سباق بين مستوردي الأدوية البيطرية المغشوشة.. مصدر يؤكد: نستورد 85% من الأمصال غير المطابقة للأوبئة المصرية.. وتجار "بير السلم" يربحون منها بالمليارات

الأدوية البيطرية المغشوشة
كتب : سيد علاء

"المصائب لا تأتي فرادى"، هكذا دائما نقول عندما تجري الأمور بشكل سئ، فرغم وجود محتكرين محددين ومعروفين في كل سلعة يتم استيرادها، إلا أن هولاء المحتكرين دائما يفضلون استيراد كل ما هو مغشوش ومضر، نظرا لأنه يحقق الكثير من المكاسب، وهذا الأمر أدى إلى تدمير كلا من صناعة الدواجن والثروة الحيوانية في استيراد الأدوية المغشوشة وغير الصالحة.

في البداية، يؤكد مصدر مسؤول بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن مصر عاجزة تماما عن إنتاج الأمصال واللقاحات الخاصة بتطعيمات الماشية ضد الفيروسات والأوبئة المنتشرة خلال فصول العام، مشيرا إلى أن مصر تنتج 15% فقط من تلك اللقاحات بينما نستورد الـ 85% المتبقية من الخارج.

وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، أن أعمال الغش في تصنيع أو بيع الأدوية البيطرية أصبح من الصعب السيطرة عليه من قبل الهيئة العامة للخدمات البيطرية، المنوط بها حماية الثروة الحيوانية من تداول الأمصال واللقاحات المغشوشة والتي يستغلها تجار بير السلم لتحقيق مكاسب بالمليارات، حيث يقوم المحتكر باستيراد الأمصال المغشوشة ويصرفها له تجار بير السلم.

وأوضح أن سوق الأدوية البيطرية يشهد نقص كبير حاليًا في العديد من الأصناف التي تستخدم للقضاء على العترات المحلية من الأمراض الموبوءة، لافتا إلى أن هناك مؤامرة على الثروة الحيوانية المصرية من قبل بعض معدومي الضمير، الذين يقومون باستيراد أصنافا غير مطلوبة وليس لها جدوى وترك استيراد المواد الفعالة التي تعتمد عليها شركات التصنيع لاستخلاص دواء يقضي على الأمراض الحيوانية.

وأشار إلى أن أغلب اللقاحات المستخدمة في علاج فيروس إنفلونزا الطيور "مضروبة"، حيث زادت في الفترة الأخيرة عدد البؤر المصابة بالمرض بالعديد من المحافظات، موضحًا أن تلك الأمصال يكتب عليها تركيز 10% في حين أنها قد تكون نسبة التركيز معدومة أو 1%، رغم ارتفاع أسعار تلك الأمصال والتي قد تزيد عن 200 جنيها.

وأكد غياب دور هيئة الخدمات البيطرية تمامًا، والتي يتوجب عليها توفير تلك اللقاحات مجانًا، مشيرا إلى أن إدارات الطب البيطري بالمحافظات لا تهتم إلا بتاريخ الصلاحية، بينما لا تقوم بتحليل الدواء أو الكشف عنه، ولذلك ظهرت أبشع أنواع الجرائم في تزوير تاريخ الصلاحية لمنتجات الأدوية المغشوشة والتي تتم بطرق سهلة جدا من قبل معدومي الضمير.

ومن ناحية أخرى، فقد ارتفعت أسعار أعلاف الدواجن خلال الفترة الأخيرة بشكل جنوني، حيث قفز سعرها فجأة من 4800 إلى 6300 جنيه، بمقدار زيادة بلغت 1500 جنيه مرة واحدة بعد تعويم الجنيه، ويُعد السبب الرئيسي في هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار هو محتكر الحبوب رفعت الجميل، بسبب رفعه لأسعار المدخلات الأساسية للأعلاف من الذرة والفول الصويا.

ويحتل "الجميل"، لقب أمبراطور ميناء دمياط، بحيث يتحكم مع عدد ليس بكثير من كبار التجار، في أسعار الحبوب بشكل عام، وأسعار الأعلاف بشكل خاص، مستغلا صعود الدولار أمام الجنيه في تحقيق مكاسب رهيبة على حساب الغلابة، حيث تمكن الجميل من رفع سعر الأعلاف في العام الماضي من 3500 إلى 4800 جنيه، وبعد مرور عامًا واحدًا فقط قام برفع السعر إلى 6300 جنيه، مع توقعات بارتفاع أسعاره أكثر من ذلك خلال شهور قريبة.

واستمرت نفوذ الجميل القوية بعد سقوط دولة مبارك، حيث كان يُعد من أقرب المقربين لجمال مبارك، بخلاف الشراكة التي جمعتهما كثيرًا، كما أنه هو صاحب شركة "أيه ون" للاستيراد والتصدير إحدي الشركات المساهمة التي انشئت عام 1981 مع تولي مبارك الحكم، وتعمل تلك الشركة في مجال النقل الثقيل وتجارة الحبوب والتي تبلغ 5 ملايين طن سنويا، كما تعمل في مجال التخليص الجمركي والتخزين داخل ميناء دمياط بحوالي 200 ألف طن وقدرتها علي أعمال النقل تصل إلي 15 ألف طن يوميا، وتقوم الشركة بأعمال الشحن والتفريغ بقدرة تبلغ 20 ألف طن يوميا، وهي الشركة الأولي في مصر في هذا المجال والتي تحتكر استيراد القمح وصناعات الدقيق المميز والتخزين.

وقال مصدر مطلع بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إن علاقة رفعت الجميل، الطيار السابق أمبراطور دمياط حاليا، بالرئيس مبارك، سهلت أمورا كثيرة حتي تقف شركة "أيه ون" علي أرض صلبة، وحصلت بتوصية من مبارك شخصيا على أعمال الوكالات الملاحية وخدمات السفن العملاقة والتخليص الجمركي لتموت في تلك الفترة جميع الشركات المنافسة بأوامر عليا، حتى تحولت الشركة لأكبر أسطول من السيارات المتخصصة في نقل البضائع حيث تجاوز اسطولها أكثر من 250 سيارة وأصبحت الوكيل الوحيد لشركة "فوتون" للنقل الثقيل وقطع الغيار.

وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"أهل مصر"، أن أمبراطور دمياط الملقب بـ"الجميل"، احتكر استيراد الذرة الأمريكي ليصبح المستورد الوحيد المسيطر علي الأسعار، مما سبب ارتفاعا رهيبا في أسعار الأعلاف، وأصيبت الثروة الداجنة بالكساد خاصة بمحافظة القليوبية التي تعتبر هذه المهنة موردها الرئيسي في الكسب، ويعمل بها حوالي 2 مليون شاب ومربي، ورغم ربط سعر الذرة بالسعر العالمي لدعم الفلاحين فأن شركة "إيه ون" تستورد الذرة بأسعار ضئيلة لتبيعها بأسعار باهظة.

وأكد المصدر على أنه خلال فترة قرار مجلس الوزراء بإلغاء رسوم الدواجن بالجمارك، تمكن عددا من المستوردين من استغلال الفرصة واستيراد عدد من الشحنات، أولها شحنة بمقدار 70 ألف طن دواجن مجمدة لصالح شركة "ميديتريد"، وأيضا شحنة أخرى بلغت 6 آلاف طن لشركتي "مالتي تريد" وشركة"ميدي تريد"، مؤكدا أن أصحاب تلك الشركات لهم نفوذ قوية بقيادات مسؤلي الدولة، والذي تم إصدار قرار إلغاء الرسوم لصالحهم، ثم وقفه بعد إتمام ثفقاتهم.

وقال إن عددا من مربي الدواجن والماشية يستخدموا أدوية بشرية في تحصين ماشيتهم رغم أنها محظور تداولها للحيوانات، ويلجأ هولاء لاستخدامها لما لها من دور في النمو السريع وتكوين اللحوم سريعا، لافتا إلى أن تلك الأدوية تسبب السرطان للأطفال عند تناول ألبان هذه الماشية، ويرجع انتشار هذه الأدوية إلى تقاعص الجهات الرقابية من مديريات الطب البيطري، مضيفا أن من ضمن العادات السيئة التي يتبعها عدد من المربين تكون في حقن الدواجن بمادة "الفورمالين" الخطيرة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً