محمود قرني: "ألف داحس وليلة غبراء" ترصد حافة المحنة الشخصية

الشاعر محمود قرني
كتب :

أكد الشاعر محمود قرني أن رواية "ألف داحس وليلة غبراء"؛ للكاتب الليبي أحمد الفيتوري، تبدو غير معنية سوى بفكرة الحكي أو السرد كفكرة بغض النظر عن الشكل النهائي الذي يمكنها أن تسكنه.

وأضاف قرني، خلال ندوة عقدت مؤخرا في مركز البلد الثقافي بمكتبة البلد في وسط القاهرة ونظمها منتدى المستقبل للفكر والإبداع، أن هذا لا يعني بالضرورة أن الكاتب يسقط معايير النسق الكتابي، لكن الأدق أنه يعمل دون إملاءات.

وأوضح أنه ربما كانت هناك مبررات، لاعتماد المؤلف هذا النسق من الكتابة الروائية، فمن حيث موضوع الرواية نستطيع الجزم بأنها واحدة من روايات الذات، وهى من هنا تقف على حافة المحنة الشخصية، لكن معالجات الكاتب ووعيه بحركة وأدوار أبطاله تأخذ الرواية إلى صورة من صور الواقعية المؤلمة بعيدا عن رومانسية مقيتة تفرضها روايات السيرة في حالات غير قليلة.

وأشار إلى أن المعيار هنا هو قدرة الكاتب على الربط بين تفاعلات الذات ومحيطها الإنساني، وقد بدأت رواية الفيتوري من لحظة خروج البطل من السجن ليكون أول خبر يواجهه هو موت الأبز. من هذه اللحظة تتضافر رواية الذات مع محيطها بشكل شديد التماسك والوعي.. سيتحول الأب الذي بات ذكرى بعيدة إلى بؤرة للجزء الأول والأكبر من الرواية.

ولاحظ محمود قرني أن الصورة المدهشة لأبطال الرواية في تلك المدينة الصغيرة، حيث تدور أحداث العمل، هى بذرة كاشفة لأزمة الوطن الليبي بأسره، لاسيما في تحولاته الكبرى في تاريخه الحديث بداية من الاحتلال الإيطالي ثم ما بين الحربين وحروب الحلفاء مع دول المحور، ثم اكتشاف البترول منتهيا بانقلاب الجيش على الشيخ السنوسي وتولي القذافي مقاليد السلطة.

ورأى أن النهايات المفتوحة ستبدو واحدة من امتيازات أو إن شئنا ملامح تلك الرواية، وسنواجه ذلك في العديد من أحداثها غير المكتملة ليظل ملء فجواتها ملكا للقاريء وحده.

وقال إن الحدث المركزي في الرواية يرتبط بليلة عجيبة شهدتها المدينة عندما وجدوا "الحصايني"؛ صاحب الإسطبل مذبوحا، وسرعان ما يتحول هذا الحادث إلى أسطورة لازمت أحداث الرواية في أجزائها الثلاثة، حتى أنها تنتهي بينما البطل رهن القيود الحكومية يواجه سؤالا عن حكاية الحصان الذي يظهر ليلا محمحما في المدينة، وهى حكاية رواها عشرات الناس لكن أحدا لم يستطع أن يبرهن على واقعية حدوثها.

وأضاف أن الكاتب نفسه لم يكن باستطاعته أن يخدع قراءه بأكثر من تلك الحمحمة وأحيانا الغبار الذي يشاهد من بعيد بينما تجري أمامه الشابات والشباب مؤكدين أنه غبار الحصان الذي مات صاحبه مذبوحا، وربما كان استمرار حدث كهذا كخلفية مركزية لأحداث الرواية لا يعني أكثر من أن المجتمع الذي تطاولت عليه التكنولوجيا وتغاير عليه المحتلون، الذي تعيش على أركانه كافة الجنسيات لا زال يعيش أسيرا للميتافيزيقا، من واقع أنه لم يستطع أن يفسر ظواهره الاجتماعية تفسيرا علميا.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
رئيس مجلس النواب اللبناني يحدد جلسة 9 يناير المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية