تفاصيل التحقيق مع الرئيس العراقي.. شهادة الجنرال الأمريكي الذي استجوب صدام حسين

كتب : سها صلاح

كشفت مجلة تايم الأمريكية لأول مرة تقرير حول أقوال جون نيكس، المُحلل السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، عن تحقيقاته مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

و بدأ "جون نيكس" روايته وفقًا للمجلة انه في عام 2003، كنت جزءًا من النظام الذي بذل جهود للعثور على صدام حسين، وأصبحت بعدها أول شخص يستخلص المعلومات منه بعد اعتقاله في شهر ديسمبر.

و يتابع "جون" أنه قبل احتجاز صدام حسين :"سمعت مرارًا وتكرارًا من العملاء في الجيش، وفي إدارة أوباما أننا في حال أوقعنا بصدام سنكون قادرين على القضاء على التمرد العراقي المتنامي في مهده".

وهذا أدى إلى الافتراض بأن صدام كان يسيطر بقوة على التمرد السني «إلا أنه لم يكن كذلك»، وأن إطاحة النظام البعثي من شأنها أن تجعل العراق بلدًا مسالمًا «لكن ذلك لم يحصل». كانت هذه المبررات الأساسية لقرار إدارة بوش في إطلاق عملية تحرير العراق في شهر مارس عام 2003، لإخراج صدام من السلطة، وبذلك قد تزدهر الديمقراطية والحرية في منطقة الشرق الأوسط عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

وأضاف عندما استجوبت صدام، أخبرني بالتالي: «ستفشلون.. ستكتشفون أن حكم العراق ليس سهلًا»، وعندما أخبرته بأنني شعرت بالفضول لشعوره ذلك، قال: «لن تفلحوا في العراق لأنكم لا تعرفون اللغة ولا التاريخ، كما أنكم لن تفهموا العقل العربي».

و أشار إلى أنه خلافًا لباراك أوباما، الذي استلم السلطة في الوقت الذي كان فيه العراق هادئًا نسبيًّا، عقب تدفق القوات الأمريكية وصحوة الأنبار، لكن دونالد ترامب لديه قرارات جسيمة ليتخذها فيما يخص الشرق الأوسط. وستكون العراق، وسوريا أيضًا، مركزية لجهود الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب في الإدارة المقبلة، وسيكون على الإدارة الجديدة أن تؤلف إستراتيجية معدَّلة للتعامل مع خطر تنظيم الدولة، إستراتيجية تشكل مسارًا عسكريًّا وسياسيًّا.

و يؤكد "جون " انه اليوم، وبعد عقد من إعدام صدام، ومع وجود رايات تنظيم الدولة التي ما زالت ترفرف على أجزاء من العراق، يجب علينا أن نسأل أنفسنا بعض الأسئلة،وأحدها: ما الذي كان سيجري لو أننا أبقينا على صدام، أو لو أظهرت الحكومة العراقية الخليفة بعض الرحمة، وخففت حكم الإعدام الصادر بحقه إلى السجن المؤبد؟

مضيفاً أنه من المستحيل أن نجزم بأي قدر من اليقين، لكن اعتقادي الشخصي هو أنه لو بقي صدام في السلطة، لخرجت العراق في نهاية المطاف من سلطة العقوبات الدولية، التي كانت تتداعى في الأصل بحلول 2001، وكان من المحتمل أن يكون ما زال في السلطة إلى اليوم، يحضّر أحد أبنائه لتولي الأمور من بعده عند وفاته. وأشك في أنه كان ليقلق كثيرًا بشأن حدث كالربيع العربي. وقد كان أسلوب قيادة صدام، وميله إلى الوحشية من أهم الأخطاء التي ارتكبها نظامه، غير أنه قد يكون حاسمًا دون رحمة إن شعر بأن قاعدة سلطته في خطر، كما كان من المستحيل أن تتم إطاحة نظامه بفعل حركة ناجمة عن السخط الشعبي.

وبالمثل، من المستحيل أيضًا أن تتمكن مجموعة مثل تنظيم داعش من تحقيق بعض النجاح في ظل حكمه القمعي، ذلك النجاح الذي توصلت إليه في ظل حكومة بغداد التي يقودها الشيعة. فقد شعر صدام بأن الجماعات الإسلامية المتطرفة في العراق تشكل أكبر تهديد لنظامه، وأجهزته الأمنية التي عملت باجتهاد للقضاء على مثل هذه التهديدات.

ويتابع قائلاً على الرغم من أنني وجدت أن صدام ليس محبوبًا تمامًا، إلا أنني احترمت قدرته على الحفاظ على دولة العراق متماسكة مدة طويلة، وأقد أخبرني ذات مرة، وقال: «قبل قدومي، لم يكن هناك سوى الجدل والمشاحنات، أنهيت كل ذلك ووفقت بين الشعب»، فقد استخدم صدام كل وسيلة في جعبته للحفاظ على دولة العراق متعددة الأعراق. وتضمنت تلك الأدوات، القتل، والابتزاز، والسجن، والتهديد، وكان يستخدم تلك الأساليب لتخويف أعدائه، وبالنسبة لأصدقائه، قام صدام بتوزيع رعاياه لزعامة القبائل، وأغر أنصاره بالمال والكثير من الهدايا والأراضي، وغيرها من الهبات التي كانت شريان الحياة للدولة الغنية بالنفط. أما عراق اليوم فقد تمزق من خلال تعميق الطائفية التي تبدو على الدوام مجرد خطوة بعيدة عن الاشتعال مرة أخرى، كما حصل عقب إطاحة صدام.

وكان صدام ليبقي، حتميًّا، على موقف عدائي تجاه إيران؛ فقد كان فخورًا للغاية بمناهضته للجمهورية الإسلامية، كما احتفظ باحتقار من نوع خاص للشيعة في العراق، الذين كانوا يتبعون توجيهات إيران بدلًا من الامتثال لإرشاداته، أما العراق الآن فهي الشريك الأصغر للنظام الإيراني الأكثر جرأة، الذي قام بتوسيع نفوذه العسكري والأمني في أعقاب الفوضى الحاصلة نتيجة لإطاحة صدام، والربيع العربي المجهَض.

وفي شهر ديسمبر عام 1992، سُئِل الرئيس المنتخَب بيل كلنتون من قبل مراسل صحيفة نيويورك تايمز عما كان ينوي فعله حيال صدام والعراق، فأجاب كلنتون عرضًا: «إن أراد علاقة مختلفة مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة، كل ما عليه فعله هو تغيير أسلوبه». وأفادت التقارير أن الانتقادات التي تلت ذلك من مجتمع الأمن القومي أفزعت الرئيس الجديد، الذي فاز بفارق بسيط في سباق ثلاثي، والذي وصل إلى السلطة بأوراق اعتماد سياسة خارجية قليلة. وفي وقت لاحق، لم يرجع كلنتون إلى هذه الفكرة على الإطلاق، إلا أنه بدلًا من ذلك، هاجم العراق عسكريًّا عام 1993 و1998.

أما ترامب فلديه الفرصة في أداء دور كبير للغاية في صياغة نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، وسيتطلب ذلك اتخاذ قرارات صعبة، والاعتراف، في نهاية المطاف، بأنه يجب علينا أن نتعامل مع أشخاص وزعماء نمقتهم إن أردنا تقديم المساعدة في إعادة الاستقرار إلى المنطقة، وتقييد نطاق المد الإرهابي. والأهم من ذلك، سيتطلب الأمر إعادة الدبلوماسية إلى سياستنا الخارجية. وقد أظهر الرئيس المنتخَب من خلال فوزه في الانتخابات أنه مؤمن «بفن الاتفاق». وربما تتمكن هذه الإدارة من استخدام مهاراتها التفاوضية، ووضع حد لمشاركتنا في الحرب إلى الأبد.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بايدن يُعلن تغيير موعد سريان وقف إطلاق النار في لبنان لفجر الأربعاء