"كنت أعد القهوة في بيتي وأضع الطعام لأولادي، وفجأة رأيت البيت يمتلىء بالجنود الإسرائيليين.. وقالوا إن علي مغادرة المنزل لتنفيذ قرار هدمه، وأخذ ما يمكنني حمله بيدي، فرددت عليهم بأن يعطوني مهلة فقط لإحضار حذاء طفلي، فلم يسمحوا لي حتى بعمل ذلك".. هكذا يروي رب العائلة صالح ترك، في بلدة العيسوية بالقدس الشرقية بعد هدم منزله الأسبوع الماضي.
وتابع قائلا: "أخذت الأولاد وابتعدت بهم عن المكان، ولما عدت لم أصدق ما شاهدت..لقد هدموا كل شيء..أملاك العائلة بقيت تحت الردم..وفي المقابل تدعي البلدية أن المنزل كان في طور البناء وأنه كان فارغا".
ونبهت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إلى أن عمليات هدم البيوت الفلسطينية في القدس الشرقية تزايدت منذ استبدال الإدارة الأمريكية، لا بل تعترف البلدية أن استبدال الإدارة قاد إلى رفع القيود المفروضة على تطبيق أوامر الهدم في المنطقة.
ويتضح أن البلدية قامت منذ بداية العام الحالي بهدم 42 وحدة إسكان، بينما تزيد في المقابل من العراقيل أمام المصادقة على مخططات تسمح بالبناء القانوني للفلسطينيين في شرقي المدينة.
وحسب معطيات نشرتها الصحيفة نقلا عن جمعية "مدينة الشعوب"، وهي جمعية إسرائيلية تقوم برصد عمليات العنف التي يتعرض لها الفلسطينيون في القدس علي خلفية قومية متطرفة وعنصرية، فقد تم في عام 2016 هدم 203 مبان في القدس الشرقية، نصفها بعد الانتخابات الأمريكية في شهر نوفمبر الماضي، بينما تم طوال العام 2015 هدم 73 بناية، وفي 22 حالة هدم تمت في العام الماضي قام أصحاب البيوت بهدم البيوت بأنفسهم لتجنب دفع الضرائب المرافقة لعملية الهدم من قبل البلدية.
وأضافت" غالبية السكان الذين تم هدم بيوتهم حاولوا الحصول على تراخيص من البلدية، ولكن في غياب خارطة هيكلية مصادق عليها في شرقي المدينة، لا يمكن الحصول على تراخيص، ورغم ان رئيس البلدية نير بركات صرح في أكثر من مرة بأنه ينوي إعداد خارطة هيكلية وخرائط مفصلة للأحياء الفلسطينية من أجل السماح للسكان بالبناء بشكل قانوني، إلا أنه لم يتم دفع خرائط كهذه في السنوات الأخيرة".
ويتضمن التقرير الذي نشرته جمعية "مدينة الشعوب" وجمعية "بمكوم"، وهي جمعية غير حكومية، إحدى منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل، هذا الأسبوع، نماذج لخرائط أعدها السكان وتم رفضها أو تأجيل النظر فيها من قبل البلدية.
وفي العام 2008، قدم سكان حي الطور خارطة أعدوها بأنفسهم لتوسيع الحي، وتلاءمت الخارطة مع متطلبات الخارطة الهيكلية للقدس، وحظيت بترحيب من قبل رئيس البلدية، لكنها بدأت بعد ذلك، وبالتعاون مع سلطة حماية الطبيعة، بدفع مخطط الإعلان عن الحديقة القومية على منحدرات جبل المكبر، وبذلك ألغت عمليا الخارطة التي قدمها السكان.
كما حاول السكان في حي صور باهر دفع خارطة تسمح لهم بالبناء القانوني، وفي كل مرة كانت البلدية تطالب المخططة بتغيير الخارطة وملاءمتها مع الخارطة البلدية، إلى أن قررت رئيس لجنة التنظيم والبناء في 2013 رفض الخارطة بادعاء انه مر وقت طويل على تقديمها.
ونقلت "هآرتس" عن الباحث في جمعية "مدينة الشعوب" افيف تتارسكي، قوله" إن حكومة إسرائيل تضع السكان الفلسطينيين أمام خيار وحشي: إما أن يكونوا مطرودين من مدينتهم أو يقومون بالبناء بدون ترخيص، والمخاطرة بهدم بيوتهم ودفع غرامات".
وادعت بلدية القدس في تعقيبها أنها تنفذ أوامر المحكمة كما يلزمها القانون وبدون أية مواربة، وقالت" فليعرف كل من يبني بشكل غير قانوني أن بلدية القدس ستهدم بيته".