مازال تهريب السلاح وتجارته خطر يؤرق سلامة وأمن المواطنين في مصر، ومع ثورة 25 يناير 2011، ومع الانفلات الأمني الذي شهدته البلاد، قامت عناصر بإدخال كميات ضخمة من السلاح إلى الأرضي المصرية، وانتشرت تجارة السلاح في كل مكان، ولم يقتصر الأمر فقط على ما كنا نسمعه قبل ذلك وأن الصعيد هو الوحش الذي يحتضن بداخله السلاح وتجارته، ولكن في ظل الأوقات العصيبة التى مرت بها مصر، قام العديد من معدومي الضمير باستقطاب وجلب أنواع كثيرة من السلاح إلى المجتمع المصري.
وزاد انتشار السلاح فى مصر بشكل غير مسبوق عقب ثورة 25 يناير، فقد غزت سيناء صناديق معبأة بالأسلحة عبر الحدود مع غزة، سواء من الجانب الإسرائيلى، أو من حركة حماس التى أعادت استخدام أسلحة المقاومة، بأن أعادتها إلى سيناء إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسى.
مصادر السلاح
من جانبه قال اللواء أركان حرب نبيل أبو النجا الخبير العسكري، في تصريحات خاصة لـ "اهل مصر": من يترك بابه مفتوحا لا يحق له أن يشكو، وطالما أن هناك فساد، ستصبح تجارة السلاح لغة سائدة.
وأضاف "أبو النجا" السلاح مصدره في العالم روسيا وأمريكا، ولو أن لدينا اهتمام وقوة تحمينا والظروف المحيطة بينا تسمح بتهريب السلاح، وهناك تجار أسلحة لديهم ورش، وما يساعد على انتشاره أن قبضة الأمن ليست محكمة، مشيرا إلى أننا كشعب ليس لدينا من الجدية ما يسمح، أن يكون لدينا وعي، وفي الوضع الذي نعيشه الآن يسمح بكل شئ، وهناك مقولة شهيرة كنا نرددها "وطن لانستطيع الدفاع عنه لانستطيع العيش فيه".
وأوضح الخبير العسكري، أن تجارة السلاح مثلها مثل المخدرات وغيرها من جرائم الحرب، فالأطفال الآن في الصعيد يحملون السلاح، وهذه الطامة الكبري.
وأضاف أن الأمر يعود إلي القبضة الحديدية للدولة، والأمر ليس عيب قوانين إنما هي ثقافة شعب، ويجب أن يكون هناك ضوابط تحكم، أما عن ترخيص السلاح فهو هام للغاية لمن هم في حاجة إليه، ولكن هناك من يرخص السلاح ويتحايل على القانون والجهات المختصة، وهو ليس في حاجة إليه.
جمال عبدالناصر
وتعتبر تجارة السلاح أحد أبرز أنواع التجارة غير المشروعة في العالم، ومصر لا تختلف كثيرًا عن مناطق عدة تنشط فيها هذا النوع من التجارة، والذي يتحكم فيه عصابات ومافيا صغيرة وكبيرة.
وبالرغم من وجود هذه التجارة منذ فترة بعيدة، إلا أن معظمها كان يتمحور سابقًا حول الأسلحة التي وزعها جمال عبدالناصر على الشعب في عام 1956 خوفًا من احتلال مصر، وكذلك الأسلحة التي خلفتها نكسة 67 بعد أن تخلى معظم الجنود عن سلاحهم عقب الهزيمة.
ثورة يناير
لكن بعد ثورة يناير وثورات الربيع العربي، شهدت مصر رواجًا كبيرًا في تجارة السلاح، خاصة بعد حالة الانفلات الأمني التي شهدتها البلاد عبر الحدود، ونشاط عصابات التهريب من عدة محاور أهمها السودان وليبيا، عقب سقوط القذافي، إضافة إلى التهريب عبر البحر المتوسط، وأنفاق تهريب السلاح من وإلى غزة.
فى الصعيد زادت العائلات من شراء الأسلحة فى رد فعل طبيعى لاتساع دوائر الصراع بينها، ففى السنوات الخمس الماضية ارتفعت وتيرة أعمال العنف المتبادل فى معارك امتدت أحيانًا لأشهر طويلة، بعضها ما زال مستمرًا حتى الآن فى ظل عدم وجود حل لحروب الثأر المتبادل.
الإحصائيات
البيانات والإحصائيات تؤكد ارتفاع معدلات الإنفاق على السلاح بما يعادل مليارات الجنيهات، فى الوقت الذى تبدو فيها إمكانية إيقاف مافيا السلاح شبه معدومة فى ظل اتساع نطاق الحروب فى البلدان المجاورة، فمن سوريا إلى العراق هناك تنظيمات مسلحة توسع بطبيعة الحال من مدى انتشار السلاح.
سوق السلاح
ولا يقتصر انتشار السلاح على الجماعات المسلحة، فقد أقبلت الشخصيات العامة على شراء الأسلحة للاستعمال الشخصى، معللين ذلك بتعرضهم لمخاطر الاستهداف، ووضع بعض منهم على قوائم الاغتيال، فيما تحفظ عدد من المشاهير على فكرة الدفاع عن النفس باستخدام سلاح يمكنه قتل الآخرين، لكل الأسباب السابقة كان انتشار السلاح علامة لا بد من الوقوف عندها لمعرفة أسبابها، وتوقع مداها فى المستقبل.
حجم تجارة السلاح في مصر
بلغ حجم تجارة السلاح في مصر 20 مليار جنيه منذ ثورة يناير، و%80 من الأسلحة تدخل من ليبيا، والحدود الغربية والسودان والبحر أبرز مناطق التهريب.
وضبطت نحو 26 ألف قطعة سلاح خلال الفترة من يناير 2013 حتى إبريل 2014، بحسب ما أعلنه اللواء أركان حرب أحمد إبراهيم، قائد قوات حرس الحدود.
فيما شمل معرض الأسلحة والذخيرة المضبوطة خلال 2014 بمديرية أمن مطروح نحو 1962 قطعة سلاح متنوعة ما بين أسلحة آلية، ومسدس، ورشاش، وخرطوش، وتمكنت قوات حرس الحدود بالمنطقة الغربية خلال الفترة من 1 فبراير إلى 19 مارس 2015 من ضبط 950 بندقية خرطوش، و344 ألف طلقة خرطوش، وبندقية آلية بمناطق صخرة العامود، وسيوة، ومسرب الخمسة، وضبط 4 مقذوفات مضادة للدبابات برفح، وكمية من المواد الشديدة الانفجار تزن 1100 كجم بحسب ما نشره العميد محمد سمير، المتحدث العسكرى، في ذلك التوقيت، الذى نشر بيانًا آخر خلال شهر مايو الماضى أشار فيه إلى أن قوات حرس الحدود تمكنت من ضبط 930 قطعة سلاح بين مسدسات وخرطوش، و89 طلقة متنوعة بعدد من المناطق، منها القنطرة شرق، ورأس حدربة، وتمكن قطاع مصلحة الأمن العام خلال شهر يونيو من ضبط 738 قطعة سلاح نارى، من بينها قطعتان تم الاستيلاء عليهما من المواقع الشرطية.