رودلف هس.. نائب هتلر الذي وُلد وعاش في مصر

لم يتخيل أحد أن طفلا وُلد وعاش في مصر أن يكون مصيره يومًا نائبا لأكبر سفاح وديكتاتور في التاريخ وأحد رموز النازية. في 26 أبريل من العام 1894 وفي مدينة زفتي بوسط الدلتا عمت أجواء البهجة والفرحة منزل التاجر الألماني ريتشارد رودولف هس، اكتظ المنزل بالمهنئين من أصدقائه المصريين فاليوم يوم فرح واحتفال، رزق فيه الألماني بمولود أطلق عليه اسم "فالتر"، ولم يدرك أحد أن هذا المولود سيصبح يوما ما نائبا للزعيم النازي هتلر.

عاش "هس" فترة من طفولته في مدينة زفتى بمديرية الغربية (محافظة الغربية) قبل أن تنتقل أسرته للإسكندرية لفترة ومنها إلي ألمانيا.

عاش والد "فالتر" في مصر عدة سنوات، مؤسسا أعماله في مدينة زفتى. امتلك فيلا وورشة تصنيع وتصليح الآلات الزراعية ومعدات محالج القطن، ووابورين للطحين، ومزرعة مساحتها 93 فدانًا ناحية كفر الجنيدي.

ولد "فالتر" وكبر في المدينة وسط أهلها، وكان شغوفَا بالتاريخ وقراءته، اتجه فالتر إلى سويسرا للدراسة، وهناك أصبح لقبه المعروف به بين زملائه "رودولف هس".

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، انضم هس إلى حزب "فريكوربز" اليميني الذي كونه جنود سابقون، وشارك مع أبناء حزبه في قمع انتفاضات الاشتراكيين الألمان بالقوة والعنف، والتحق الشاب بجامعة ميونخ، ليدرس هذه المرة العلوم السياسية، قبل أن ينضم لمنظمة تؤمن بأفضلية أبناء العرق الآري.

وفي الأول من يوليو 1920، استمع "هس" إلى رجل يبدو كلامه حماسيَا، وكان هذا الرجل يدعو لحزب أسماه الحزب النازي، أفكاره تتماشى مع أفكار "هس"، كان هذا الرجل هو هتلر، التحق "هس" بالحزب النازي، وكان يبلغ من العمر 26 عامَا ومن حينها أصبح مساعدَا وفيا لقائده هتلر.

جلس "هس" مع "هتلر" على أرض زنزانتهما الباردة بسجن لاندسبرج، عام 1923 يتباحثان عن الأسباب التي أدت لفشل خطة أعدها هتلر للانقلاب والاستيلاء على الحكم في بافاريا، وظل "هس" متحمسًا لأفكار الزعيم هتلر، ومساندًا له في كل خطواته رغم كل ما حدث، واستغل الثنائي الوقت في السجن، فكتب "هتلر" كتابا سماه "كفاحي"، حرره له مساعده "هس".

عام 1925 خرج "هس" وزعيمه من السجن، وأصبح "هس" السكرتير الخاص لقائد الحزب النازي، وبمرور السنين، ازدادت ثقة الزعيم هتلر في سكرتيره وعينه رئيسا للجنة السياسية المركزية للحزب النازي عام 1932، قبل أن يصبح نائبا للفوهرر لاحقًا بعد تسلم هتلر الحكم.

ومن فرط تحمس "هس" لزعيمه هتلر، كان يقول دائما:"بكل فخر نرى أن رجلًا واحدًا فقط يبقى خارج نطاق النقد، وهو هتلر الفوهرر، هذا لأن الجميع يشعر ويعلم أنه على حق، ودائما سيبقى على حق".

واندلعت الحرب العالمية الثانية، واجتاحت ألمانيا البلد تلو الآخر، كانت ألمانيا تحارب على كل الجبهات، ورغم كل المناصب التي ترقى فيها "هس" لكنه لم يكن أبدا صاحب قرار حاسم في دولة هتلر، لكنه حقق نصرًا دبلوماسيًا عندما عقد معاهدة سلام مع انجلترا، تجعل الألمان يتفرغون لحرب السوفييت على الجبهة الأخرى، ليقرر أن يذهب إلى قلب بلاد العدو لإقناعهم بنفسه بالسلام.

انتهت الحرب، عام 1945، وانتحر هتلر، واقتيد "هس" إلى محاكمات "نيورنبيرج" الشهيرة، ليجلس بجوار زملائه من قادة النازية، واعترف بجرائمه، إلا أنه غير نادم على ما فعله، هذا ما ردده في قاعة المحكمة: "أنا لست نادمًا.. وإن عاد بي الوقت كنت لأفعل ما فعلت حتى إن كنت أعلم أن هذه هي النهاية"، ليتم الحكم عليه بالإعدام، إلا أن التشخيص بأنه غير متوازن نفسيًا أنقذه من الموت، ليخفف الحكم إلى السجن مدى الحياة. وفي 17 من أغسطس 1987، شنق "هس" نائب الزعيم النازي هتلر، نفسه في زنزانته.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
مصطفى بكري: القوات المسلحة المصرية أقوى من جيش الاحتلال