لم يقتصر لقب "عانس" على النساء فقط.. فهناك من الرجال من حملوا هذا اللقب ولقد عرف الوسط الفني اسماء عمالقة قاطعوا الزواج بإرادتهم الحرة لتخلد اسمائهم في سجل التاريخ الفني كأشهر عزاب..
1-سليمان نجيبيعد الفنان سليمان نجيب من أشهر المضربين عن الزواج في الوسط الفني، فبرغم وسامته وثرائه، وانتمائه للطبقة الارستقراطية، وتمتعه بثقافة أوربية متميزة؛ قرر نجيب بارادته الحرة ألا يتزوج.. وهو القرار الذي تمسك به طوال حياته دون تراجع أو استسلام.لم يكن قرار سليمان نجيب بالأضراب عن الزواج ناتج قصة حب فاشلة، او عقدة نفسية، لكنه كان عن قناعة تامة، لأنه كان مؤمن بأن النساء مناكفات يبحثن دوما عن النكد.. وهو ما كان سوف ينعكس بشكل او بآخر على حياته الفنية.كما كان مؤمن بأن العمل في الفن غير مضمون، فوضعه المادي لم يكن مستقر، لذلك رفض أن يتزوج وينجب أطفال يعيشون في ظروف صعبة إذا ما أدارت له الدنيا ظهرها؛ رغم رفاهيته وثراءه..لذلك أوصى سليمان نجيب بثروته لدار الأوبرا المصرية التي كان أول مدير مصري لها.
2-بشارة واكيمأضرب بشارة واكيم عن الزواج وحمل لقب “عانس” لسبب طريف جدًا.. ذكره بشارة في أحد حواراته القديمة.. حيث أكد أن سبب رفضه للزواج كان خوفه من أن تتحقق دعوة أمه التي كانت دوما ما تبادره بدعوة واحدة كلما أثار غضبها وهي “روح إلهي يبتليك بجوازة تهد حيلك”.. ولأن بشارة واكيم كان متيقين من استجابة دعوة الأم.. خاف أن تتحقق دعوة أمه وينهد حيلة بزوجة نكدية. لذلك كره الزواج وعاش متخيلا أنه مصيبة ونكبة يبتلي بها الله عباده.. لأنه اذا ما تزوج العبد ودع أيام الصفاء وراحة البال ودخل في دورة “العكننة ووجع الدماغ” على حد قوله.. فقد وصف بشارة واكيم الزواج فقال:“الجواز في نظري أكبر مقلب، ومن«بلاويه» البسيطة، ما سأشرحه هنا، مع اعتذاري لحضرات المتزوجين الذين وفّقوا في زواجهم.. والتوفيق من الله طبعًا، ولكن من يضمن هذا التوفيق؟ الأولى: يشبه المتزوج، محكومًا عليه بالسجن المؤبد يطيع الأوامر، فإذا مشى في الطريق، سار مؤدبًا زي الألف، زنهار، لا يجوز أن يتلفت يمينًا أو يسارًا لئلا يعاكس أحدًا، أو يعاكسه أحد، وعليه أن يأوي إلى منزله بعد الغروب وإلا طبقت على دماغ حضرته جميع اللوائح العسكرية والجنائية والشرعية والمنزلية!».أما «البلوى» الثانية فكانت قوله: «أين إذن حالة المتزوج، من حالة الأعزب، خصوصًا إذا كانت «اشيته معدن» إنه يمشي طليقًا.. حرًا.. يتنطط أو يتشقلب كيفما يشاء.. حد له عنده حاجة؟!.. في أماكنه أن يحبك «الوجاهة».. ويضع طربوشه على «سنجة عشرة».. ويفرفش.. ويزأطط، دون أن يقول له أحد «ثلث الثلاثة كام!»».وكانت «البلوى» الثالثة أن «الزوجة ممثلة بارعة، لأنها تقوم بدور «الجنابو» الذي لا تخفى عليه خافية من شئون زوجها، ودور مصلحة الضرائب فتجرد زوجها من أرباحه، ودور الطبيب فتنصحه بمقاطعة التزام ومزاولة رياضة السير على الأقدام، ودور«مشيخة الطريقة الصوفية» فتحرمه من التفكير في الفلوس، وبالتالي في تلويث جيوبه بهذا».وقال واكيم إن «البلوى» الرابعة هي «المفاجآت الزوجية»؛ كأن تضع الزوجة مولودًا «كده من غير مناسبة»، ويجيء المولود في الوقت الذي تكون فيه جيوب الزوج أنظف من الصيني بعد غسيله، فإذا كبرت الذرية قالت الأم: «هات»، والولد: «هات»، والبنت: «هات»؛ فمالي أنا ومال وجع القلب ده كله.. خليني بعيد عن الشر و..!».ولأنه كان يمتلك فلسفة خاصة ووجهة نظر اتضحت في كلامه السابق، لم يندم بشارة واكيم أبدا على اضرابه عن الزواج، وخاصة أنه لم يعاني من الوحدة كغيره ممن رفضوا الزواج.. بل عاش بشارة واكيم مع أخته وأولادها بعد ان رحل زوجها.. وارضى رغبته في ان يكون أب برعاية أبناء أخته.. كما كتب لهم كل ما يملك قبل رحيله.
4-أمينة رزقعرفت الفنانة المصرية الراحلة بأنها عذراء السينما والمسرح العربي، والتي رفضت الزواج من أجل فنها وعاشت له فقط، ولم ترضى بالزواج خشية أن يؤثر على عملها الفني.أمينة رزق قالت في حوار قديم لها: «لم اندم على الإطلاق على عدم زواجي، لأن هناك العديد من الأسباب التي جعلتني لا أفكر في الزواج بداية من عشقي لفني وكانت متعتي الوقوف على خشبة المسرح آو إسعاد الجماهير فوهبت نفسي للفن وخشيت على الفن من أن ينافسه احد أو يمنعني عنه حتى لو كان زوجًا رغم طابور المعجبين والخطاب الذين أرادوا طلب يدي وكنت على يقين من أن أيا منهم لو وافقت على طلبه كان سيخيرني بين الفن أو الزواج لذلك أصابتني عقدة نفسية من الرجالة».وأضافت: «ولقد اعتدت على تقديم إحدى المسرحيات مع عميد المسرح العربي الفنان يوسف وهبي، وكانت أحداثها منصبة على فتاة انتحرت بعد أن غرر بها أحد الشبان أو أنها تمرض بسبب حبها فكل هذه الروايات كانت عبارة عن مآس نستعرض من خلالها سطوة الرجل وقوة نفوذه على المرأة، لذا خشيت على نفسي من الانتحار إذا ما وافقت على الزواج وجاء الزوج ذات يوم ويقرر حرماني من فني وعشقي وحبي».وتابعت: «إن ظروف العمل في مسرح يوسف وهبي دفعتني إلى عدم التفكير في الزواج لأنه كان يقدم كل يوم اثنين من كل أسبوع مسرحية جديدة حيث كنا نقدم 23 مسرحية في الموسم المسرحي الواحد، وبالتالي لم يكن لدينا الوقت للتفكير في أي من الظروف الخاصة، خاصة إذا ما أضفنا وقت الحفظ والبروفات، وعقب انتهاء الموسم كنا نقدم مسرحيات أخرى مدتها 15 يومًا في جولة بمدن الوجهين البحري والقبلي ثم نذهب للإسكندرية في الموسم الصيفي ونقدم 30 مسرحية لمدة شهر أي بمعدل مسرحية يوميًا ونجوب البلاد العربية، فأين هو الوقت الذي نفكر فيه بالزواج أو حتى لتبادل الابتسامات مع المعجبين».
5-فريد الأطرشأما «ملك العود» فكان عزوفه عن الزواج لغزا آخر، فرغم أنه مر بأكثر من تجربة حب، ولم يكن ينقصه شيء للزواج، كما قال كل المقربين منه، ولكن الفنان الراحل كان يقتنع بجملته الشهيرة: «إن الحب نوع من أنواع الاستعمار أخشى أن أدخله».لب فريد لم يستمع إليه في كل الأحوال وأدخله في أزمات عديدة، كان أشهرها قصة حبه من الراقصة والفنانة سامية جمال، التي عرفها الوسط الفني، وقيل إن سامية طلبت من فريد الزواج بنفسها إلى أنه رفض وخشي أن يؤثر القفص الذهبي على فنه الذي يعشقه، وعندما فكر أن يغير رأيه بعد ذلك كانت سامية قد ذهبت لغيره.ورغم أن فريد عاش أكثر من قصة حب طوال حياته، إلا أن هذه القصص لم تتوج بالزواج، ففي آخر حياته رأي فتاة وأعجبته وفكر في الزواج منها، إلا أنه اكتشف أنها مخطوبة وأنها على وشك الزواج، كما كان حبه للملكة ناريمان صدمة كبيرة له، وخاصة أنه كان يظن أنها تحبه ولكنها لم تكن كذلك.