هل ما زلنا في عالمنا العربي نعيش في مجتمع ذكوري يرفض المراءة وينتقدها، والسؤال الذي يلح لماذا ينتقد الجمهور والنقاد المراءة الفنانة التي تقوم بتقديم مشاهد ساخنة في حين لا يتم إلقاء اللوم علي الفنان الرجل الذي يقوم بأداء هذه المشاهد.
في مهرجان" أسوان" لأفلام المرأة في دورته الأولي هاجم البعض المشاهد الساخنة التي احتوتها بعض الأفلام المعروضة في المهرجان، وبالرغم من المهرجان للمرأة إلا أن الهجوم انصب علي النجمات المشاركات في هذه الأفلام بعيدًا عن الهجوم علي الفنان الرجل.
في نفس السياق هاجم الجمهور والنقاد الفنانة منى ذكي في فيلم" احكي يا شهر زاد" بسبب مشاهدها الساخنة إلي حد ما مع الفنان حسن الرداد في حين لم يهاجم أحد الرداد من قريب أو من بعيد، كذلك هاجم الجمهور والنقاد الفنانة غادة عبد الرازق في مشاهدها الساخنة في أفلام منها، " الريس عمر حرب" أمام هاني سلامة ولم يهاجم أحدًا هاني سلامة لأدائه هذه المشاهد، وفي فيلم " خيانة مشروعة" هاجم النقاد والجمهور الفنانة ساندي بسبب مشهدها الساخن أمام الفنان حسن الرداد ولم يتطرق أحد إلي الرداد نفسه أو يهاجمه لأداء هذا المشهد، كذلك الهجوم الذي تعرضت له الفنانة مني هلا في فيلم" ألوان السما السبعة" بسبب مشهدها الجريء في الفيلم أمام أحد الوجوه الشابة ولم يهاجم أحد هذا الفنان الشاب لأنه أدى هذا المشهد الساخن أمامها.
في نفس السياق أيضًا هاجم النقاد والجمهور الفنانة المعتزلة شمس البارودي علي أفلامها التي قامت بالمشاركة فيها في فترات لاحقة من حياتها ولم يتطرق الهجوم من قريب أو من بعيد للهجوم علي الفنانين الرجال، وكذلك الفنانة المعتزلة ناهد يسري التي هاجمها الجمهورها بسبب أفلامها الجريئة ومشاهدها الجنسية، ولم يتطرق الهجوم من قريب أو من بعيد بالفنان الرجل.
فهل عقليتنا في القرن الحادي والعشرون هي نفس العقلية في القرن العشرون، بالنسبة لنظرتنا للمرأة.
المخرج خالد الحجر يقول معلقًا: مما لا شك فيه أننا بالفعل ما زلنا نعيش في مجتمع ذكوري، وما زال يفرق بين الرجل والمرأة، وستبقى بنا وفي مجتمعنا نزعة غريبة لانتقاد المراءة في كل شيء في اللبس وفي العمل وفي كل شيء، ولا نقبل أن ينتقد أحدًا الرجل في أي شيء.
ويتابع الحجر كلامه قائلًا: ولكي نتخلص من هذه العقدة أو من هذه النقطة السوداء التي عطلت العرب كثيرًا يجب أن نغير من ثقافتنا ورؤيتنا للمراءة ووضعها في سياقها الطبيعي، حتى لا يجرنا ذلك إلي معارك مستقبلية ستؤثر بشكل من الأشكال علي حياتنا ككل.
الفنان محمد رجب يقول: نحن كمجتمع شرقي ما زلنا ندور في فلك العيب والحرام، بالرغم من الحرية التي نعيشها الآن، والهجوم الذي تتعرض له الفنانة لأدائها مشاهد ساخنة في حين لا يتعرض لهذا الهجوم الفنان الرجل يؤكد علي أننا لن نتخلص من ذكورية مجتمعاتنا العربية، حتى لو آمنا بكل الحريات وأطلقناها، والتخلص من ذكورية مجتمعاتنا العربية، لن يأتي بين عشية وضحاها، إنما ستأتي بعد سنين طويلة من تغيير لمنهج تعليمي وإنشاء أجيال جديدة تؤمن بالحرية وتؤمن بأن الرجل والمرأة سواء أمام شرقيتنا.
ويتابع رجب كلامه قائلًا: ربنا سبحانه وتعالي لم يفرق بين المرأة والرجل في الثواب والعقاب وفي تطبيق الحدود لم يفرق سبحانه وتعالي بين المرأة والرجل.
ويتساءل رجب: إذا كان المرأة الفنانة من وجهة نظر مجتمعاتنا الشرقية أخطأت بقيامها بأداء هذا المشهد، فلماذا هذه النظرة لا يتم النظر بها إلي الرجل الفنان الذي أدى نفس هذا المشهد.
المخرجة إيناس الدغيدي لخصت هذه الإشكالية في كلمات بسيطة قائلة: الكبت الجنسي هو السبب وراء هذا الهجوم وطبيعة مجتمعاتنا العربية التي تنظر للمرأة دائما نظرة دونية، تجعل المرأة مستهدفة في كل نقد وكل هجوم.
الناقد عصام زكريا يقول: الهجوم علي الفنانة تحديدًا في المشاهد السخنة دون الرجل يرجع لكون جسد المراءة ما زال في ثقافتنا شيء محرم، وبالرغم من تحضرنا والحرية التي يتشدق بها الكثيرين إلا ان نزعات الرجولة والعصبية تتحكم في تفكيرنا، بالرغم من محاولاتنا دائما إظهارنا علي أننا أناس نؤمن بالحرية والديمقراطية، ولن تزول هذه النزعة منا لأنها تجري في دمائنا ولا نستطيع أن ننتزعها من داخلنا مهما مرت علينا من سنون، لأن جسد المرأة سيبقى دائما محرم في ثقافتنا وفي ذكوريتنا.