من منا لم يتمنى أن يقابل شخصية "السيد أحمد عبد الجواد – سي السيد" بطل ثلاثية صاحب نوبل، نجيب محفوظ أو يقابل نعيمة حبيبة حسن، في رائعة عبد الرحمن الخميسي "حسن ونعيمة"، وغيرهم من الشخصيات، الروائية، وكم منا تمنى أن يقابل طه حسين نفسه ليقضي يوما في رائعته "الأيام"، الفكرة التخيلية أصبحت أمرا واقعا في الدنمارك.
ففي كوبنهاجن، أسس 5 شباب من المهتمين بقراءة ومطالعة الكتب، فكرة مكتبة تستطيع بها استعارة الأشخاص بدلا من الكتب.
المكتبة أطلق عليها الشباب اسم "مكتبة الإنسان"، تعتمد فكرتها على مشاركة الأفراد لحكاياتهم وقصصهم بينهم وبين بعضهم، ليكونوا هم مصدر الحكاية وأصلها، بديلًا عن الاطلاع والقراءة، كوسيلة جديدة للمعرفة، والعلاج في آن واحد، للتخلص من أي أعباء يُصدرها الواقع وتنتجها التجارب اليومية، بحسب ما جاء في الموقع الخاص بهذه النوعية من المكتبات humanlibrary.org.
سيتمكن زائر المكتبة من استعارة شخص لديه قصص من تجربة حياته الفريدة من نوعها، هو بطلها لمدة نصف ساعة.
مؤسسو المكتبة، روجوا للفكرة بهدف نبذ العنف، بعدما تعرض صديق لهم للطعن ليلا عام 1993، ليكون هذا الهجوم الوحشي دافعهم الأول لمحاولة القيام بأي نشاط اجتماعي يحد من العنف الذي تعرض له صديقهم الذي نجا بأعجوبة من الحادثة، من خلال رفع مستوى الوعي باستخدام التعليم الجمعي لتعبئة الشباب الدنماركي ضد العنف.
في غضون سنوات قليلة كان التنظيم يحوي 30 ألف عضو، في جميع أنحاء البلاد، وفي عام 2000 أقيم مهرجانًا كبيرًا أسست على أثره «مكتبة الإنسان» بفكرتها الحالية القائمة حتى يومنا هذا، وبدأت تثبت وجودها وفاعليتها في عدد من الدول المجاورة، بينهم أوكرانيا، بريطانيا، الهند وغيرهم، كمشروع دولي لتعزيز التعاطف والتفاهم والمعرفة بين الناس من جميع الأنواع.
في مكتبة “Human Library” أو المكتبة البشرية، يمكن للقُرّاء التجول في المكتبة وتصفح العناوين، وعند اختيارهم لأحد العناوين، يتم نقلهم إلى منطقة مناقشة للقاء “الكتاب البشري” وهو عبارة عن شخص يروي القصة التي تقوم بتغطية العنوان. ويمكن أيضًا أن يتم “استعارة” ذلك الشخص (على أنه كتاب). وهناك الكثير من العناوين التي تروي قصص مختلفة، بما في ذلك السياسية وبعض العناوين التي تروي قصص الماضي، وحكايات الأطفال، والرياضية، والدينية وغيرها الكثير.
بدأت هذه المكتبة غير الربحية في عام 2007، وهي تهدف إلى تسهيل المحادثات وتحسين التفاهم بين الأشخاص الذين لا يتفاعلون كثيرًا مع بعضهم البعض في الحياة الحقيقية، وإنشاء نوع من التماسك الاجتماعي. وتضم هذه المكتبة الآن مجموعة من الأشخاص من ثقافات وأديان وأعراق مختلفة، ويزورها الكثير من الناس من حول العالم.
منذ ذلك الحين، انتشرت الفكرة في أكثر من 50 بلدًا في جميع أنحاء العالم. الشيء الجميل في فكرة هذه المكتبة، هي أنها لا تتطلب سوى مكان معين، وأشخاص يرون قصصهم، وآخرون هم على استعداد للاستماع.