من إسماعيل ياسين وحتى آيتن عامر.. فنانون قدموا التنازلات ثم ندموا

إسماعيل ياسين

أصبح نادرًا أن يواجه الإنسان نفسه بأخطائه أو تنازلاته أو مساؤي سلوكه، لكن للفنان طبيعة خاصة وظروف أكثر خصوصية تحيط به أثناء صعوده لسلم النجومية، فقد تجبره الظروف أحيانا إلي التنازل عن مباديء أو أخلاقيات قد نشأ عليها لكي يصل إلي مرتبة النجومية التي يتمناها.

المطرب عمرو دياب من أشهر نجوم الغناء في الوطن العربي في بداية حياته الغنائية اعترف بأنه قدم تنازلات كثيرة حتى يصل إلي ما هو فيه من نجومية الآن، حيث قام بالغناء في ملاهي شارع الهرم أمام السكاري والمخمورين، أما المطرب تامر حسني فكان يقبل أن يغني في الأفراح بدون مقابل حتى يعرفه الناس فقط، وكذلك المطربة شيرين التي كانت تغني في مطلع حياتها في الموالد والملاهي الليلية.

ولم تكن الخطوة الأولي للمطرب مصطفى قمر، بالسهلة عليه فقد لاقى الصعاب كثيرًا حتي يصل إلي ما وصل إليه، فقد كان قمر يقيم حفلات بجامعة الإسكندرية مجانًا حتى يعرفه الناس، وهو الأمر الذي عرضه لمواقف سيئة مع والده كثيرًا وكان يمارس معه الشدة من أجل حبه للفن، لكن مصطفي قمر قرر أن يتنازل كثيرًا في بداية حياته بالغناء في الجامعات المصرية والأفراح دون مقابل وكذلك أيضًا في النوادي.

أما المطربين الشعبيين أمثال شعبان عبد الرحيم وسعد الصغير وعبد الباسط حمودة وغيرهم فبدايتهم الفنية لا تختلف كثيرًا حيث بدأوا جميعا في كباريهات شارع الهرم والأفراح الشعبية، وعاني سعد الصغير كثيرًا في بداية حياته الفنية وتنازل كثيرًا لدرجة أن بعض أعدائه بالوسط الفني قاموا بتسريب فيديو خاص به في فرح شعبي وهو يقدم غناء خليع مع راقصة درجحة ثالثة ويؤدي حركات مثيرة معها، سعد أكد أنه لجأ لذلك وتنازل كثيرا في تلك المرحلة بغية الشهرة وأن يصبح نجمًا للغناء الشعبي مثل أحمد عدوية.

الفنان محمود ياسين في صدر حياته الفنية وقبل أن يصبح فتي مصر الأول في السينما قام بتقديم أدوار صغيرة بل ظهر ككومبارس صامت في فيلم( شيء من الخوف) في مشهد واحد فقط قبل أن تكون إنطلاقته مع الفنانة فاتن حمامة في فيلم( أفواه وأرانب)، وكذلك الفنان أشرف عبد الباقي الذي وافق في بداية حياته الفنية أن يظهر ككومبارس في مشهد في فيلم (المغتصبون) أمام الفنانة ليلي علوي، وفي مشهد واحد آخر في فيلم( ليلة القبض علي بكيزة وزغلول) أمام الفنانة سهير البابلي وإسعاد يونس وعن ذلك يقول الفنان أشرف عبد الباقي: هذا المشهدان كانا بالنسبة لي فاتحة خير فبعدهما جاءت انطلاقتي الفنية وقمت ببطولة العديد من الأفلام، وأنا أرى أن هذان المشهدان لا يعتبران بأي شكل من الأشكال نوع من التنازلات الإنسانية أو الأخلاقية التي يقدمها الفنان أثناء صعوده لسلم النجومية، بل هذه البداية هي بداية لكثير من النجوم مثل الفنان عادل إمام الذي ظهر في بداية حياته الفنية ككومبارس في العديد من الأعمال وكذلك الكثير من النجوم مثل إسماعيل ياسين ورشدي أباظة ومثل هذه الأدوار لا تعتبر شكل من أشكال التنازلات الفنية التي يقدمها الفنان في بداية حياته.

الفنان أحمد عز جاءت انطلاقته الفنية علي يد المخرجة إيناس الدغيدي، في فيلم "مذكرات مراهقة" الذي احتوت أحداثه علي العديد من المشاهد الساخنة التي ضمت أحمد عز بهند صبري.

أحمد عز اعترف بأنه نادم علي هذه التجربة وذلك لما فيها من مشاهد مبتذلة وأنه وافق عليها فقط من أجل أن يتعرف عليه الجمهور وكانت فرصة جيدة له علي يد المخرجة المثيرة للجدل إيناس الدغيدي، وأشار عز إلي أنه لن يقوم بأداء مثل هذه المشاهد مرة أخرى مستقبلا مشددا علي أنه لجأ لذلك لظروف فنية فقط وتنازل عن مباديء أساسية في بداية مشواره الفني من أجل الشهرة فقط.

وكذلك كانت الفنانة منة شلبي التي بدأت بداية مثيرة للغاية مع المخرج رضوان الكاشف في فيلم "الساحر" لدرجة أن الفنانة زيزي مصطفي والدة منة أغمي عليها في العرض الخاص للفيلم لما شاهدت فيه من مشاهد ساخنة لابنتها.

منه شلبي أكدت أنها هذه البداية المثيرة كان لابد منها في بداية مشوارها الفني حتى يعرف الناس من هي منة شلبي لأنها تعشق الفن إلي درجة الجنون وكانت فرصة "الساحر" فرصة بالنسبة لها لا تعوض أمام عملاق مثل محمود عبد العزيز.

أما الفنانة وفاء عامر فاعترفت صراحة بأنها في بداية مشوارها الفني تنازلت كثيرًا، وقامت بتقديم أدوار الإغراء في مشاهد لا تتعدي اليد الواحدة من أجل الانتشار، لكنها بعدما وصلت إلي ما وصلت إليه من النجومية المحدودة قالت وداعًا لأدوار الإغراء ولن تعود إليها مرة أخرى، لأن هذه الأدوار كانت مرحلة سابقة في حياتها الفنية ولن تعود إليها.

ولم يكن الجيل القديم ببعيد عن هذه التنازلات، فالفنان حسين فهمي اعترف بأنه قدم العديد من التنازلات في أحد مراحل حياته الفنية عندما هاجرت الطيور الفنية المصرية إلي لبنان لتصوير الأفلام هناك ومشاركة النجوم المصريين في أفلام لبنانية وشارك حسين في هوجة هذه الأفلام والذي كان منها فيلم "سيدة الأقمار السوداء" وبسببه مازال البعض يهاجم حسين فهمي حتى الآن، حسين أشار إلي أن هذه المرحلة الفنية من حياته مرحلة يعترف أنها كانت مرحلة قدم فيها العديد من التنازلات دون أن يسمي هذه التنازلات بمسمي محدد لكنه دعا الجمهور أن يغفر له تلك الفترة ويسقطها من تاريخه الفني.

الفنان خالد الصاوي يقول معلقا علي إشكالية التنازلات الفنية للنجوم في بداية حياتهم الفنية "أشكال التنازلات الفنية متنوعة ولها معايير مختلفة فالفنان في مرحلة عمرية معينة من الممكن أن يقبل أدوارا دون المستوي بسبب احتياجه للمال وحدث ذلك مع نجوم كبار مثل الفنان إسماعيل ياسين في أواخر حياته، ومن الممكن أن يشارك فنان كبير في عمل ضخم للتواجد فقط ولا يضيف لرصيده الفني شيء، فالتنازل موجود وأسبابه تختلف من فنان لآخر، لكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف يتقبل الفنان نفسه بعد أن يشعر بأنه باع تاريخه من أجل احتياجه للمال؟، ويشير الصاوي إلي أن الفنان الذي يمتلك موهبة يستطيع أن يثبت نفسه دون هذه التنازلات فالمجتمع الآن أصبحت سعته كبيرة لاستيعاب المواهب الشابة وإبرازها خاصة في ظل هذا الكم الكبير من الفضائيات وشركات الإنتاج التي تبحث دائما علي الأفضل لكي تقدمه للجمهور.

الفنان أحمد رزق يشير إلي أن الجمهور من الممكن أن يغفر للفنان بداياته الفنية لأنه يلتمس له العذر لأن الفنان في تلك المرحلة يرغب في الانتشار ويجب علي الفنان أن يبحث بعد ذلك عن أعمال تضيف لرصيده الفني، فالجمهور لن يغفر له أخطائه بعد ذلك في حال مشاركته في أعمال تقلل من شأنه كفنانة أو من قيمته، ويلفت أحمد رزق النظر إلي أن الفنان إذا قام بتقديم تنازلات فهو يدرك سببا لهذه التنازلات ويبررها لنفسه حتى يقتنع بها لأن الفنان ذو طبيعة حساسة جدا تختلف عن الكثير من البشر فإذا لم يكن مقتنع بها فسيقع في فخ الأمراض النفسية والانفلات السلوكي والاجتماعي، ويري رزق أن الوسط الفني الآن أصبح مختلفا عن الماضي وأن الفن الآن لا يحتاج إلي واسطة بل يحتاج إلي موهبة جادة وحقيقية يستطيع بها أن ينافس النجوم أما أصحاب الواسطة والتنازلات إذا لم يكن يمتلكون موهبة فستضيع تنازلاتهم وواسطتهم في الهواء ودون فائدة لأن المشاهد الآن أصبح ذو موهبة وقدرة علي تمييز الفنان الجيد من الرديء.

علي جانب آخر كشفت الفنانة ميسم نحاس السر الذي يمنع انتشارها وظهورها في الحفلات بكثرة مثل العديد من نجمات جيلها، حيث اعتبرت نفسها أنها فنانة لا تقدم التنازلات الأخلاقية من أجل الشهرة والنجاح، مؤكدة أنها لا تجيد فعل ذلك.

الفنانة آيتن عامر أكدت علي أن سبب تأخر نجوميتها في السينما يرجع إلي رفضها تقدم تنازلات أو الظهور في السينما من أجل الظهور فقط فقد عرضت عليها مشاركة نجوم مثل محمد سعد وهاني رمزي في أفلامهما لكنها رفضت بسبب أن الدور لن يضيف لها شيئًاً فهي غير مستعدة لتقديم تنازلات وقبول أدوار دون المستوي من أجل الظهور فقط.

الفنان حسن يوسف أكد علي أن الوسط الفني مهني مثل أي وسط مهني آخر فمن الممكن أن يقوم موظف في هيئة ما بتقديم تنازلات لمديره ويقوم بنقل أسرار زملائه للرؤساء لكي يقوموا بترقيته فهذا التنازل الأخلاقي في مهنة ما يقابله تنازل أخلاقي في الوسط الفني، فكل وسط مهني فيه أشخاص أسوياء وأشخاص مرضي، لكن الفن الآن أصبح وأفضل من السابق مع انتشار السعة الإنتاجية ودخول أناس علي قدر كبير من الثقافة في مجال الإنتاج بالإضافة إلي وجود ورش فنية لدعم المواهب الشابة ومثل هذا التطور في عجلة الفن يحجم تقديم مثل هذه التنازلات التي قد يندم عليها الفنان في فترة لاحقة من حياته.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً