من باحث في شؤون الآثار والتاريخ إلى جاسوس، وعميل للمخابرات، هكذا تحول، توماس إدوارد لورانس، الملقب بلورانس العرب الذي لم يلتحق بالمخابرات إلا في مرحلة متأخرة.
كان لورنس مولعًا بالمنطقة العربية فسافر إليها أكثر من مرة من الأردن إلى طرابلس وبيروت وقطع مسافات شاسعة على الأقدام خلال رحلاته البحثية وأقام ضيفا في بيوت العرب مما مكنه من إجادة العربية كأهلها، وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى قام السير “جليبرت كلايتون” باستدعاء لورنس بعد أن ذاع صيته كعالم آثار إلى مكتبه بمقر القيادة العليا للجيوش البريطانية في القاهرة وطلب منه الانتقال إلى جزيرة العرب للوقوف على حقيقة الثورة العربية على الأتراك وإمكانية استفادة بريطانيا من تأزيم الأوضاع في جزيرة العرب.
لورنس لم يكن يعمل في الخفاء كغالبية العملاء والجواسيس بل عمل في العلن مستشارًا – بإيعاز من بريطانيا – للأمير فيصل – الابن الأكبر للشريف حسين – إبان الثورة العربية الكبرى في جزيرة العرب ضد حكم الأتراك العثمانيين، الذين كانوا يخوضون حربا بدورهم ضد بريطانيا إبان الحرب العالمية الأولى.
سافر لورنس إلى جزيرة العرب والتقى بالشريف حسين وأبنائه ونجح في أن يصبح مستشارًا للأمير فيصل الذي وفر له الإنجليز كل الدعم من أجل محاربة الأتراك بل وشارك الإنجليز في القتال بأنفسهم في بعض المعارك.
انتهى الأمر بسقوط القدس ثم دمشق آخر المعاقل في جزيرة العرب في أيدي قوات العرب المدعومة من الإنجليز بقيادة اللورد اللينبي في عام 1918، بعدها اتخذ لورنس قرارًا بالعودة إلى بريطانيا خوفًا من استهدافه من قبل العرب المعارضين لثورة الشريف حسين وأبنائه خاصة بعد أن انكشف دوره بأنه كان عميلًا لصالح المخابرات البريطانية.