"بدوية".. راقصة ثورية أحرجت الملك فاروق

بدوية محمد علي النيداني

داخل جسد، يرتدي، بدلة رقص، مزينة بالترتر، والأقمشة الستان اللامعة، يتمايل يمينا ويسارا على أنغام الدربكة والمزمار وصوت فريد الأطرش تارة وصوت محرم فؤاد وغيرهم، داخل جسد يسئ البعض الظن إليه أنه راقص فقط، تقبع ثورة من الأفكار والمشاعر والوطنية، لراقصة لم يفرق معها ملك من غفير استطاعت أن تسطر بجرأتها سيرة ذاتية براقة في فترة هامة من عمر مصر.

في الثاني والعشرين من فبراير، كانت مصر على موعد مع ميلاد بدوية محمد علي النيداني، عام 1919، بمدينة الإسماعيلية لتلقب فيما بعد، فور دخولها عالم الفن، بتحية كاريوكا، لم يكن الرقص همها الوحيد بل انشغلت تحية بالسياسة وفي أحد الأيام وبينما كانت تحية تؤدي إحدى رقصاتها في فندق "الأوبرج" بالجيزة فوجئت بوجود الملك فاروق، حاكم مصر قبل ثورة 23 يوليو 1952، يجلس في الصالة، ومعه عدد كبير من حاشيته، فسخرت كاريوكا من الموقف، ووجهت حديثها للملك فاروق وقالت له "مكانك مش هنا يا جلالة الملك يجب أن تكون في قصر الملك"، فانصرف الملك فاروق غاضبا لكنه لم يوجه أي غضب إلى كاريوكا وسط ذهول الموجودين في الصالة.

لم تحاول تحية إصلاح العلاقة المتوترة بينها وبين الملك فاروق حتى أصيب الأخير في محاولة اغتيال فاشلة فزارته كاريوكا ضمن مجموعة من السينمائيين والفنانين ووفد من نقابة الممثلين للاطمئنان عليه وانتهى الخلاف بينهما.

ومنذ عام 1948 وتحية منشغلة بالعمل السياسي والثوري فساعدت الفدائيين ضد الاحتلال الإنجليزي وهربت لهم السلاح بسيارتها الخاصة، وشاركت في المقاومة أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وفقا لما نشره الحزب المصري الديمقراطي في احتفاله بذكرى ميلاد تحية كاريوكا.

كما أخفت كاريوكا الرئيس المصري الراحل أنور السادات عندما كان مطاردا قبل ثورة 23 يوليو 1952، وأنقذته من الإعدام بعد قتله وزير المالية في ذلك الوقت، أمين عثمان، وأخفته فترة في منزل شقيقتها، وظل يقيم لمدة سنتين في مزرعة يملكها صهرها.

ولم تسلم من الملاحقة شأنها شأن الثوريين، فتم اعتقالها لأول مرة، عام 1954، مع زوجها الضابط مصطفى كمال صدقي، عضو حرس السرايا الملكية قبل الثورة، وتم القبض عليهما بتهمة القيام بنشاط معادٍ للثورة والتآمر لقلب نظام الحكم، وأمضت 101 يوما في السجن.

وكانت كاريوكا من بين أهم من تبرعوا في أسبوع تسليح الجيش عام 1955، بعد قرار عبدالناصر كسر احتكار السلاح والتحول إلى المعسكر الشرقي لتسليح الجيش، وقدمت جزء من مجوهراتها إضافة إلى التبرعات التي جمعتها من أماكن عدة، وقال عنها الرئيس جمال عبد الناصر "انتى ست بألف راجل يا تحية".

ويعد فيلم "شباب امرأة" من أهم الأفلام التي شاركت فيه تحية كارويكا، وأصبح من أهم 100 فيلم في تاريخ السينما، وشارك الفيلم في مهرجان "كان" عام 1956.

في حفل مهرجان "كان" كانت تجلس النجمة الأميركية سوزان هيوارد في طاولة قريبة من الوفد المصري، وتحدثت عن الصراع العربي الإسرائيلي، معجبة بدور إسرائيل وأحقيتها في وطن وأهانت العرب، فاشتبكت معها تحية واعتدت عليها بالضرب وفقا لرواية عدد من الصحف وقتها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً