"الأقباط في نعيم".. تصريحات فجرها البابا ترواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية خلال لقاءه مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس الأول، أثناء زيارة الأخير لمصر، لمناقشة العديد من القضايا الاقتصادية والسياسية، مؤكدا أن أوضاع المسيحيين المصريين تحسنت مع ثورة 30 يونيو 2013 التى قام بها الشعب المصرى مسلمين ومسيحيين، وحماها الجيش المصرى.
وكانت ميركل قد وصلت إلى مصر، الخميس، في زيارة تستغرق يومين، أجرت خلالها محادثات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، والبابا تواضروس الثاني بطريرك الكرازة المرقسية، و شيخ الأزهر أحمد الطيب، بالإضافة إلى لقاءات مع ممثلين ألمان عن القطاع الاقتصادي والتجاري.
وتابع البابا، أن مصر تنطلق بخطى ثابتة نحو المستقبل، حيث شهدت إقرار أول قانون لبناء الكنائس فى مصر، وانتخاب 39 عضوًا مسيحيًّا بالبرلمان مقارنة بعضو واحد سابقًا، وكذلك زيارات الرئيس للكاتدرائية ليلة الكريسماس حسب التقويم الشرقى، بالإضافة إلى اهتمام الدولة بتعمير إصلاح الكنائس التى أحرقت ودمرت فى أحداث أغسطس 2014، مشيرا إلى أنه مازال فى الطريق خطوات أخرى تعبر عن المواطنة الكاملة وعدم التمييز والمساواة، وإننا جميعًا كمصريين مسلمين ومسيحيين نعمل على بناء مصر الحديثة.
وأضاف بابا الإسكندرية، أنه تحدث بين الوقت والآخر بعض المشكلات بسبب الفقر أو الجهل أو التعصب أو الازدحام، وتحاول الكنيسة مع الدولة أن تحل هذه المشكلات فى إطار الأسرة المصرية الواحدة، معرباً عن أسفه لتعرض مصر لهجمات الإرهاب والعنف التى تعرقل المسيرة مضيفًا: ولكنها لا توقف تقدمنا وإصرارنا على أن تحيا مصر فى أفضل صورة.
وأكد البابا، على ثقته فى قدرة القيادات السياسية والاجتماعية والتشريعية فى مصر، مضيفًا: واثقون فى علاقات المحبة التى تجمعنا كمصريين واثقين أن مساندة بلادكم العظيمة ألمانيا فى كافة المجالات الاقتصادية والثقافية والتعليمية والاجتماعية والفنية سوف تساعد على مزيد من الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط.
لا شك أن الأقباط تعرضوا في الفترة الماضية إلى عدة أزمات، بدءاً بالقضية المعروفة إعلاميا بـ"سيدة المنيا" والتي قام بعد أهل قرية الكرم، بسحلها، بعد أن شهدت اشتباكات بين عائلتين، بسبب علاقه عاطفية بين مسيحي، وسيده مسلمة، أسفرت عن احتراق 5 منازل ملكاً للطرفين، كما أصيب شخصان، مرورا بتفجير الكنيسة البطرسية في العباسية، عن طريق تفجير إرهابي، وحتى هجوم الجماعات الإرهابية على الأقباط في العريش، مما دفعهم للهجرة من منازلهم بالعريش إلى المحافظات الأخرى خاصة الإسماعيلية.
ترميم الكنائس
وردا على تساؤولات أهل مصر، حول دوافع البابا توراضروس من تلك التصريحات، يقول القس بولس عوض أمين عام بيت العائلة المصري بالإسكندرية، إن الأقباط في مصر يعلمون جيدا مساع الدولة ويقدرون جهودها للعمل لوئد الفتنة الطافية، بالإضافة إلى مراعاة الأقباط وتوفير سبل الحماية لهم، والتى عززت المناخ الإيجابى فى مصر، إلى جانب الخطوات غير المسبوقة التى قام بها الرئيس السيسى لإصلاح كافة الكنائس التى تضررت عام ٢٠١٣، والتوجيه بسرعة ترميم الكنيسة البطرسية فى أعقاب الحادث الإرهابى الذى استهدفها، ومشاركة الرئيس السنوية فى الاحتفال بعيد الميلاد.
أحداث العريش
وتابع بولس، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن الإرهاب في مصر لا يستهدف الأقباط فقط بل يشمل الجميع، وما حدث في العريش يشهد على جهود الدولة لدعم الأقباط، ومنها ما قام به الرئيس السيسي، من حث الحكومة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتسهيل إقامة المواطنين الأقباط فى المناطق التى انتقلوا إليها وتذليل أية عقبات قد تواجههم، مؤكدا أن تصريحات البابا تواضروس نابعة من قلب صادق يعي جيدا الدور المصري وجهود الدولة في دعم الأقباط.
رفض الحماية الدولية
وعن اتجاه الأقباط للحماية الدولية، قال بولس، إن الأمر غير مطروح تمام، والبابا لايقصد في تصريحاته أي إشارة لذلك، مؤكدا على أن دعم الوطن في حربه ضد الإرهاب، ورفض التدخل الأجنبي في الشأن المصري، هو الإطار الذي يؤمن به ويتحرك من خلاله الأقباط في مصر، مستكملا" جميعنا مصريين وفي وطن واحد ولا نقبل أي مساس به".
وقال الأنبا بوليوس الأسقف العام لكنائس مصر القديمة، أنه رغم خطورة الأزمة التى يتعرض لها الإخوة الأقباط، في مصر إلا أن تصريحات البابا تواضروس، كانت في محلها، حيث أن البعض أراد استثمار الأزمات لخدمة الخارج ، وتأليب الرأى العام العالمى ضد مصر، وتصويرها على أنها غير قادرة على حماية الأقباط، وتعرضهم لعمليات تهجير قصرى، خاصة بعد الأحداث الماضية في العريش، هذا بخلاف التناول الإعلامى الخاطئ للأزمة سواء على مواقع التواصل الاجتماعى، أو حتى على وسائل الإعلام الخارجية، التى تفتقد إلى كثير من الحقائق.
وأكد بولس، على أن مصر لا تعرف أقباطا أو مسلمين، ولا تعرف التفرقة بينهم، فهم المكون الأساسى للنسيج المصرى المتين، مشيرا إلى أنه لاسبيل للأقباط للجوء للحماية الدولية، بل أن الجميع يعمل لمصلحة مصر ودعمها في حربها على الإرهاب، موضحا، أن العالم أجمع يعلم مدى الالتحام والقوة الوطنية بين كافة القطاعات والأطياف في مصر.
قانون بناء وترميم الكنائس
وفي سياق متصل، قال سوس فهمي، أحد مسؤولي كنيسة الأنبا أنطونيوس، إن من ضمن الإنجازات التي تحسب للنظام في تعامله مع ملفات الأقباط، هو العمل على سرعة إصدار قانون ترميم وبناء الكنائس، مشيرا إلى أن الأقباط لا يريدون بأى شكل التدخل الأجنبي في شؤونهم في مصر، مضيفًا أن بيان الكنائس المصرية، حينما رفضت طرح أحد أعضاء مجلس النواب الأمريكى، مشروع قانون خاص بترميم الكنائس القبطية فى مصر، تحت عنوان "قانون المساءلة المتعلق بالكنائس القبطية"، قائلاً "أقباط مصر أنهم يرفضون الوصاية، وهم جزء من نسيج الشعب المصرى".
الحماية الأمنية للكنائس
كما أشار فهمي، في تصريحات خاصة، إلى دور الدولة في حماية الكنائس، ونشر القوات الأمنية والشرطية حولها، خاصة بعد أحداث كنيسة العباسية، لافتًا إلى أن البابا تواضروس أراد من تصريحاته لميركل توضيح الصورة الحقيقية للأقباط في مصر، ورفضهم للتدخل الأجنبي بأى شكل.
إنشاء بيت العائلة
وفي سياق متصل، أكد الأنبا آرميا، عضو المجمع المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، خلال مؤتمر "الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل"، على الدور الكبير الذي يقوم به الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، لتفعيل دور المواطنة حرصًا على رفعة الوطن والعيش في سلام، ومن هذه المبادرات إنشاء فضيلة الإمام لبيت العائلة المصرية فى 2011، بهدف الحفاظ على النسيج المجتمعي وإرساء أسس التعاون بين أبناء الوطن الواحد.
وأشار آرميا، إلى أن كل إنسان يملك الحق في العيش بحرية دون المساس بحريات الآخرين، مضيفًا أنه في ظل انتشار موجات الإرهاب يجب على العالم التكاتف للتصدي لهذه الآفة من خلال التصدي الفكري الذي يعتبر أهم الوسائل التي تقضي على هذه الآفة التي طالت الكثير من دول العالم.