قصة حائط الألغام الذي يحاصر الأسر في الصحراء الغربية

صورة ارشيفية
كتب : وكالات

تكاد أنزوغة محمد أحمد، تفقد الأمل بالعبور يوما ما الى الجهة الثانية من الجدار الفاصل بين الجزء الأكبر من الصحراء الغربية الذي يسيطر عليه المغرب والأراضي الواقعة تحت سيطرة البوليساريو والحدودية مع الجزائر.

وتقول أنزوغة لوكالة فرانس برس "أنا كبرت خلف هذا الحائط، وأولادي ولدوا في ظله".

وتعيش أنزوغة 36 عاما في أحد المخيمات الصحراوية بتندوف في أقصى جنوب غرب الجزائر على بعد 90 كلم من "حائط العار" كما يصفه الصحراويون، بينما يعتبره المغرب "حائط دفاع".

وقام المغرب في الثمانينيات بتشييد حائط من الرمال والحجارة بارتفاع ثلاثة أمتار وبطول 2700 كلم وهو يعبر الصحراء الغربية من الشمال إلى الجنوب، ويسيطر المغرب على الصحراء الغربية، المستعمرة الأسبانية سابقا، بكاملها تقريبا منذ 1975.

وتقترح الرباط التي تعتبر الصحراء الغربية جزءا لا يتجزأ من أراضي المملكة المغربية، حكما ذاتيا لهذه المنطقة الشاسعة تحت سيادتها، بينما تطالب بوليساريو المدعومة من الجزائر باستفتاء حول حق تقرير المصير.

وتم اقرار وقف لإطلاق النار في 1991 بعد حرب استمرت 16 عاما، نشرت الأمم المتحدة على إثره بعثة لحفظ السلام وتنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية "مينورسو".

لكن تنظيم الاستفتاء تاجل مرات عدة بسبب الخلاف بين الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) والمملكة المغربية حول عدد الناخبين الذي يحق لهم المشاركة في الاستفتاء.

وفي رده على سؤال لوكالة فرنس برس رأى الامين العام لجبهة بوليساريو ابراهيم غالي ان الجدار "يقسم ارضا ويفصل بين عائلات".

وللوصول إلى موقع الجدار انطلاقا من تندوف، يجب عبور صحراء شاسعة وقاحلة تقطعها بين وقت وآخر مساحات فيها نباتات صحراوية او بحيرات بيضاء من الملح.

وبعد ثلاث ساعات من القيادة في معابر وعرة، يظهر الجدار في منطقة المحبس محاطا بخندق عميق وباسلاك شائكة وحقول الغام. في الجهة المقابلة، يمكن رؤية جنود مغاربة.

وكانت زغيلة 45 عاما، تزور المنطقة مع ابنها عبد الله 14 سنة، محدثة إياه عن الحائط الذي يعيش خلفه افراد من اسرته الذين لم يرهم قط.

وتتذكر دماها لبشي "66 عاما" التي تعيش مع 165 ألف لاجىء آخرين في مخيمات تندوف، بمرارة زيارة نظمتها المفوضية العليا للاجئين مرة للعائلات الصحراوية الى الجهة الاخرى.

وتقول "سمحوا لنا بخمسة ايام فقط، وهي مدة قصيرة. وصلنا والدموع تغمرنا وغادرنا بالدموع ايضا"، مضيفة "نريد ازالة الحائط".

بين 2004 و2014، اشرفت مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة على 20 الف زيارة عائلية من هذا النوع، بحسب ممثل بوليساريو لدى بعثة الامم المتحدة في الصحراء الغربية. بينما كان البعض يخاطر بالانتقال من مكان الى لآخر عبر معابر سرية.

ويروي المهندس محمد الهيبة احمد فال لوكالة فرنس برس كيف خاطر بحياته للعبور عبر الحائط الرملي والالغام في 2001.

وقال "رافقني أحد أصدقائي إلى الحائط والمكان الذي يمكن العبور منه. كنت أرتعش خوفا من أن ينفجر لغم في، لكني واصلت السير لأنه لم يكن لدي خيار آخر.

ومنذ عشر سنين، سمح الإنترنت وتقنيات التواصل للعائلات بالاتصال ببعضهم بشكل أفضل.

وزرعت ألغام مضادة للأفراد على عرض مئات الأمتار في محيط الجدار، ما يجعل الصحراء الغربية من أكثر المناطق تلغيما في العالم، وبحسب مصدر صحراوي، زرع المغرب ما بين خمسة إلى عشرة ملايين لغم.

وفي أسفل الجدار بمنطقة المحبس من الجهة التي تسيطر عليها بوليساريو، وضعت منظمة غير حكومية أسبانية ورودا من القماش والورق تحت شعار "لنزرع ورودا بدل الالغام".

ويقول القائد العسكري للقطاع شيخ بشري محمد ان توجيهات أعطيت لسكان المنطقة بان يقوم كل شخص يكتشف مكان وجود لغم في الارض بإحاطته بحجارة وابلاغ رجاله به، حتى يتم تفادي اي حادث.

ويقول مسؤول الجمعية الصحراوية لضحايا الألغام عزيز حيدر "منذ وقف اطلاق النار قتل وجرح 300 شخص بسبب انفجار الالغام والقنابل العنقودية"، والسبب ان "الامطار تجرف الالغام الى مناطق يفترض انها آمنة".

وتأثرت حياة الصحراويين البدو الرحل بفعل فقدانهم لمناطق يرعون فيها ماشيتهم ويتزودون منها بالماء.

وبحسب شهادات مختلفة، قتلت الالغام آلاف الجمال، كما أثر على حياة النبات والحيوان في المنطقة.

وبحسب إبراهيم غالي، فان هذه الألغام "تم زرعها بطريقة منظمة وعشوائية في الوقت نفسه" أقدمها يعود إلى 40 سنة، بينما يشكل تآكل المواد المصنوعة منها خطرا على محيط الانسان والحيوان".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً