استمرارا لأعمالها الإرهابية، شن تنظيم الدولة "داعش" سلسة من العمليات الإجرامية، على مدار الأيام الماضية، مستهدفا عددا من الأسر المسيحية بالعريش، حيث قام بذبح وحرق سعد حكيم حنا أحد قاطني العريش، وابنه مدحت أول أمس، كما قاموا بقتل 4 أقباط آخرين خلال الأسبوع الحالي ليصل عدد الضحايا الأقباط المقتولين على يد التنظيم إلى 7 ضحايا.
ولم تجد الأسر المسيحية في العريش، غير الفرار، سبيلا للنجاة من العمليات الإرهابية، التي تشنها داعش، وعليه غادرت أسر وطلاب مسيحيون من محافظة شمال سيناء، إلى محافظات عدة، كما وصل نحو 25 أسرة مع أمتعتها إلى الكنيسة الإنجيلية بمحافظة الإسماعيلية.
كما أكد مسؤولو الكنيسة، أن غادر مايقرب من 100 أسرة من نحو 160 في شمال سيناء، إلى جانب 200 طالب يدرسون في العريش، أمس، إلى الإسماعيلية، في محاولة للنجاه من بطش التنظيم الإرهابي.
خطة تقليدية يتخذها تنظيم الدولة، في محاولة لبسط نفوذه وتأسيس ولاية حقيقية على الأراضي المصرية، فما حدث مع مسيحي مصر تكرر منذ عام مع المسحيين في الموصل، حيث أجبر التنظيم قاطني الموصل من المسحيين على مغادرة منازلهم وترك الموصل خاوية ليحقق التنظيم أطماعه ويؤسس ولاية حقيقية، تعد حاليا من أقوى الولايات الإرهابية على مستوى العالم، كما يعتبرها "داعش" مقر الخلافة الإسلامية على حسب إعلان التنظيم، في وقت سابق.
وفي سياق متصل، يقول الخبير العسكري، اللواء عادل سليمان، إن توقيت إستهداف المسيحيين على يد تنظيم الدولة، يعطى دلالات واضحة حول أهداف التنظيم من السيطرة على أغلب أراضي سيناء والعريش، وفرض سطوته وتأسيس ولايته على الأراضي المصرية، عن طريق إجبار المسيحيين على ترك منازلهم بما يعرف بـ"التهجير الإجباري"، مستكملا، "لاشك أن محاولات التنظيم حققت نتائجها إلى حد ما، إلا أن مايمنعه من تحقيق أهدافه هو قوة الجيش المصري، وعدم قدرته على المواجهة المباشرة حتى الآن، مشيرا إلى أن اتجاه داعش لقتل المسيحيين، هي خطة بديلة، فهو يريد أن يشعل نار الفتنة الطائفية، والتوجه للحرب الإجتماعية بدلا من العسكرية، لإحداث خلل في المجتمع المصري، وعليه يتحرك التنظيم لتحقيق أطماعه وأهدافه.
وتابع سليمان، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أنه على الدولة الإنتباه جيدا لمخطط التنظيم الإرهابي، وتغيير طريقة التعامل الأمني معهم، فالمواجهة الأمنية ليست الحل الحقيقي للأزمة، ولا تكفي وحدها، مؤكدا على أن التعامل يجب أن يكون بنفس طريقة التفكير، مستكملا "ما يحدث من ضربات إرهابية أمر متوقع، ولربما تشهد الأيام المقبلة تفجيرات وأعمال قتل أخرى، إلا أن المواجهة الفكرية هي الحل الحقيق للأزمة".
وأكد سليمان، تعليقا على ما أشارت إليه عدة تقارير صحفية، حول إحتمالية التدخل الدولي لحماية المسيحيين على الأراضي المصرية، "خطة متاكملة لدخول سيناء"، مشيرا إلى أن الغريب في الأمر هو تتابع التصريحات الخارجية عن مصر والعمليات الإرهابية في سيناء، بدءاً من تصريحات إسرائيل بشأن إطلاق صواريخ سيناوية على تل أبيب، مرورا بإعلانها سحب السفير الإسرائيلي لأسباب أمنية، ومؤخرا تلويح ترامب بضرورة دعم وحماية المسحيين في الشرق الأوسط، وماهعي إلا أيام حتى حدثت الأعمال الإرهابية المستجدة في سيناء.
ويرى اللواء جمال مظلوم، الخبير العسكري، أن موجهة الإرهاب تحتاج إلى جهود وأفكار غير تقليدية، ليست أمنية فقط بالطبع، مشيرا إلى ضرورة إنشاء مجلس قومي لمكافحة الإرهاب، ومجلس أمن قومي عربي لمكافحة الإرهاب، خاصة أن تنظيم داعش والتنظيم الدولي للإخوان يضم في صفوفه علماء وخبراء يعملون وفق استراتيجية متكاملة "سياسية واقتصادية وإعلامية ودينية وأمنية"؛ لتجفيف منابع استقطاب الشباب والمواجهة الشاملة.
وتابع مظلوم، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن التعامل مع الإرهاب كقضية أمنية فقط ثبُت فشلها على مدار 45 عاماً. وأضاف "عندما ظهر الإرهاب في عهد الملك فاروق مع تأسيس جماعة الإخوان، تم التعامل معه كقضية أمنية فقط، وكانت النتيجة اغتيال النقراشي والخازندار، وتنفيذ 38 جريمة إرهابية، وعقب ثورة 1952 تم التعامل مع الإرهاب بذات الطريقة، فكانت محاولة اغتيال عبدالناصر، و22 عملية إرهابية أخرى، ثم اغتيل الرئيس السادات".
وأكد مظلوم، على أن قتل المسيحيين في العريش نوع من أنواع الإرهاب "القذر" الذي يهدف لإحداث فتنة طائفية بمصر، مشيرا إلى ضرورة التعامل الفكري مع المتطرفيين، وعدم ترك المجال لهم لتنفيذ أهدافهم ونواياهم، مؤكدا أن مخطط الفتنة الطائفية لن يحدث ولن يحقق النتائج المرجوه منه، قائلا "جميع الأحداث الإرهابية جعلت المصريين أكثر تمسكا في مواجهة التطرف الفكري وتحطيم أطماع الإرهابيين في إحداث فتنة طائفية على مدار سنوات طوال".
وعن التدخل الدولي لحماية المسيحيين، قال مظلوم، "مسلسل محفوظ ولن يحدث"، مشيرا إلى محاولات الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل خاص، على رسم صورة زائفة عن مصر، كواحة للإرهاب، مما يساعدهم على تحقيق مطامعهم داخل الأراضي المصرية، مؤكدا أن ذلك يحدث فقط في مخيالتهم، ولن يكون له وجود على أرض الواقع.
ومن جانبه قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، إن ما يحدث حاليًا في سيناء ليس موجهًا للمسيحيين فقط، فهذه التنظيمات تعمل على إشعال الفتنة الطائفية، وضرب الوحدة الوطنية، مستكملا" هو بالتأكيد موجه لكل المصريين بما فيهم قوات الجييش والشرطة".
وتابع نافعة، أن هذه التنظيمات تريد أن تضرب الوحدة الوطنية، إلا أنها لن تفلح ولن يفيد ما تقوم ولن تحدث فتنة طائفية، موضحًا أن رد الدولة على ذلك يتمثل في عملها على القضاء على هذه التنظيمات والجماعات الإرهابية، وتفويت فرصة الفتنة التي يريدون إحداثها.
وعلق نافعة على إحتمالية التدخل الدولي لحماية المسيحين، أن الأمر ليس بالسهولة التي يتخيلها الجميع، فالكل يعلم قدرةالجيش المصري على التعامل مع العمليات الإرهابية، وبالتالي لن يدحث أي تدخل خارجي إلا بالتنسيق مع القوات المسلحة للتعامل مع الإرهابيين، مشيرا على أن التدخل الدولي سابق لآوانه، فما يقوم به تنظيم الدولة محاولة لإضعاف حيلة المصريين، إلا أنه سيفشل في ذلك، والدليل هو بيان الكنيسة وتأكيدها على الوحدة الوطنية وعدم التفريط بها مهما كان.