اتخذ البيت الأبيض، موقفا يتعارض مع الثوابت التى التزمت بها الإدارات الأميركية المختلفة من النزاع الفلسطينى الإسرائيلى مع الإعلان مساء الثلاثاء، أنه لم يعد متمسكا بحل الدولتين قبل لقاء الأربعاء بين دونالد ترامب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو.
وبعد أن شكل هذا الحل على مدى عقود مرجعية لكل مفاوضات السلام وللمجتمع الدولى فى مساعى تحقيق السلام فى الشرق الأوسط، قال مسؤول كبير فى البيت الابيض الثلاثاء طالبا عدم الكشف عن اسمه أن الادارة الأمريكية لن تسعى بعد اليوم إلى املاء شروط أى اتفاق لحل النزاع بل ستدعم أى اتفاق يتوصل اليه الطرفان، ايا يكن.
وردا على هذا الموقف، أعلنت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوى الأربعاء أن "هذه ليست سياسة مسؤولة ولا تخدم قضية السلام"، متحدثة لوكالة فرانس برس.
وقال المسؤول الأميركى "ان حلا على اساس الدولتين لا يجلب السلام ليس هدفًا يريد أى كان أن يسعى إلى تحقيقه"، مضيفا أن "السلام هو الهدف، سواء أتى عن طريق حل الدولتين، إذا كان هذا ما يريده الطرفان، أو عن طريق حل آخر إذا كان هذا ما يريدانه".
وتابع "الأمر عائد إليهما، لن نملى ما ستكون عليه شروط السلام".
وحل الدولتين، أى إسرائيل وفلسطين، "تعيشان جنبا إلى جنب بامن وسلام" هو ركيزة التسوية السلمية فى الشرق الاوسط التى سعى للتوصل اليها كل الرؤساء الأمريكيين، ديموقراطيون وجمهوريون، على امتداد ربع قرن ونيف.
أبدى ترامب فى مواقفه خلال حملته الانتخابية انحيازا لإسرائيل مع تأكيده أنه فى حال انتخابه سيعمل على التوصل إلى اتفاق سلام بين اسرائيل والفلسطينيين.
وسيتعين على نتانياهو الذى رأى فى فوز "صديقه" ترامب فرصة "رائعة" بالنسبة إلى إسرائيل، أن يتحقق من مدى استعداده فعليا لتنفيذ وعوده فى حين لا تزال سياسته الشرق أوسطية غير واضحة.
ورغم ضغوط اليمين المتطرف فى حكومته اليمينية والمؤيد لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة بدون اتفاق سلام، كان نتانياهو يعتزم أن يخبر ترامب بأنه لا يزال متمسكا بحل الدولتين.
وقال مستشاره الدبلوماسى مايكل أورين قبل التوجه إلى واشنطن انه "سيعرض حل الدولتين كرؤية ويعد فى الانتظار اتفاقات انتقالية تجد قبولا لدى الفلسطينيين".
تناول نتانياهو مساء الثلاثاء العشاء فى وزارة الخارجية مع الوزير ريكس تيلرسون قبل لقائه مع ترامب الأربعاء ومع قادة الكونغرس.
ولدى مغادرته تل ابيب، أكد أن "التحالف مع الولايات المتحدة كان على الدوام قويا جدا" وأنه "سيزداد قوة".
ورغم أن ترامب لم يعلن بعد عن موقف واضح من النزاع، إلا انه عبر بعد تنصيبه فى العشرين من يناير، عن مواقف تتعارض مع مواقف كل اسلافه بقوله انه يفكر "بكل جدية" بنقل السفارة الأمريكية من تل ابيب إلى القدس، ورفض اعتبار الاستيطان الاسرائيلى فى الاراضى الفلسطينية المحتلة عائقا أمام السلام.
لكنه اعتبر فى الوقت نفسه أن التوسع الاستيطانى لا يخدم السلام، فى مقابلة مع صحيفة "هايوم" الاسرائيلية.
ولكن هذا "ليس كافيا"، كما قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات.
وأضاف عريقات قبل تصريحات المسؤول فى البيت الابيض الثلاثاء، أن على ترامب أن يبلغ نتانياهو بان عليه أن "يوقف الاستيطان" لضمان خيار حل الدولتين.
وقال روبرت ساتلوف المحلل فى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى انه فى الوقت الحالى "لا تتوافر شروط للتوصل إلى حل للسلام نظرا للهوة الهائلة بين الطرفين".
وقال الخبير أن على واشنطن أن تتبع سياسة الخطوة خطوة بين اسرائيل والفلسطينيين بدلا من "الدفع باتجاه استئناف المفاوضات الثنائية سعيا إلى حل شامل"، علما أن المفاوضات مجمدة منذ قرابة ثلاث سنوات.
وسيبلغ نتانياهو ترامب بموقفه المتشدد ازاء ايران، ومعارضته للاتفاق النووى الموقع فى 2015 بين طهران والدول الكبرى الذى اعتبره ترامب نفسه "كارثيا" وتوعد "بتمزيقه".
وقال نتانياهو، الإثنين، إنه والرئيس ترامب يتشاركان الرؤية ازاء المخاطر المتأتية من المنطقة.