"الغائب الحاضر، الأساسي الفرعي، الطبقي المهمش، المستدير المستطيل، الغني بالحديد وأحيانًا بالمسامير، صانع النجوم وهادم الأنظمة، قاتل ماري أنطوانيت، صانع السياسات وجامع الطوابير، القاتل النذل، واهب الحياة وأحيانًا سالبها"، هل عرفتم ما هو؟، إنه "رغيف الخبز".. هكذا وصفته الصحف المصرية في أعقاب ثورة يناير، نظرا للأزمات المتلاحقة التي واجهتها منظومة الخبر في مصر على مدار سنوات عدة خاصة قبل الثورة، وحتى الآن.
الأزمة في مضمونها، تتعلق برؤية القائمين على المنظومة، وسبل الإدارة، التي طالما أصابتها نار التخبط، وعدم اتزان المفاهيم، فمع كل قرار يتخذه المسؤولين عن المنظومة، تنشأ أزمة جديدة، إلا أن الأمر الآن يختلف شكلاً وموضوعاً، فمع تزايد الأعباء الاقتصادية، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، أصيب المواطنين بطعنة وزير التموين الجديد "القديم"، بقرار خفض حصة الخبز بالكارت الذهبي.
وكان الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين، أصدر قراراً، بخفض حصة الخبز الذي كان يصرف بالكارت الذهبي لمفتشي التموين بواقع ألفي رغيف عن كل مخبز إلى 500 رغيف فقط.
"علي المصيلحي".. لم يكن يتوقع أن أزمة الخبز ستظل الصداع الذي لا يفارق رأسه، فمنذ سنوات، وعندما كان وزيرا للتضامن في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، والتي كانت تضم قطاعا للتموين، تزايدت أزمة "رغيف الخبز" حتى وصل الأمر لسقوط ضحايا من مختلف المحافظات سبيلا للحصول على "الرغيف".
_ شهداء الخبز
شهد عهد المصيلحي عند توليه مهام وزارة التضامن عام 2005، العديد من الإخفاقات، وعلى رأسها "شهداء الخبز في مصر"، حيث شهد عهده أكبر وأشد أزمات الخبز، سقط خلالها العشرات ما بين قتيل وجريح، أطلقت عليهم وسائل الإعلام "شهداء الخبز"، في مشاجرات بين المواطنين الذين نال منهم الإعياء مبلغه من طول وقوفهم في الطوابير التي كان يصل طولها أحيانا إلى عشرات الأمتار.
ووصلت حدة الأزمة في عهد المصيلحي لدرجة دفعت الرئيس المخلوع، محمد حسني مبارك، إلى مخاطبة جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، ووزارة الداخلية، في مارس 2008 للتدخل في مجال إنتاج الخبز لسد حاجات المواطنين.
_ تهريب الدقيق
إخفاقات المصيلحي في الوزارة جعلته يقوم بإعطاء المحافظين الحق في تحديد حصص الدقيق للأصحاب المخابز، ما جعلهم يقومون ببيع الدقيق في السوق السوداء وتحقيق مكاسب طائلة.
_ أزمة الأنابيب
لم تكن أزمة الخبز هي الوحيدة في عهد المصيلحي، لكن لحق بها أزمة أنابيب البوتاجاز ليصل سعرها في عام 2010 لما يتراوح بين 30 إلى 50 جنيها مقارنة بـ 3 جنيهات سعرها الرسمي، ما أدى إلى اشتعال غضب الأهالي وقيامهم بالاستيلاء على سيارات نقل الأنابيب.
_الكارت الذهبي
فكرة العمل بالكارت الذهبي، كانت خطة المصيحلي في بداية عهده، عند توليه مهام وزارة التضامن في نهاية ديسمبر 2005، فعمل على تطوير قطاع التموين والرقابة والتوزيع والدعم أيضا، حيث بدأ في استخراج بطاقات التموين الذكية للمواطنين وقام بتطبيقها لأول مرة في محافظة بورسعيد كمرحلة أولى وبالفعل نجحت المنظومة.
إلا أن المصيحلي، حولها من خطة ناجحة، لأزمة حقيقية، وعليه اشتعلت نار الغضب في المحافظات، ووقعت مشادات ومشاجرات أمام مكاتب التموين بين الموظفين والمواطنين، الذين يحصلون على الخبز المدعم، وتسببت في حالة احتقان وغضب ومشادات أمام مكاتب التموين، ووصف المواطنون القرار الذي يقضي بتخفيض حصة المواطن اليومية من 5 أرغفة إلى 3 أرغفة ورغفين بـ"الكارثة".
فيما قطع عدد من المواطنين الطريق في محيط موقف الشادر بمدينة أسيوط احتجاجا على قرار "المصيلحي" وتسبب في تعطل حركة المواصلات.