لا تزال أوراق قضايا وقصص الجاسوسية والمؤامرات لم تكشف كاملة بعد، إذ تزخر أوراق المخابرات العامة المصرية بالعديد من ملفات هؤلاء الخونة الذين قرروا بيع وطنهم مقابل حفنة من الجنيهات، متنازلين عن كل حس بالإنتماء والعروبة ومتعاونين مع العدو الإسرائيلي لا يهمهم الوطن ولا تضحيات الجنود بشأنه بل يهمهم المال، لكنهم في النهاية يسقطون في قبضة رجال المخابرات.
قضية الجاسوس هذه المرة تختلف عن غيرها وتعتبر مختلفة في ظروفها وملابساتها ومن أغرب قضايا التجسس الإسرائيلية على مصر، الجاسوس "سمحان موسى مطير" حيث كانت المرة الأولى التى يتم فيها تجنيد تاجر مخدرات ليكون جاسوسا لإسرائيل.
اتفق ضباط الموساد مع مطير على تسليمه مخدرات مقابل تسليمهم معلومات عن مصر في فترة التسعينات، خاصة أن "سمحان" كان يعمل فى فترة شبابه بإحدى شركات المقاولات التى لها أعمال فى مصر وإسرائيل، ومن هنا كان اتصاله بالموساد الإسرائيلى وعمل بتجارة المخدرات تحت ستار شركة مقاولات خاصة، وكانت له علاقات واتصالات عديدة ببعض ضباط الموساد المعروفين واتفق معهم على صفقة جلب المخدرات مقابل تقديم معلومات مهمة عن مصر إلى الموساد.
وكان "سمحان مطير" حريصًا على عدم القبض عليه، حيث تلقى تدريبات مكثفة فى كيفية الحصول على معلومات وكيفية استقبال الرسائل وإرسالها، لكنه كان يحفظ المعلومات المطلوب الحصول عليها وينقلها شفاهة إلى ضباط الموساد الإسرائيلى.
وكانت المعلومات المطلوبة من "سمحان" تتعلق بالوضع الاقتصادى لمصر وحركة البورصة المصرية وتداول الأوراق المالية، وكذلك تمت تكلفته بالحصول على معلومات تخص بعض رجال الأعمال المصريين والأجانب فى مصر.
وفي نهاية عام 1997 تم القبض على عميل الموساد سمحان مطير الذي عينه محافظ جنوب سيناء مستشارًا له عام 1980، وسمحان كان يعمل في شبابه خفيرًا في إحدى شركات البترول، وخلال 30 عامًا عمل في جهاز الموساد كان يتلقى شحنات المخدرات عبر سيناء ويرسل المعلومات في مقابلها.
بلغت ثروته أكثر من أربعة ملايين جنيه ونشط كسياسي حصيف حتى تم تعيينه مستشارًا لمحافظ جنوب سيناء.
وعلى غير العادة استطاع سمحان خداع العديد من القادة المصريين، فحصل على نوط الامتياز من الطبقة الأولى في عهد السادات "تقديرًا لمعاونته الصادقة خلال حرب أكتوبر" كما أشاد تقرير أمني بالدور البارز الذي لعبه لصالح البلاد قبل وأثناء وبعد حرب أكتوبر، كما أن سمحان لم يكن يكتفي بدفع ضرائبه كاملة، بل كان يقيم في رمضان أضخم وأهم الموائد، وفي نفس الوقت كان حريصًا على تهريب كل أمواله لبنوك أوروبا وأمريكا، ورغم ذلك وبسبب عدم وجود أدلة يقينية على تخابره، اكتفت محكمة القيم بفرض الحراسة عليه.