"ترامب" بدأ تنفيذ تهديداته مبكرًا.. تعاون سعودي لإنزال بري باليمن ومناطق آمنة بسوريا

الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب

لم يمهل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الساسة في المنطقة العربية ولا الجهات الداعمة لتيارات الإسلام السياسي وكذلك الداعمة للإرهاب الوقت لتوحيد صفوفهم بدءًا للعبة جديدة تغيرت أطرافها بمجيء ترامب إلى السلطة، لم يكمل الرئيس الأمريكي يومه التاسع في البيت الأبيض حتى أرسى اتفاق تعاون عسكري مع السعودية لشن إنزال بري باليمن.

ترجح مصادر أن ملامح التعاون العسكري الأمريكي مع السعودية ضد الإرهاب في المنطقة، مهد له الرئيس السابق باراك أوباما في زيارة خاطفة له بصحبة الملك سلمان، سبتمبر الماضي، إلا أن إنزالا عسكريا لم يكن في الحسبان، ربما لأن أوباما لم يرد أن يكرر مأساة العراق التي سبقه إليها الرئيس الأسبق جورج بوش مخلفا إرثا من الكراهية والعداء ضد الأمريكان وسياستهم في المنطقة.

وكانت الولايات المتحدة قد نفذت عشرات من الضربات بطائرات بلا طيار خلال عهد الرئيس السابق باراك أوباما ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، والذي يعتبر أخطر فروع التنظيم العالمي.

وكان الجيش الأمريكي نفذ أول عملية إنزال في اليمن بعهد الرئيس دونالد ترامب استهدفت مبان ومنازل لعناصر تنظيم القاعدة وقتل فيها 41 من عناصر التنظيم و16 مدنيا، في محافظة البيضاء وسط اليمن بطائرات من دون طيار ومروحيات قتالية.

وقتلت الغارة الجوية في حي يكلا بمحافظة البيضاء عبد الرؤوف الذهب الزعيم الكبير بتنظيم القاعدة باليمن وشقيقيه سلطان الذهب وسيف الجوفي، حسب وكالة فرانس برس.

بدء الإنزال فجر الأحد 29 يناير وأسفر عن مقتل جندي أمريكي وإصابة 3 آخرين وتشير النتائج الأولية إلى قتل 8 أطفال بسبب الغارات بينهم طفلة لقيادي بالقاعدة.

ووفقا لبيان من البيت الأبيض قال مسؤول عسكري أمريكي إن الرئيس دونالد ترامب أجاز غارة شنتها القوات الأمريكية الخاصة على مقر تنظيم القاعدة في اليمن واستهدفت جمع معلومات مخابراتية عن التنظيم، مضيفا أن القوات الأمريكية لم تضبط أي إرهابي أو تأخذ أي أسرى من الموقع بعد الهجوم.

وأعلن أحد أفراد عائلة الأمريكي اليمني أنور العولقي الذي قتل في غارة أمريكية عام 2011 أن ابنة هذا الزعيم الإرهابي في تنظيم القاعدة قتلت ليل الأحد في الهجوم الأمريكي الذي استهدف منازل وأبنية للتنظيم وسط اليمن.

وقال المصدر لوكالة فرانس برس إن "نورة، ابنة أنور العولقي والبالغة من العمر ثمانية أعوام، قتلت في الهجوم في يكلا حيث كانت تعيش في منزل خالها" وهو أحد أفراد عائلة الذهب؛ بينما والدها أنور العولقي، أحد أبرز قيادات تنظيم القاعدة، قتل في غارة أمريكية نهاية سبتمبر 2011 بين منطقتي مأرب والجوف الواقعتين شرق وشمال العاصمة صنعاء. وبعد نحو أسبوعين، قتل عبد الرحمن العولقي، أحد أبناء القيادي الإرهابي، في غارات في قرية عزان بمحافظة شبوة جنوب شرق اليمن.

وقال مصدر لوكالة رويترز: "بعد الإنزال فتح مسلحون النار على الجنود الأمريكيين الذي غادروا المنطقة وقصفت الطائرات الهليكوبتر المسلحين وعددا من المنازل مما أسفر عن وقوع عدد كبير من القتلى".

وقالت مصادر لوكالة فرانس برس، إن صواريخ أرض-جو استخدمت أيضا في الهجوم الذي استهدف مجموعة من المنازل.

وفي وقت لاحق، أعلن الجيش الأمريكي أن جنديا أمريكا قتل وأصيب ثلاثة آخرون بجروح في الهجوم على موقع لتنظيم القاعدة في اليمن، موضحا أن 14 مسلحا من التنظيم الإرهابي قتلوا في الهجوم نفسه.

وهذه أول عملية برية عسكرية أمريكية في اليمن منذ أن انزلق للحرب الأهلية قبل عامين تقريبا، وأول عملية من نوعها منذ تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.

وحاولت قوات خاصة أمريكية إنقاذ رهينة أمريكي وآخر من جنوب أفريقيا احتجزهما تنظيم القاعدة في جزء آخر من البلاد في ديسمبر2014، لكن الرهينتين قتلا في تبادل إطلاق النار الذي اندلع بعد ذلك.

تعاون عسكري سعودي أمريكي في اليمن وسوريا

وترجح مصادر أن الإنزال في اليمن جاء وفق تعاون عسكري سعودي أمريكي، فيما أعلن البيت الأبيض في بيان له أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مكالمة هاتفية مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، بينهما مساء الأحد، عن تأييدهما لإقامة مناطق آمنة في سوريا واليمن.

وجاء في البيان أن الرئيسين "أشارا لأهمية تنشيط الجهود المشتركة في محاربة انتشار التشدد الإسلامي، وأهمية التعاون لحل قضايا الاستقرار والأمن الإقليمي، بما في ذلك النزاعين في سوريا واليمن".

وأضاف البيت الأبيض أن ترامب أكد عزمه على إقامة مناطق آمنة في سوريا واليمن، وأعرب العاهل السعودي عن "تأييده لهذه الفكرة وغيرها من الأفكار لمساعدة الكثير من النازحين جراء النزاعات".

وكان الرئيس ترامب أعلن سابقا أنه ينوي إنشاء مناطق آمنة في سوريا لحل مشكلة اللاجئين، فيما اعتبر الكرملين، على لسان المتحدث باسمه، دميتري بيسكوف، أن على الولايات المتحدة دراسة التبعات المحتملة لهذه الخطوة التي لم تكن هناك مشاورات بين موسكو وواشنطن حولها.

وأكد الرئيسين خلال الاتصال بحثهم إنشاء مركز خاص ومتقدم في مكافحة التطرف والإرهاب بمشاركة البلدين.

كما بحث الرئيس الأمريكي والعاهل السعودي تنفيذ الاتفاق بين السداسية الدولية وإيران حول برنامج طهران النووي، واتفقا على ضرورة التزام إيران به التزاما صارما.

وجاء في بيان البيت الأبيض بهذا الصدد، أن الجانبين "اتفقا على أهمية الالتزام بتنفيذ الخطة المشتركة الشاملة الموقعة مع إيران، التزاما صارما، والرد على أعمال إيران التي تزعزع الاستقرار بالمنطقة".

وقالت وسائل الإعلام السعودية، إن الاتصال بين دونالد ترامب والملك سلمان استمر أكثر من ساعة وتناول كثيرا من التفاصيل الهامة المتعلقة بمستقبل العلاقات بين الدولتين والوضع فى المنطقة، مؤكدة تطابق وجهات نظر الزعيمين بشأن السياسات الإيرانية فى المنطقة وإشادتهما بالتعاون الأمني والعسكري القائم بين البلدين وأهمية تعزيز ذلك في الفترة القادمة.

وتتوقع وسائل الإعلام السعودية أن "تشهد فترة الرئيس ترامب علاقات تاريخية بين أمريكا والسعودية".

كما قالت وسائل الإعلام السعودية إنه تم الاتفاق خلال الاتصال على الكثير من الأمور الهامة ومن ذلك تعزيز مشاركة البلدين بشكل واسع في محاربة الإرهاب والتطرف وتمويلهما وأن السعودية لديها مبادرة مع عدد من دول المنطقة بخصوص ذلك، وأنها تتطلع لزيادة الدعم الأمريكي في ذلك".

ولفتت أن "السعودية تشارك بفعالية في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة داعش في سوريا وأن عدد الطلعات الجوية السعودية ضد داعش تأتي بالترتيب الثاني بعد الولايات المتحدة الأمريكية".

ما هي المناطق الآمنة؟

تفرض المنطقة الآمنة لحماية مجموعة لا تستطيع حماية نفسها، ويتم فرضها بمقتضى قرار من مجلس الأمن، كما يتم تكليف دولة أو اثنتين بتنفيذ هذا القرار بالقوة، ويمنع تحليق أي طائرات عسكرية حول هذا المكان، لعدم تعرض السكان في هذا المكان للخطر.

وتهدف عملية إنشاء مناطق آمنة إلى توفير التدخل الإنساني من خلال ممرات آمنة لحماية مدنيين حقوقهم مهدورة ويتعرضون للتعذيب، من خلال قرار يصدر عن مجلس الأمن بناء على توصيات لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس حقوق الإنسان، وهذه الظاهرة ليست جديدة في العلاقات الدولية، فقد قامت الأمم المتحدة بالتدخل في عدد من الدول بهدف التدخل لحماية المدنيين وحماية حقوق الإنسان، وحماية الأقليات وتقديم المساعدة الإنسانية.

لا يمكن إقامة مناطق عازلة أو آمنة بدون عملية حظر للطيران، حيث يعدّ حظر الطيران أحد أشكال العقوبات التي يوقعها مجلس الأمن على الدول بتصويت أغلبية الأعضاء، إذا لم تستخدم أي من الدول الدائمة العضوية حق النقض الفيتو. ومنطقة حظر الطيران تعني منع تحليق الطائرات في أجواء منطقة معينة أو دولة ما، استنادًا إلى قرار من مجلس الأمن. ويتطلب فرض الحظر الجوي إقامة دوريات على مدار الساعة فوق المجال الجوي للدولة المستهدفة، وأحيانًا تدمير مضادات الطائرات لذلك البلد.

ومن آثار الحظر حرمان القوات الجوية للبلدان من سيادتها الجوية على أراضيها، وإفساح المجال لقوات أخرى بالتحرك في الأجواء على حساب صاحب الأرض، والإضرار الكبير بالحركة الاقتصادية وحرية النقل الجوي.

والمناطق الآمنة مصطلح غير رسمي، لا تعريف له في القانون الدولي، يضمّ عددًا متنوّعًا من المحاولات الهادفة لحماية مناطق معينة، بإعلانها مناطق خارج نطاق الاستهداف العسكري، ففي اتفاقيات جنيف الأربع عام 1949، وفي البروتوكولات الملحقة بها عام 1977، لم يردْ مصطلح "المناطق الآمنة"، بل وردتْ ثلاثة أنواع من المناطق: مناطق طبية (Hospital Zones)، مناطق محايدة (Neutralized Zones)، ومناطق منزوعة السلاح (Demilitarized Zones). وحسب العُرف الدولي، تتطلّب إقامة المنطقة الآمنة أولًا: الاتفاق بين الأطراف المتنازعة على إقامتها، وثانيًا: إزالة الصفة العسكرية عن المنطقة، وإخضاعها للإدارة المدنية، وثالثًا: أنْ لا تحدّد الأطراف المتنازعة ترتيباتٍ للدفاع عنها، لأنّ وجود طرف عسكري جاهز للدفاع عنها، سوف يُعرّضها للدخول في الحرب مرةً أخرى.

في النزاعات التي وقعتْ بعد الحرب الباردة، أعلنَ مجلس الأمن الدولي، مع جهات دولية أخرى، وطبعًا مع الأطراف المتنازعة، عن إقامة مناطق آمنة في عدة دول، وبشكلٍ ارتجالي واعتباطي. فهذه المناطق حملتْ تسمياتٍ متنوعة: ممرات هادئة (Corridors of Tranquility)، ممرات إنسانية (Humanitarian Corridors)، مناطق محايدة (Neutral Zones)، مناطق محميّة (Protected Areas)، مناطق آمنة (Safe Areas)، وملاذات آمنة (Safe Havens). وكان الغرض من إقامتها: حماية اللاجئين، ومنع تدفق أعداد كبيرة وجديدة من اللاجئين. ومع ذلك، فإن النشاط العسكري استمرّ في هذه المناطق، بعكس التصريحات المُعلن عنها، بأنها مناطق خارج نطاق العمليات العسكرية.

في اتفاقيات جنيف الأربع عام 1949، وفي البروتوكولات الملحقة بها عام 1977، لم يردْ مصطلح “المناطق الآمنة”

بعد حرب الخليج عام 1991، قامت القوى الغربية العظمى، وبعد تشجيعها لانتفاضة الأكراد في شمال العراق، بإنشاء ملاذ آمن لتمكين 400،000 مواطن عراقي كردي من الإقامة فيه، وإعادتهم من الحدود التركية. وبعد ذلك، تولّتْ الأمم المتحدة ووكالاتها مسؤولية مساعدتهم. وفي حرب البوسنة والهرسك عام 1993، أقام مجلس الأمن الدولي ستّ مناطق آمنة، لحماية المدنيين في ستّ بلدات بوسنيّة، من هجمات القوات الصربية التي تحاصرها. لكنّ مجلس الأمن لم يحدّد بدقّـة الحدودَ الجغرافية لهذه المناطق الستّ، ولم يتعهّد بالالتزام بحمايتها. وبعد فترة قريبة، بدأ الصربُ باتهام البوسنيين بأنهم يستخدمون هذه المناطق الآمنة للتحضير لهجماتٍ عسكرية ضدّهم، وبالتالي لم يتمّ تحييد هذه المناطق عن النزاع تمامًا، بالإضافة لسببٍ آخر؛ وهو أنّ البوسنيين عارضوا دخول قوات دولية لحمايتهم. وفي تموز يوليو عام 1995، تنبّهت الأمم المتحدة إلى خطورة الموضوع، عندما وقفتْ القوات الدولية متفرّجةً على القوات الصربية وهي تحتلّ المناطق الآمنة في صربرينيتشا وزيبا، وترتكب فيها جرائم مروّعة.

بعد وقوع ثلاثة أرباع جرائم الإبادة الجماعية في راوندا، قرّر مجلس الأمن الدولي عام 1994، إقامة مناطق إنسانية آمنة هناك، لكنْ لمْ ترسل أيّ دولة قوات عسكرية لتنفيذ القرار. وعوضًا عن ذلك، وبعد انتهاء أبشع المجازر، أعطى مجلس الأمن الدولي تفويضًا لجمهورية فرنسا، بأنْ تستخدم القوة العسكرية لإقامة منطقة آمنة في راوندا. وقد شكّلتْ هذه المنطقة ملاذًا آمنًا لأبناء قبيلة الهوتو، الذين خطّطوا ونظّموا وارتكبوا مجازر الإبادة الجماعية في راوندا، ما زاد الشكوك حول جدوى فكرة المناطق الآمنة.

بشكلٍ عام، أنقذت المناطق الآمنة حياة مدنيين كثيرين. لكنّ إقامتها، ومنع النشاط العسكري داخلها، وحمايتها من الهجمات الخارجية؛ أمرٌ في غاية الصعوبة، وفي غاية الضرورة في الوقت نفسه. فالمناطق الآمنة نادرًا ما شكّلتْ ملاذًا آمنًا، بشكلٍ ثابت ومستمرّ، للمدنيين الهاربين من فظائع الحرب.

من جهتها حذرت سفارة اليمن في واشنطن، الأحد، اليمنيين المتواجدين في الولايات المتحدة من مغادرة أراضيها بعد قرار ترامب.

وقال بيان للسفارة موجها لليمنيين المتواجدين في أمريكا "تابعتم للأسف قرار إيقاف السفر إلى أمريكا لمواطني سبع دول من بينها اليمن مع إيقاف جميع التأشيرات السياحية والعلاجية باستثناء التأشيرات الدبلوماسية".

وأضاف البيان: "على إثر ذلك ننصح بعدم السفر خارج أمريكا للمتواجدين فيها حتى يتم استيضاح التفاصيل". وأكد البيان أهمية التواصل مع الشؤون القنصلية بالسفارة في حال وجود أي حالات عالقة في المطارات الأمريكية".

وقال مسؤول في الحكومة اليمنية المعترف بها يوم السبت إن اليمن "فزع" من قرار فرض حظر مؤقت على دخول اليمنيين الولايات المتحدة قائلا إن اليمن نفسه ضحية للهجمات.

واليمن أحد 7 دول تقطنها أغلبية مسلمة شملها قرار ترامب بفرض حظر على سفر مواطنيها للولايات المتحدة لمدة 90 يوما في الوقت الذي تدرس فيه إدارته طرقا جديدة لمنع المتشددين المحتملين من محاولة دخول الولايات المتحدة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً