كشفت صحيفة هارتس الإسرائيلية، تفاصيل اللقاء السري الذي جرى بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والملك الأردني عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في العقبة قبل سنة، واقترح خلاله جون كيري مبادَرة سلام إقليمية، ولم يستجب نتنياهو إلى الدعوة تمامًا، ولكنه اقترح عقد قمة إضافية بمشاركة ممثلين من السعودية والإمارات.
ووفقًا للتقرير، فقد عرض جون كيري أثناء القمة، خطة لمبادرة سلام إقليمية، تتضمن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بدعم الدول العربيّة.
وقالت الصحيفة، أنه بعد مرور فترة طويلة أهملت فيها الإدارة الأمريكية القضية "الإسرائيلية-الفلسطينية"، وكرست جهودها من أجل الاتفاق مع إيران 2015، بذل كيري جهودًا مرة ثانية لاستئناف المفاوضات في الشرق الأوسط، في ظل احتدام النزاع حول الحرم القدسي الشريف وموجة العنف في القدس الشرقية والضفة الغربية.
وفي 2015، ألتقى نتنياهو والرئيس أوباما، وأجرى نتنياهو عددا من اللقاءات مع جون كيري أيضا، أثارت تفاؤلا لدى الأمريكيين حول استعداد نتنياهو لدفع المفاوضات.
وبحسب الصحيفة، أنه في الواقع حاول نتنياهو فحص إمكانية مَنْح عدد من بادرات حسن النية للفلسطينيين، بهدف إثبات استعداده للأمريكيين، ولكنه تعرض لمعارضة كبيرة من المجلس الوزاري الإسرائيلي المُصغّر للشؤون السياسية والأمنية، لا سيّما بسبب العمليات الكثيرة التي نفذها الفلسطينيون في تلك الفترة.
ورغم ذلك، تابع كيري عمله مبلورًا خطة مبادئ سلام إقليمي بدعم الدول العربيّة، وكما قال التقرير كانت الخطة التي بلورها كيري في بداية 2016 شبيهة بالخطة التي عرضها في خطابه في نهاية هذا العام، وذلك قبل دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بثلاثة أسابيع.
وتضمنت الخطة التي طُرِحت لاحقا في القمة السرية التي عُقدت في غزة المبادئ التالية:
1-حدود دولية آمنة ومعترف بها بين إسرائيل ودولة فلسطينية قابلة للحياة ومتتالية تستند إلى حدود 1967، مع تبادل متفق عليه للأراضي.
2-تحقيق رؤية "قرار التقسيم" التابع للأمم المتحدة، الخاص بدولتين لشعبين- واحدة يهودية والأخرى عربية- تعترف كل منهما بالأخرى وتمنحان مساواة كاملة في الحقوق لمواطنيها.
3-حل عادل، متفق عليه، نزيه وواقعي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، بحيث يتماشى مع حل دولتين لشعبين وألا يؤثر في الطابع الأساسي لدولة إسرائيل.
4-حل متفق عليه لقضية القدس كعاصمة لدولتين مُعترف بهما من قبل المجتمع الدولي، وضمان الوصول إلى المواقع المقدسة بما يتفق مع الوضع الراهن.
5-الاستجابة للاحتياجات الأمنية الإسرائيلية، ضمان قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها بشكل ناجع، وضمان قدرة فلسطين على تقديم الأمن لمواطنيها في دولة سيادية منزوعة السلاح.
6-إنهاء الصراع، ووضع حد للمطالب، بشكل يسمح بتطبيع العلاقات وتعزيز الأمن الإقليمي للجميع بما يتماشى مع مبادرة السلام العربية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في 2016، التقى كيري نتنياهو وعرض عليه وثيقة المبادئ، واقترح عقد لقاء قمة هو الأول من نوعه مع الملك الأردني والرئيس المصري لمناقشة طرق دفع المبادرة.
بعد استعدادات ومحادثات أولية مع كل الجهات التي وافقت على عقد لقاء القمة والحفاظ على سريته، اتُفِق على عقده في العقبة بتاريخ 21 فبراير2016.
كان اللقاء الرباعي مثيرا للاهتمام بشكل خاص ورغم أنّ الموضوع الرئيسي الذي تمحور حوله اللقاء كان مبادرة السلام الإقليمية، فقد كان جزء كبير منه مخصصا لبحث الوضع الإقليمي بشكل عام. وجه الملك عبد الله والسيسي انتقادات لاذعة لكيري على سياسة إدارة أوباما في الشرق الأوسط، في الشأن الإيراني والسوري على حدِّ سواء، مع ذلك، تعامل الزعيمان تعاملا إيجابيا مع اقتراح كيري محاولَين إقناع نتنياهو بقبوله.
رغم أنه لم يتم التوصل في القمة ذاتها إلى تفاهمات نهائية، بدأ نتنياهو بالعمل فورا على تحضير الخلفية لمبادرة من هذا النوع وإظهار جدية أمام الزعماء العرب، إذ بدأ بعد مرور أسبوعين فقط بإجراء محادثات مع رئيس المعارضة، يتسحاق هرتسوغ، لضم "المعسكر الصهيوني" للحكومة، لإقامة ائتلاف يتيح دفع المبادرة قدما.
ورغم ذلك، فشلت المحادثات، وضم نتنياهو إلى حكومته حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني برئاسة أفيغدور ليبرمان، بالرغم من تصريحات نتنياهو وليبرمان المشتركة التي أعربا فيها أنهما سيدعمان مباردة "حل الدولتين" فلم يطرأ تقدم في المفاوضات منذ ذلك الحين، ولم تُعقد قمة لاحقة.