تشهد مصر أزمة اقتصادية كبيرة، منذ ما يقرب من 5 سنوات، خاصةً بعد قرار تحرير سعر الصرف، ودخول الحكومة في اتفاق قرار صندوق النقض الدولي، والتي تلتزم فيه بتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يستهدف بالأساس السيطرة على عجز الموازنة، لتصبح تحديات تخفيض العجز الكلي، وكذلك الدين العام من أبرز التحديات التى تواجهها الآن، مما دفعها إلى الاعتماد على سياسة الاقتراض الخارجي لتخفيف وطأة الدين الحكومي، وإتاحة الفرصة للبنوك لإقراض المستثمرين.
وفي هذا السياق يقدم "أهل مصر" روشتة من بعض خبراء الاقتصاد لإنقاذ الدين المحلي وسد عجز الموازنة.
أبرز التحديات
تواجه وزارة المالية تحديات وضع مشروع قانون الموازنة العامة للدولة الجديد ٢٠١٧٢٠١٨، تحت وطأة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي حول قرض يبلغ ١٢ مليار دولار.
وقال مصدر مسئول بوزارة المالية، فضل عدم ذكر اسمه، إن تحديات تخفيض العجز الكلي، وكذلك الدين العام تعد من أبرز التحديات التى تواجه الوزارة، خاصة العام الجاري، بسبب دخول الحكومة في اتفاقية قرض مع صندوق النقد الدولي، والتي تستلزم تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يستهدف بالأساس السيطرة على عجز الموازنة.
وأشار المصدر إلى أن تزايد ضغوط العجز هذا العام تعد من أبرز التحديات، والتي تعود إلي أن الوزارة تستهدف تخفيض نسبته إلى الناتج المحلي بنحو ٥٪ خلال ٣ سنوات.
وأوضح المصدر، أن الوزارة تعول لتخفيض العجز على زيادة الناتج المحلي الاجمالي، حتى تنخفض نسبته في المقابل، لاسيما بعد خطوة تحرير سعر الصرف التي من الممكن أن تساهم فى جذب استثمارات جديدة.
من ناحية أخرى، تستهدف وزارة المالية تخفيض نسبة الدين الحكومي إلى نحو ٨٥٪ من جملة الناتج المحلي، هبوطًا من نحو ١٠٢٪ حاليًا، فضلًا عن استهدافها الاعتماد على الاقتراض الخارجي لتخفيف وطأة الدين الحكومي، وإتاحة الفرصة للبنوك لإقراض المستثمرين.
إنقاذ فاتورة الدين المحلي
ومن جانبه، قال الدكتور رضا لاشين، الخبير الاقتصادي، إن زيادة الديون المحلية وأغلبها لصالح البنوك إلى ما يقارب 3 تريليونات جنيه وتخطيها 100٪ من الناتج المحلي يؤثر سلبًا على معدلات التنمية في المجتمع؛ لافتًا إلى أنه يتم سحب تلك السيولة المتاحة نحو سد عجز الاستهلاك وليس العكس وهو توجيها نحو مشروعات صناعية وإنتاجية تعزز من قدرات الاقتصاد.
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى تفاقم عجز الموازنة العامة للدولة مطالبًا بترشيد النفقات في كافة وزارات وهيئات وقطاعات الدولة وتحويلها إلى قطاعات منتجة ومربحة.
وشدد الخبير الاقتصادي على أهمية تبني الحكومة خطة لخفض عجز الموازنة العامة للدولة وزيادة إيرادات الموازنة مثل التصالح مع مخالفات البناء والأدوار المرتفعة وتقنين أراضي وضع اليد، واستغلال الأراضي غير المستغلة كأراضي وزارة الأوقاف وأراضي السكة الحديد واستحداث قطاع للاستثمار والتنمية داخل كل وزارة من وزارات الدولة بحيث تعمل على تنمية موارد الوزارة وكل المصالح والهيئات التابعة لها وتشغيل واستغلال كل الطاقات والاستثمارات المعطلة فيها عن طريق استغلال كل ما هو زائد عن حاجة تلك الوزرات والهيئات والمصالح الحكومية التابعة لها من أراضي ومبانى واسطح ووجهات للمباني وسيارات وأجهزة ومعدات وقطع غيار ومخزونات سلعية راكدة.
وطالب الخبير الاقتصادي باستغلال كافة المشروعات المتوقفة وطرحها للمشاركة أو البيع أو الإيجار أو الاستغلال من قبل المستثمرين المحليين وبالتنسيق مع المستثمرين للعمل على شراكة تقديم خدمات تلك الوزرات تحت رعايتها ورقابتها بمقابل أعلى بعد انتهاء مواعيد العمل الرسمية وتوصيلها لمن يريد بمقابل وذلك يعمل على تشغيل المزيد من الشباب وتوصيل الخدمات الى المناطق المحرومة منها وتخفيف حده الزحام والضغط في المدن في أوقات الذروة.
وفى حالة إتمام ذلك يعمل على تخفيف العبء عن الموازنة العامة الدولة وبالتالي ينخفض عجز الموزانة الدائم ويزيد من اعتمادية تلك الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية التابعة لها على نفسها في تدبير جزء من مواردها بدلًا من انتظار المخصص لها من قبل الدولة كل عام في الموازنة والذي يتاثر سنويًا وفقا للحالة الاقتصادية للدولة.
علاج عجز الموازنة
وفي السياق ذاته، وضع أبوبكر الديب، الخبير الإقتصادي، روشتة من 10 بنود لعلاج ارتفاع عجز الموازنة وارتفاع فاتورة الدين العام، تتضمن تعزيز النمو الإقتصادي، والحد من الإنفاق الحكومي، وزيادة الضرائب على المستثمرين بما يعرف بالضرائب التصاعدية.
وقال الديب، إن عجز الموازنة،يعرف بالرصيد السالب للميزانية العامة للدولة والناتج، بزيادة النفقات عن الإيرادات مما يضطر الدولة إلى اللجوء إلى الإقتراض، والذي يؤدي بدوره بالتالي إلى تزايد الدين.
وطالب الديب، بتعزيز الثقة في الأعمال التجارية، بتوحيد القوانين المتعلقة بالاستثمار، وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار اقتصاديًا وماليًا وإداريًا وتشريعيًا، والترشيد الحكومي للمصروفات غير الضرورية، وتخفيض رواتب الخبراء خصوصًا من الأجانب واستبدالهم بالمصريين ذوي الخبرة، وترشيد الاستهلاك في جميع القطاعات، والتركيز على مشروعات تنموية تحمل فائدة اقتصادية وتساهم في رفع معدلات النمو.
كما طالب الديب بتنمية طاقات الشباب بالتعاون الحكومي مع رجال الأعمال في تدريبهم وتأهيلهم للعمل في كافة المجالات التجارية والصناعية والمالية والزراعية، والعمل علي تحويل كافة التعاملات من الورقية إلى الإلكترونية، لتقليل الإنفاق، وتفعيل الاقتصاد المعرفي نظرًا لدوره الكبير في تحقيق التنمية البشرية، والعمل على تقليل العجز الكبير في ميزان المدفوعات وتأمين تدفق تمويلات ثنائية من جهات ودول مختلفة، لتسهل تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وأكد أبوبكر الديب، أن المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، هي كلمة السر في تنمية الإقتصاد الوطني، وتحقيق التوازن الإجتماعي، وتوفير فرص العمل، والحد من الفقر والبطالة، وانقاذ الجنيه من موجة الهبوط أمام الدولار.
وقال إن هذه المشروعات تعمل علي تحقيق طموحات الشباب، وتمكينهم من مواجهة الأوضاع الإقتصادية الصعبة، خاصة وأنها لا تحتاج لرأسمال كبير، موضحًا أن المشروعات الصغيرة في الولايات المتحدة، تشكل 97% من إجمالي المشروعات الأمريكية، وتساهم في حوالي 34% من ناتج القومي الإجمالي الأمريكي، وتساهم في خلق 58% من إجمالي فرص العمل المتاحة في أمريكا، وفي كندا تساهم في توفير 33% وفي اليابان 55.7% والفلبين 74% واندونسيا 88% وكوريا الجنوبية 35%.
وأضاف أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تعد عصب الإقتصاد الوطني كونها المشغل الأكبر للأيدي العاملة، وتسهم في زيادة إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم المتحققة من المنتجات التي تصنعها، وهي لا تحتاج الى رأسمال كبير.
وطالب الديب، بضرورة تيسير تأسيس هذه المشاريع وتوفير الدعم المادي حتى تتمكن من توسيع نطاق عملها، مؤكد أن أهم العقبات أمام هذه المشروعات هي صعوبة التمويل وإجراءاته، اضافة الى ارتفاع كلفة الإنتاج والطاقة، وقلة وجود الدعم المجتمعي لها.
كما طالب الحكومة بعدة إجراءات لتوفير السيولة من النقد الأجنبى، وذلك بزيادة الاعتماد على المكون المحلي في الصناعة، بدلا من الاستيراد، وتطبيق برنامج إصلاح اقتصادي يقبله الرأي العام، وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة غير التمويلية، وتسهيل إجراءاتها وتراخيصها، وازالة معوقات تكلفة الضرائب والجمارك، ودفع مستويات التصدير للأمام.
وأشار إلى ضرورة تنشيط عمليات "التجارة البينية" مع الدول العربية وخاصة دول الخليج لدعم نشاط الصناعات المحلية ورواجها في الدول العربية، وإطلاق حوافز تيسيرية لقطاع الصناعة وتقليل العوائق التي تواجهه وتشجيع الشباب والمستثمرين.