مازالت مشكلة الأسواق العشوائية في القاهرة صداع في رأس الحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة، حيث تعد من أكبر المشكلات المؤرقة لما تتضمنه من مشكلات تكدس مرورى، وتشويه حضارى للعاصمة، فضلا عن المشكلات الأمنية لكونها مرتبطة بعدد كبير من الباعة بالأسواق العشوائية حيث اختباء الهاربين والمسجلين خطر داخل تلك الأسواق، بالإضافة إلى مظاهر السرقة والنشل والتحرش.
"أهل مصر" تفتح ملف الأسواق العشوائية بالقاهرة وما يسببه من أزمات على مر العصور:-
الأسواق العشوائية ظاهرة خطيرة على المجتمع
في البداية قال الدكتور محمد النجار، أستاذ الإقتصاد بجامعة بنها، إن الأسواق العشوائية إحدى الظواهر المرضية والخطيرة على المجتمع، حيث أنها تتسبب في تكدس مرورى كبير نظرا لأنها تشغل الشوارع الرئيسية المخصصة للسيارات والمارة، كما انها لا تقوم على أماكن مرخصة ومخصصة لها.
وأضاف النجار، إن هذا يتسبب في نشوب مشاداة مع أصحاب السيارات والمارة وحدوث تكدس مرورى بشكل مستمر، كما أن المسئولية تقع كاملة على شرطة المرافق فمن واجبها التصدى لهذه الظاهرة".
وذكر النجار، إن الأسواق العشوائية تحوى عدد من المسجلين خطر والهاربين من القانون، والذين يقومون بالبلطجة على المواطنين في الأسواق كما يحدث في منطقة العتبة والرويعى والغورية وسوق الجمعة.
وأوضح النجار، إن هذه الأسواق العشوائية نظرا لإزدحامها الشديد تتسبب فى استغلال أصحاب النفوس المريضة للنشل والسرقة والتحرش سواء بالقول والفعل.
وأشار النجار، إلى أن الأسواق العشوائية تتسبب فى أزمات كبرى كنشوب الحرائق كما شاهدنا إحتراق سوق الرويعى والغورية وحدوث تلفيات لعدد 300 محل ببضاعتها.
ضعف الرقابة سبب إنتشار الأسواق العشوائية
وفي السياق ذاته أكد الدكتور عادل المهدى، أستاذ الإقتصاد بجامعة حلوان، على أن إنتشار ظاهرة الأسواق العشوائية تعود لضعف الرقابة على الأسواق، والمنافذ الجمركية مما أدى لوجود سلع مهربة وغير مطابقة للمواصفات تُباع في هذه الأسواق، وهو الذي ينعكس على استنزاف الإقتصاد الوطنى.
وأشار المهدي، إلي أن التضارب في إختصاصات الأجهزة الرقابية على الأسواق مثل الصحة والتموين وشرطة المرافق والحماية المدنية والمحليات وتقاعس هذه الأجهزة عن أداء دورها، كل ذلك يتيح بيئة خصبة لإنتشار وتفاقم ظاهرة الأسواق العشوائية.
وأكد المهدي، إن إقتصاد الأسواق العشوائية يعد إقتصادا موازيا لإقتصاد الدولة، لكنه يحتاج لمن يحسن إستغلاله، حيث تصل عدد الأسواق العشوائية بالدولة الى 2000 سوق، ويزيد عدد الباعة الجائلين بمختلف المحافظات عن 5 مليون بائع، فاذا قامت الدولة بتنظيم هذه الأسواق وتحصيل ضرائب عليها تستفاد منها فى تعظيم مواردها، ما يدر مليارات الجنيهات على خزينة الدولة.
الأسواق العشوائية تشوه المظهر الحضارى للقاهرة
ومن جانبه قال الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات الإقتصادية، إن الأسواق العشوائية تمثل بؤرا جاهزة للإنفجار كونها تحتوى على مواد بلاستيكية وأنابيب بوتجاز وأكوام القمامة ووصلات كهربية مخالفة وغير آمنة ما يجعلها تشكل خطرا على حياة الباعة والمواطنين الموجودين بها.
ولفت عامر، إلى أن هذه الأسواق تشوه المظهر الحضارى للقاهرة الكبرى كونها تقام بشكل عشوائى على الأرصفة والشوارع الرئيسية.
وأضاف عامر، إن أهم أسباب الظاهرة هى إنتشار البطالة بين الشباب وإنضمام العاملين بقطاع السياحة لهم، وإنتشار الفقر حيث يسعى المواطنين لشراء متطلبات حياتهم من سوق الجمعة حيث توجد سلع رخيصة ومسروقة ومهربة.
وأوضح عامر، إن الأسواق العشوائية طغت على الشوارع والسكة الحديد والمواقف، ولابد من قيام المحافظات والمحليات بتخصيص أماكن لها مرخصة.
وشدد عامر، على ضرورة حل المشكلة بغير الطرق التقليدية كقيام شرطة المرافق بمطاردتهم ومصادرة البضائع منهم، لأنهم سرعان ما يعودوا مرة آخرى بعد إنتهاء الحملة الأمنية، بالإضافة الى أنهم يكسبوا تعاطف الناس معهم حيث يظهرون بدور الضحية.
وأشار عامر، إلى إن هناك جدوى اقتصادية من وراء الأسواق العشوائية، موضحا أنه حال تنظيم الدولة للأسواق وتحصيل ضرائب، وتأجير وبيع مساحات الأرض الخاصة بالسوق فإن ذلك سيعود على الحكومة بملايين الجنيهات.
خطة محكمة لتطوير الأسواق العشوائية بالقاهرة
صرح هانى يونس، المتحدث الإعلامى باسم وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، أن الوزارة لديها خطة لتطوير الأسواق العشوائية بالقاهرة الكبري والمحافظات وجارى تنفيذها الآن، مشيرا الي أن الوزارة إنتهت من تطوير عدد من الأسواق العشوائية وتحويلها لأسواق حضارية متطورة كسوق ليبيا بالوايلى، وسوق منشية ناصر، وسوق غزة بالزاوية الحمراء، وتم تجهيزه من حيث إحتياطات الحماية المدنية منعا لنشوب حرائق به، وسوق الكونيسة بالعمرانية بتكلفة مالية بلغت 3.5 مليون جنيه.
وأضاف يونس، أن تطوير السوق يشمل بناء مركز إقتصادى فى المنطقة المقام بها السوق والسيطرة على الأسعار والرقابة عليها من جانب الأجهزة المختصة، وتحسين جودة المنتجات، وتوفير فرص عمل للسكان بالمنطقة.