مما تعلمنا في صغرنا ألا نقترب من أسلاك الكهرباء سواء في المنزل أو خارجه لخطورتها الشديدة علينا، لكن سؤالا ظل يتردد داخل كل منها عن سبب عدم سقوط الطيور عن أسلاك الكهرباء مصعوقة ميتة بفعل وقوفها عليها، فنحن نُشاهد العصافير تقف على خطوط الضغط العالي الكهربائية دون تأثر على الرغم من شدة التيار المار بهذه الأسلاك.
ووفقا للفيزياء الحديثة التي عرفت الكهرباء قالت إنها ما هي إلا حركة الكترونات تنتقل من نقطة إلى أخرى، إذ أن التيار الكهربائي لا يُمر إلا عبر دائرات مُغلقة، الدائرة الكهربية في أبسط صورها تتكون من مصدر للجهد الكهربي ومقاومة، وعند تسليط فرق جهد كهربائي بين طرفي مقاومة فإنه يدفع الإلكترونات حاملة الشحنات إلى الحركة داخل الدائرة.
وحيث أنه لمرور التيار الكهربائي بين نقطتين، يجب وجود فرق جهد بين هاتين النقطتين، وإلا لن يكون هناك ما يدفع الإلكترونات من مكانها.
وبالعودة إلى الطيور الخارقة، التي لا تتأثر بالكهرباء ولا تُصعق بسببها، فإن الأمر ببساطة أنها تكتسب جهد مساوٍ للجهد المار في السلك الكهربائي.
بالتالي، فإن التيار سيتعامل مع أقدام الطائر على أنها مجرد نقاط على السطح الموصل، وسيُكمل طريقه في السلك متجاوزًا المرور في جسم الطائر.
ولتبسيط ذلك أكثر، فلنتخيل وجود صخرة على أرض مستوية، ما الذي يدفعها للحركة؟ لا شيء! لكن إذا تم وضع هذه الصخرة أعلى منحدر، فإن الصخرة ستكتسب طاقة وضع عما كانت عليه بالأسفل؛ وبالتالي فإن قوى الجاذبية ستسحبها لأسفل المنحدر طالما لم يُعِقها شيء.
سبب آخر هو فلسفة التيار الكهربائي في اختيار المسار الذي يمشي به، فالتيار الكهربي يختار الطريق الذي يحتوي على أقل قدر ممكن من العوائق، أو كما نسميه المسار الأقل في المقاومة الكهربائية.
وحيث أن مقاومة الطائر بالنسبة للسلك كبيرة جدًا، والسلك تكاد تكون صفر، فإن تيار يختار الطريق الأسهل ويختار السلك ليمر عبر متجاوزًا الطائر.
عند وقوف طائر على أحد أسلاك نقل الطاقة فإنه يتعرض لجهد ثابت، وهذا يعني عدم وجود مسار لمرور التيار الكهربي، كما أن التيار الكهربي المتحرك بالفعل في الأسلاك عندما يصادف وجود الطائر فإنه يستكمل طريقه الأقل في المقاومة الكهربية، وفي كل الأحوال لن يتعرض الطائر للصدمة الكهربية وسيبقى آمنًا.