن "مخطط شيوعي لإحداث بلبلة واضطرابات في مصر وقلب نظام الحكم" وتم القبض على عدد كبير من النشطاء السياسيين من اليساريين قبل أن تصدر المحكمة حكمها بتبرئتهم.
مبارك: أولي محدود الدخل الاهتماموقال الرئيس السابق محمد حسني مبارك في إحدى خطبه بالبرلمان، إنه يشعر بمعاناة كل مواطن وأنه إذا رفع الدعم عن المواطن ورفعت الأسعار لكل السلع فلن يستطيع المواطن أن يأكل أو يشرب أو يلبس، ورغم ارتفاع نسبة الفقر في عهد الرئيس مبارك لتصل إلى 40% أواخر عام 2010، إلا أنه لم يكف عن الحديث عن محدودي الدخل.
"أولي محدود الدخل العناية والاهتمام" كانت الجملة الأكثر شهرة التي كان يقولها الرئيس المخلوع مبارك في عهده والأشهر بخطبه".
حديث مبارك عن محدودي الدخل إبان عهده كانت حيل يتبعها عندما كان رئيس للجمهورية، فحديثه عن الفقراء لا يرتبط بالواقع السيئ الذي كانوا يعيشون فيه بعهده، جاء ذلك تحليلا لخطبه بواسطة أستاذ تحليل عماد عبداللطيف أستاذ تحليل الخطابات بجامعة القاهرة.
السيسي: احنا شعب فقير أوي وقال الرئيس السيسي في مؤتمر الشباب الذي عقد بأسوان أمس الأول "أهل الشر مش عاوزينكم تعيشوا بيقولك خلي بالك ده ما بيعلمكش، خلي بالك ده مش سائل فيك، خلي بالك دول مش واخدين بالهم منكم، بس ماقالكش خلي بالك انت فقير أوي، محدش قالك إنك إنت فقير أوي، لا خلوا بالكم إحنا فقراء أوي لكن احنا بنقولهم انه رغم فقرنا هنكافح ونطلع لقدام".
جدير بالذكر أن الرئيس السيسي اتخذ حزمة من القرارات الاقتصادية مؤخرًا، بدأت برفع الدعم عن القطن مرورًا برفع الدعم عن أسعار البنزين والكهرباء والأسمدة.
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فأن 27.8% من السكان في ريف مصر فقراء ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، وأن 57% من سكان ريف الوجه القبلى فقراء مقابل 19.7% من ريف الوجه البحرى، في حي أن معدل إنفاق الفرد سنويًا أقل من 4 آلاف جنيه سنويًا، أى أقل من 333 جنيه شهريًا. تزامن مع هذا التقرير، زيادة مرتبات القضاة والضباط على 50% في الموازنة الجديدة، حيث أوضح مشروع الموازنة الجديدة للعام المالي 20162017م، أن نسبة 50% من الزيادة الموجهة للأجور، وقيمتها 10 مليارات جنيه، من نصيب الضباط والقضاة.