"التعرف على الأشخاص
الذين يمثلون خطراً على المجتمع وتحليل الآراء المختلفة التي من شأنها التطوير الدائم
للمنظومة الأمنية بالوزارة".. هكذا علقت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، منذ
أيام، حول قرارها بشأن عدم قبول دعوى تطالب بوقف مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي.
ورفضت المحكمة قبول الدعوى
المقامة من مصطفى حسين حسن، التي تطالب بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزارة الداخلية بإجراء
الممارسات المحدودة رقم ٢٢ لسنة ٢٠١٣ المسماة بمشروع رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل
الاجتماعي، واختصمت الدعوى التي حملت رقم 63055 لسنة 68 قضائية، كلاً من وزير الداخلية
وآخرين بصفتهم القانونية.
وقالت المحكمة، إن وزارة
الداخلية أعلنت عن مشروع رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي، وفقاً لأحكام
قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998، ذكرت فيه أن هدف المشروع هو استخدام
أحدث إصدارات برامج نظام رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي.
وكانت قد أوصت الدائرة الثامنة
لهيئة مفوضي الدولة، بمحكمة القضاء الإداري، في مجلس الدولة، برئاسة المستشار منصور
حمزاوي، بتأييد قرار وزير الداخلية بإجراء الممارسة المحدودة المسماة بمشروع رصد المخاطر
الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي.
وأكد تقرير الهيئة الذي
أعده المستشار أحمد سمير أبو العيلة، مفوض الدولة، على أن وزارة الداخلية أصدرت كراسة
شروط لإجراء ممارسة محدودة برقم ٢٢ لسنة ٢٠١٣/٢٠١٤ تحت عنوان مشروع رصد المخاطر الأمنية
لشبكات التواصل الاجتماعي، وفقا لأحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم ٨٩ لسنة
١٩٩٨، وجاء في كراسة الشروط، أن هدف المشروع هو استخدام أحدث إصدارات برامج نظام رصد
المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي، والتعرف على الأشخاص الذين يمثلون خطراً
على المجتمع وتحليل الآراء المختلفة التي من شأنها التطوير الدائم للمنظومة الأمنية
بالوزارة.
وأضاف التقرير، أن المدعى
يرى أن هذا القرار من شأنه المساس بحزمة من الحقوق والحريات، التي كفلها الدستور كحرية
التعبير والحق في الخصوصية وحرية تداول المعلومات، إلا أن الدستور، وإن كان قد كفل
هذه الحقوق والحريات، إلا أنها مشروطة بعدم تجاوز حدود المشروعية أو المساس بالأمن
القومي أو النظام العام، فهذه الحريات شأنها شأن أي حرية أخرى كفلها الدستور ليست مطلقه،
ولا تستعصى على التنظيم الذى يقتضيه صالح المجتمع.
وأضاف التقرير، أن فرض الرقابة
على مواقع التواصل الاجتماعي، يعتبر نوعا من أنواع تقييد الحريات للأشخاص بمقتضي إجراء
احترازي، موضحا أن حفظ الأمن يمكن تطبيقه بطرق عدة من قبل قوات الأمن، بعيدا عن مراقبة
مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن هذا التقييد سوف يستخدم سلبا ضد من تريد الحكومة
معاقبته بسبب أي مشكلة، أي أنه يمكن أن يستخدم لتصفية الحسابات.
وارتبط بزوغ مواقع التواصل
الاجتماعي وانتشارها عالميًّا بتعزيز قيم الحرية والتواصل والحق في التعبير، وهو الارتباط
الذي تأكد مع استخدامها في دعم حركات الرفض والاحتجاج، وتداول المعلومات، وكسر قيود
الحجب والحظر، وفضح ممارسات الفساد، وغيرها من الاستخدامات التي جعلت من الحديث عن
مراقبة محتوى مواقع التواصل الاجتماعي أمرًا مثيرًا للقلق والمخاوف.
وقال الدكتور خالد شريف
خبير الاتصالات، إن الدولة تعي جيدا حجم التحديات التي تواجهها، وخاصة مع انتشار
الجماعات الإرهابية، وتناقلها المعلومات عبر مواقع التواصل، مما جعل من مراقبتها
ضرورة حتمية، للقضاء بشكل كامل على الاستخدامات غير القانونية وغير المشروعة، على
حد وصفه.
وتابع شريف في تصريحات خاصة،
لـ"أهل مصر"، أن تطبيق الرقابة ليس بالأمر السهل، نظرا لتشديد التحكم
بتلك المواقع من المسؤولين على مواقع التواصل، إلا أن التقنيات الجديدة ومع وجود
بعض الثغرات سيسمح للأجهزة الأمنية، الدخول للحسابات الشخصية للمستخدمين، كما
يمكنها من التعرف على المعلومات المتداولة عبر الشبكات المختلفة، مستكملا
"سيخفف من العبء على الأجهزة الأمنية في الكشف عن العناصر الإجرامية".
وقال الناشط الحقوقي سعيد
عبد الحافظ، إن الرقابة على مواقع التواصل، من شأنه وضع عراقيل أمام حرية الرأي بل
يقضى عليها بشكل كامل، مشيرا إلى أن الدول التي تطبق مثل هذه التقنيات، تقتصر دورها
على الشخصيات السجلة على قوائم الإرهاب، أو التي صدر بحقها أحكام جنائية، دون المساس
بحرية الآخرين، أو العبث بمعلوماتهم الشخصية.
وتابع عبد الحافظ في تصريحات
خاصة، أن القرار ينافي كافة الحقوق التي أقرتها منظمات حقوق الإنسان، ومن شأنه
التدخل في خصوصية الأخرين حتى لو لم يثبت عليهم أي تهم، أو لم يسبق وضعهم تحت
قوائم المطلوبين، مؤكدا أنه سيسمح بفتح مجالا للظلم والخلط في الأوراق، كما أنه
يمكن الأجهزة الرقابية من الدخول للرسائل الشخصية للمستخدمين وهذا أمر مرفوض
تماما.
وأكد نائل الشافعي، المتخصص
في مجال الاتصالات ومؤسس موسوعة المعرفة، أن حرية الرأي والتعبير لا بد من
تنظيمها، ووضعها تحت رقابة الدولة، في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها، نظرا
لانتشار المخططات الإرهابية عبر وسائل التواصل، مستكملا" الإرهابيين استخدموا
وسائل التواصل لأغراضهم الإرهابية"، من بينها، تجندي عناصر شبابية عن طريق
الفيديوهات التي يتم بثها على شبكات التواصل دون رقابة، كما أنها تعد طريقا آمنا
لهم لعقد لتحديد توقيتات الأعمال الإرهابية، والتخطيط المستمر لزعزعة أمن واستقرار
الوطن.
وتابع الشافعي، في تصريحات
خاصة، أن التقنيات الجديدة ستمكن الأجهزة الأمنية من فرض رقابة بمواقع التواصل
الاجتماعي، مشيرا إلى أن هناك طرق ووسائل كثيرة لمراقبة مواقع التواصل ولكنها مكلفة،
وذلك بتأسيس ما يسمى بـ"بروكسي سيرفر" ما يتيح للدولة مراقبة المعلومات التي
يطلع عليها المواطنين، بمجرد إدخالها الرقم المتسلسل له، كما أنها يعمل على تمرير المعلومات
على السيرفر بمجرد تداولها عن طريق المواطن.
ويرى الشافعي، أن الدولة
تستطيع أن تراقب الصفحات العامة وليس الرسائل الخاصة، فاذا تمت الرقابة على مواقع التواصل
الاجتماعي ستكون الدولة على علم بما ينشره المواطن عبر الشبكات العامة، مشيرا إلى أن
مصر يمكن أن تعتمد على ما تعتمد عليه الدول الأوربية بمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي
من خلال الكلمات المفتاحية للبحث وذلك بالتعاون مع محركات البحث تابع للدولة.